اتهم النائب العراقي علي كردي الحسيني بعض الوزراء بتسييس وزاراتهم واعتبر ان تنفيذ قانون المساءلة والعدالة لاجتثاث البعث خاضع لاعتبارات جهوية.

النائب علي كردي الحسيني

بغداد: اتهم النائب علي كردي الحسيني في حديث لـ quot;إيلافquot;، رؤساء مؤسسات الدولة بالقيام بأعمال تسييس لهذه المؤسسات، بهدف وضعها في خدمة القوى والأحزاب التي ينتمون إليها، وليس في خدمة الوطن.


يقوم الوزراء بتغيير كل ما بقي في وزاراتهم من العهد السابق... ما هو رأيكم بهذه الممارسات؟

إذا تكلمنا بالإجمال وليس عن وزارة معينة، نعم هناك كثير من التغييرات في كل وزارة. أغلب الوزراء يجرون لدى مباشرتهم في وزاراتهم، بعض التغييرات منطلقين من الرغبة في تعيين شخصيات مقربة من الحزب او الجهة التي ينتمي إليها الوزير، وهذه الأمور شهدتها الكثير من الوزارات العراقية وهي إجراءات لا تنم عن مسؤولية أو توجه لبناء دولة.


إلى اي مدى تعتقد ان هذه الممارسات تمنع العراق من بناء دولة مؤسسات؟

الكل يدعو إلى بناء دولة المؤسسات ولكن واقع الحال لا يشير إلى ذلك. هناك تسييس لدوائر الدولة العراقية لأن الوزير عندما يستلم مهامه يجير وزارته لصالح الجهة والحزب الذي ينتمي إليه، فهو يعتبر أن هذه الوزارة أساس وقاعدة وانطلاق وعمل وتوسع لبناء كتلته او حزبه. وهذه الإجراءات لن تقود إلى بناء دولة او إلى بناء مؤسسات. وهذه الظاهرة لا أعممها على كل وزارات الدولة العراقية لأن البعض منها يسير باتجاه البناء وتحقيق الكثير من المكاسب، ولكن لا يزال هناك الكثير من الإجراءات التي لا تصب في مصلحة بناء دولة المؤسسات.

هل تعتقد أن هناك غياب لدور الدولة في الحد من هذه الممارسات؟

لا يمكن القضاء على هذه الظاهرة في الوقت الحاضر، ولكن إذا وصلنا إلى نضج سياسي يرى أن التنافس هو إجراء سليم، ويجري على أسس رصينة، وفق مبادئ ديمقراطية، سنتخلص من استخدام السلطة كوسيلة للضغط على الآخر، ونتنافس على أساس البرامج. وهذه القضية تحتاج إلى وعي الكتل السياسية، بحيث لا تكون الإدارات والوزارات ومؤسسات الدولة العراقية عبارة عن وسائل لتحقيق مكاسب جهوية أو للضغط على الآخر وإسقاطه. وما يحصل اليوم هو أقل بكثير مما حصل في الماضي وما سيحدث غدا سيكون أفضل.

نحن متتفائلون بمستقبل العراق وبأنه سيسير نحو دولة المؤسسات، ولكن ما زالت هناك الكثير من الأخطاء، واذا ما تخلصنا من التجاذبات السياسية والكتلية فستتخلص الوزارات العراقية من هذا التنافس، ويتم اختيار الوزير على أساس الكفاءة والمهنية، خاصة وأن هناك وزارات عراقية تتولاها شخصيات لم تتصرف من منطلقات شخصية أو حزبية أو جهوية بل تتعامل بمبدئية وبمهنية بنسبة جيدة جداً.

إلى أي مدى تعتقد أن المؤسسات التعليمية خاضعة للمحاصصة والجهوية وماهي إلاجراءت المتخذة لدرء هذه المخاطر؟

القضية قضية قانون ويجب أن لا يكون هناك إفراط في تطبيق القانون، وإن كنا محكومين بمجموعة من الإجراءات والقوانين العراقية السائدة، ومنها قانون المساءلة والعدالة وغيرها، والتي من الممكن تطبيقها في المؤسسات الجامعية وفي كل مؤسسات الدولة العراقية. يجب أن نتعامل بمهنية مع مؤسسة تتعامل مع الفكر والعقل، كوزارة التعليم العالي ووزارة التربية. فنحن نعمل على مستقبل بلد، ونتعاطى مع عقول وبالتالي يجب أن لا يتقيد الفكر في هذه المؤسسات بشعارات، ولا يجب ان يفسح المجال لأن تكون هذه المؤسسات ساحة للصراعات الجهوية أو الفكرية، وإنما يجب أن يكون التنافس حتى على مستوى الفكر، شرط أن يكون على أسس سليمة وأن لا يكون منهجا لإيذاء الآخرين .

