يجمع العديد من الخبراء والقانونيين، الذين تحدثوا لـquot;إيلافquot;، على أن البرلمان المقبل في مصر سيكون بلا سلطة فعلية، فمثلاً لن يكون من حق البرلمان تشكيل الحكومة أو حتى السماح للنائب بسؤال الحكومة وتقديم الاستجوابات.


شكوك حول صلاحيات البرلمان المصري المقبل

القاهرة: يسود جدلاً كبيراً الشارع المصري وخبراء القانون الدستوري بشأن عدم مستقبل البرلمان المقبل، وعدم امتلاكه الكثير من السلطات، سوى تشكيل لجنة صياغة الدستور فقط، حسبما جاء في المادة (33) من الإعلان الدستوري، والتي لم تحدد العلاقة بين السلطة التشريعية والتنفيذية، وحق النائب في تقديم مساءلة، وطرح الثقة للحكومة، كما نص عليها دستور( 71 )، كما تفجّرت إشكالية دستورية أخرى متمثلة في أن البرلمان المقبل لن يستطيع تشكيل الحكومة، ولن تكون للغالبية تحت القبة سلطات تشكيل الحكومة أو حتى المشاركة فيها.

وكان اللواء ممدوح شاهين، مساعد وزير الدفاع المصري للشؤون القانونية، وعضو المجلس العسكري الحاكم في مصر، فجر مفاجأة بتأكيده على أنه لا يحق لمجلس الشعب المقبل سحب الثقة من الحكومة الحالية، أو إقالتها، أو اختيار أعضاء الحكومة المقبلة، وذلك طبقاً للإعلان الدستوري، الذي ينص على أن تشكيل الحكومة من سلطات رئيس الجمهورية، لأن النظام المصري رئاسي برلماني، دستورياً وقانونياً، وليس برلمانياً فقط، وقال: quot;سلطات رئيس الجمهورية في الإعلان الدستوري ضعيفةquot;.

حول حقيقة هذا الأمر، يؤكد الدكتور المستشار سيد حسين، خبير القانون الدستوري لـquot;إيلافquot; أن البرلمان المقبل، ليس من سلطاته تعيين الحكومة وسحب الثقة، ولن يكون من حق الغالبية تشكيل الحكومة، كما يتراءى لجميع التيارات السياسية، والسعي إلى الحصول على الغالبية، حيث إن المجلس العسكري حافظ في الإعلان الدستوري على سلطات رئيس الجمهورية نفسهافي النظام الرئاسي.

ففي الفقرة السابعة في المادة (56) من الإعلان الدستوري يرد أنه يحق للمجلس العسكري تعيين رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم وإعفاءهم من مناصبهم؛ وبالتالي فالغالبية لن تستطيع تشكيل الحكومة، إلا بعد انتظار الدستور الجديد، وتبيان النظام الحاكم للبلاد هل سيكون رئاسياً؟، واستمرار تحكم الرئيس المنتخب في تعيين الحكومة أو أن الاختيار سيكون للنظام البرلماني، وهو الحالة الوحيدة التي يحق للغالبية فيها تشكيل الحكومة.

مؤكدًا أن مجلس الشعب المقبل من دون صلاحيات وسلطات إلا اختيار اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور، حتى هذا الأمر غير محدد، ويقول: quot;فهل سيكون وفقًا لنسبة ممثلة من الأحزاب في البرلمان؟، وهل ستكون هناك نسبة وتحكم لمن يحصل على الغالبية في البرلمان؟quot;.

مشيراً إلى أن المادة 33 من الإعلان الدستوري، والتي نصّت على أن يتولى مجلس الشعب فور انتخابه سلطة التشريع، ويقرر السياسة العامة للدولة والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، كما يمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، وهذه المادة تعطي سلطات عامة غير محددة التفاصيل، حيث لم تحدد حق النائب في تقديم طلبات الإحاطة والاستجواب، ومساءلة السلطة التنفيذية، وسحب الثقة من الحكومة.

