القاهرة: اعتبر مصدر دبلوماسي عربي رفيع المستوى أن طلب تركيا بشكل واضح ومباشر من الرئيس السوري بشار الأسد التنحّي quot;مؤشر في غاية الأهميةquot; إلى قرب اتخاذ إجراءات دولية حاسمة ضد سوريا.

وقال المصدر لوكالة quot;آكيquot; الإيطالية للأنباء quot;طلب تركيا من الرئيس الأسد التنحّي، يحمل بعداً أكبر من المتوقع، وهو مؤشر جدّي في غاية الأهمية على وجود إجماع دولي غير معلن على ضرورة التحرك لوقف الحملة القمعية التي يقوم بها النظام السوري ووضع حد لهاquot;.

وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان قد دعا اليوم (الثلاثاء) الرئيس السوري بشار الأسد إلى التنحّي quot;حتى لا يُراق المزيد من الدماء، وحتى لا تتسبب في مزيد من الظلم ومن أجل سلامة الناس والبلاد والمنطقةquot;.

وأضاف المصدر quot;تركيا هي أول بلد إقليمي ومجاور لسوريا يطلب من الأسد التنحّي، ويعتبر هذا التصعيد من الجانب التركي رسالة من المجتمع الدولي إلى سوريا بأن الوقت قد نفذquot;.

ويتحدث ناشطون ميدانيون ومعارضون سوريون عن اشتباكات عنيفة تجري كل يوم بين جنود منشقين من جهة وقوات الأمن والجيش من جهة أخرى، ويشيرون إلى أن المئات من ضباط الجيش السوري فرّوا إلى تركيا خصوصاً، ويطالب الضباط المنشقين تركيا بإنشاء منطقة عازلة وآمنة تتجمع فيها القوات المنشقة، لتنطلق منها للقيام بعمليات عسكرية تكون مقدمة لفرض حظر جوي على سوريا.

سعت الجامعة العربية إلى إبعاد شبح تدويل الأزمة السورية، ولو مؤقتاً، وقررت تعليق مشاركة سورية في اجتماعات الجامعة ومؤسساتها إلى حين تنفيذها بنود المبادرة العربية كاملة، ورفضت سوريا استقبال بعثة مراقبة أقرّتها الجمعة تتألف من 500 مراقب مجني وعسكري.

رغم موقف تركيا المُعلن المؤيد للشعب السوري وثورته في مواجهة آلة قمع النظام السوري، والتصريحات المتكررة لكبار المسؤولين الأتراك المنددة بسياسة القيادة السورية، والتي رأت أن شرعية النظام السوري أصبحت موضع شك، إلا أن المعارضة السورية مازالت تعتبر موقف الجارة الشمالية ملتبساً وضبابياً، وتقول إن تركيا تتكلم كثيراً وتفعل القليل، ويتأرجح موقفها صعوداً ونزولاً.

ولم تطالب تركيا سابقاً الأسد صراحة بالتنحّي، رغم أنها صعّدت موقفها تجاه سوريا منذ الأسابيع الأولى لانطلاقة الثورة السورية، قبل أكثر من ثمانية أشهر، وأعلنت مراراً على لسان رئيس وزرائها رجب طيب أردوغان أن quot;صبرها قد نفذquot; من تصرف السلطات السورية، وبررت اهتمامها الخاص بالأحداث في سوريا بأن المشكلات في سوريا quot;مسألة تركية داخليةquot;، لوّحت أخيراً بأنها ستفرض عقوبات على النظام السوري، لأنه quot;لا يتقن سوى لغة العنفquot;، كما أعلن أردوغان أخيرًاً أن لديه مخاوف من أن quot;اشتباكات طائفية قد تنفجر في سوريا، ويمكن أن تُقسّم البلادquot;، ولعبت تركيا دوراً مهماً في إقناع الاتحاد الأوربي والإدارة الأميركية بتصليب مواقفها من الحدث السوري.

وفي نهاية آب/أغسطس الماضي، قالت تركيا إنها اعترضت سفينة شحن كانت تنقل أسلحة إلى سوريا، وأكّدت على أنها ستفعل ذلك مع كل شحنات الأسلحة المرسلة إلى سوريا، وأعلنت فرض حظر جوي وبحري على شحنات الأسلحة الذاهبة إلى سوريا.

أرفقت تركيا مخاوفها بدعم المعارضة السورية، وبدأت باستضافة اجتماعات ومؤتمرات للمعارضة السورية ودعمتها سياسياً، ومن أبرزها اجتماع إسطنبول في الأسبوع الماضي، الذي نتج منه تأسيس المجلس الوطني السوري، الذي يضم طيفاً مع المعارضة السورية، وخاصة المقيمة في الخارج، وصارت تركيا في الواقع الأرض الصلبة التي تتحرك فوقها المعارضة السورية.

يقول معارضون إن الأجواء الدولية لا تعطي فرصة لتدويل الأزمة، وروسيا ستبقى متمسكة باستخدام الفيتو في أي محاولة جديدة لإعادة الملف السوري إلى مجلس الأمن الدولي، وحتى الأتراك ليس بمقدورهم الدخول وحدهم في مواجهة مفتوحة مع سوريا وإيران، ولن تتحمل الولايات المتحدة وحدها نتائج شنّ هجوم عسكري على سوريا، لكنهم في الوقت نفسه يخشون أن ينتقل الملف السوري إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) بدلاً من الأمم المتحدة، حيث الخيار العسكري بيد أوروبا والولايات المتحدة وحلفائهما، ولن يفيد الـ (فيتو) الروسي.