عملية اجتثاث الأكاديميين في المؤسسات التعليمية تفسر على انها ممارسة طائفية، فماهو رأيكم؟

من المعلوم أن كل وزير مسؤول عن أداء وزارته وبنائها استراتيجيا، فهو عليه واجب تهيئةالوسائل والسبل لهذه المؤسسة، كي تكون فاعلة، ومن حقه حسب الصلاحيات الممنوحة له وفق الدستور والقانون، كما عليه أن يهيئ لهذه الانتقالات والتحركات الإدارية إذا ما رأى أن هذه التغييرات من شأنها أن ترفع من الواقع التعليمي أو واقع تلك المؤسسة. وبالتالي فإن ما صرح به وزير التعليم العالي بأن كل التنقلات والإجراءات كانت في صالح المؤسسة التعليمية، كان على اعتبار أن الفترة الماضية تخللها الكثير من الخلل، وفيها الكثير من الشخصيات غير المؤهلة لهذه المواقع وبالتالي فإن هذه الإجراءات لا تنطلق من توجهات طائفية أو فئوية ولكنها تنطلق من الحرص على بناء مؤسسة تعليمية قوية.

إلى اي مدى تعتقد ان قانون الاجتثاث ينفذ بإنتقائية ؟

هناك أمران: الأمر الأول ان من صلاحيات الحكومة العراقية استثناء بعض الشخصيات من الاجتثاث لضرورات مهنية تحتاجها الدولة، وربما يكون هذا مدخل إلى استثناء الكثير من الشخصيات إذا كان على أسس مهنية وحاجة فعلية لهذه الطاقات. وبالتالي يكون هناك ضرورة لاستثناء هذه الشخصيات باعتبارها أدوات لبناء البلد والعملية التربوية، ولكن لا زالت الآثار الجهوية تلقي بظلالها على كل القوانين بما فيها قانون المساءلة والعدالة وربما نجد شخصا غير مؤهل في موقعه ولكنه تولاه عبر توافق سياسي أو صفقة سياسية.

هل تعتقد ان هناك خطورة على المؤسسات التعليمية من بعض الشخصيات المشمولة بقضية المساءلة والعدالة لاجتثاث البعث؟

بكل تأكيد. اليوم ساحة الفكر مفتوحة وبإمكان الإنسان أن يتلقى الكثير من الأفكار أكان في المؤسسات التعليمية أو خارجها، وهو من يختار ما هو مناسب وفق متبنياته العقلية، وإرادته وبيئته والأسس التربوية التي انغرست في ذهنه منذ البداية وبإمكانه أن يختار الأفضل، أما المنع فليس جائزاً.هناك تنافس فكري في كل بلدان العالم والإنسان حر في اختيار الفكر الذي يراه مناسباً لذا ليس هناك خشية أو خوفاً من غرس أفكار سلبية في نفوس المواطنين لأن العقل العراقي لديه من الحصانة ومن سعة الفكر ما يختار فيه الأصلح لبلده. نحن لسنا مع الاحتكار الفكري .

قضية الاجتثاث تشكل تداعيات سلبية على البلد .. كيف يجب تجنب ذلك؟

هناك سلبيات وإيجابيات لكل قرار، وبالتالي إذا كانت الايجابيات هي الغالبة ومصلحة البلد متحققة في هذا القرار، فيمكن القبول به برغم وجود بعض الإشكاليات فيه. وإضافة إلى ذلك نحن تعودنا ان يحصل الكثير من الصخب حول كل قرار. أما إذا كان القرار ذا أسس بعيدة عن المهنية او نتيجة لخلافات شخصية أوفكرية او مضراً ببناء المؤسسة فلا يمكن قبوله.

جميع القوى السياسية تنادي بالمصالحة الوطنية .. ولكن ألا تعتقد أن قضية الإجتثاث تتنافى مع مبادئ هذه المصالحة ؟

المصالحة لا تعني عدم بناء المؤسسة ولو وجدنا شخصا معينا يمكن أن يسيء إلى أي مؤسسة من مؤسسات الدولة أكانت تربوية أو أمنية، يتم نقله إلى مكان اخر، فأن في هذا مصلحة عامة بشرط أن تكون هذه العملية مدروسة وبعيدة عن كل الدوافع الشخصية التي يمكن ان ترتب أثارا سلبية على المجتمع.