كما اتفق الدكتور معتز الشاذلي، أستاذ القانون الدستوري مع رأي المستشار، مؤكدًا لـ quot;إيلافquot; أن المجلس المقبل للشعب بلا سلطات، وفقاً للإعلان الدستوري، وليس من حق النائب التقدم بسؤال الحكومة وتقديم الاستجوابات، كما إنه ليس من حق رئيس الوزراء تقديم بيان الحكومة أمام النواب.

فالإعلان الدستوري لم يتضمن أي مواد تنظم طبيعة العلاقة بين السلطة التشريعية والتنفيذية كما جاء بدستور(71)، أما ما يتطلب للخروج من هذا المأزق القانوني والدستوري صدور تعديلات جديدة بإضافة مواد جديدة للإعلان الدستوري تنظم هذه العلاقة، ومساءلة ورقابة النائب للحكومة.

كما أكد أن الغالبية المقبة لن تقوم بتشكيل الحكومة؛ فهذا حق مكفول للمجلس العسكري وفقاً للسلطات المتاحة له بالإعلان الدستوري، والذي أعطى له الحق في تعيين الحكومة وإقالتها من دون النظر للبرلمان، كما لا يوجد أي إلزام للمجلس العسكري أو رئيس الحكومة في اختيار وزراء من التيار الذي حقق الغالبية في البرلمان.

وعن قدرة تشكيل الغالبية للحكومة، قال صبحي صالح، عضو لجنة تعديل الدستور لـquot;إيلافquot;، إن الإعلان الدستوري تم وضعه لسير الفترة الانتقالية وفقًا للنظام الرئاسي، الذي كان موجودًا في مصر، بحيث تعطى الصلاحيةللجنة صياغة الدستور الجديد في تحديد النظام الحاكم للبلاد، سواء كان برلمانيًا أو رئاسيًا، ويعطي لرئيس الجمهورية الحق في تعيين الحكومة فقط، وعلى هذا فإن المجلس العسكري يمارس سلطات رئيس الجمهورية نفسها في تعيين وإقالة الحكومة، وليس البرلمان.

مؤكداً أن المادة (33) من الإعلان الدستوري حددت العلاقة بين السلطة التشريعية والتنفيذية، حيث نصت على أن يتولي مجلس الشعب فور انتخابه سلطة التشريع، ويقرر السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، كما يمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية؛ وبالتالي ووفقًا لهذه المادة فإنه يحق للنائب تقديم طلبات الإحاطة والاستجواب، وسحب الثقة من الحكومة، وعلى رئيس الوزراء تقديم عرض بيان الحكومة على البرلمان، فهذه أمورتتعلق بدور الرقابة التي نصت عليها المادة.

وقال الدكتور محمد منصور أستاذ العلوم السياسية لـquot;إيلافquot;، إنه وفقًا لجدول تسليم السلطة في (30 يونيو) المقبل، فالفترة المتبقية من انعقاد المجلس، والانتخابات الرئاسية قليلة جداً، قد لا تستدعي اللجوء إلى تشكيل حكومة جديدة، واستمرار الحكومة الجديدة برئاسة الجنزوري إلى الانتخابات الرئاسية، وهو ما يستدعي عدم دعوة الفصيل السياسي إلى تشكيل الحكومة، ولكن لو لم تسير الأمور وفقًا للجدول المزعوم ولولا حدوث اضطربات في المشهد السياسي؛ مما يضطر إلى تعيين حكومة جديدة، فإن المجلس العسكري سيلجأ إلى تشكيل حكومة، ترعى كل التيارات السياسية الممثلة داخل البرلمان، وهو الحل السياسي، ولن ينظر هنا إلى سلطات المجلس بتعيين حكومة بعيدة عن البرلمان، حيث سيكون ذلك تحديًا، يدخل البلاد في أزمة سياسية، نتيجة رفض البرلمان الحكومة، وسحب الثقة في حالة تعيينها.