الهجوم على السفارة البريطانية في طهران |
باتت إيران أقرب إلى العزلة الدولية، بعد أن قررت بريطانيا إغلاق سفارتها في طهران على أثر الاعتداءات التي تعرضت لها. وقد تزيد هذه العزلة من تعقيد البرنامج النووي الايراني. وتلقت بريطانيا دعماً كبيراً من المجتمع الدولي الذي استنكر الإعتداء.
بيروت: مع قرار بريطانيا بإغلاق سفارتها في طهران بعد أن تعرضت لأعمال التخريب والنهب، وطرد جميع الدبلوماسيين الايرانيين من لندن، يبدو أن إيران باتت أقرب إلى أن تصبح منبوذة على الصعيد الدولي.
العزلة التي تفرض على ايران يمكن أن تزيد من تعقيد الجهود التي تبذلها الحكومات الغربية لوقف طموحات ايران في الحصول على الأسلحة النووية، وفقاً للدبلوماسيين والمراقبين المختصين في الشؤون الإيرانية.
وعلى الرغم من أن السفارة البريطانية في طهران لطالما اتهمت من قبل العديد من الايرانيين بأنها quot;وكر الجواسيسquot;، يقول دبلوماسيون إن خلال الأعوام ال 30 الماضية، لعبت السفارة البريطانية دوراً رئيساً في توفير جسر تواصل دبلوماسي بين ايران والدول الغربية حول برنامجها النووي، في الوقت الذي غابت فيه الدبلوماسية الأميركية بعد توتر العلاقات بين الدولتين.
في هذا السياق، تناولت صحيفة الـ quot;نيويورك تايمزquot; العلاقات الدبلوماسية quot;الحذرةquot; بين طهران وبريطانيا في السنوات الماضية، مشيرة إلى أن وزارة الخارجية البريطانية لم تعلن إغلاق سفارتها في طهران بعد أن أصدر آية الله الخميني فتواه الشهيرة بقتل الروائي البريطاني سلمان رشدي بسبب نشر كتابه quot;آيات شيطانيةquot; في عام 1989.
واعتبرت الصحيفة أن قرار بريطانيابعدم إغلاق السفارة البريطانية في طهران في ذلك الوقت، يعود إلى ضرورة استمرار الاتصالات بشأن برنامجإيرانالنووي، فقررت لندنتقليص العلاقات البريطانية الايرانية إلى quot;أدنى مستوى ثابتquot;، من دون قطعها نهائياً.
لكن اقتحام مجموعة من الايرانيين حرم السفارة البريطانية في طهران يوم الأربعاء، أثار ردود فعل واستياءً دوليا، لم يقتصر على لندن فحسب. فبريطانيا تلقت دعماً كبيراً من المجتمع الدولي الذي استنكر الإعتداء، وبات من الواضح أن دول الغرب مستعدة لفرض المزيد من العقوبات على طهران.
إضافة إلى الدعم القوي من واشنطن، قال وزير الخارجية البريطانيوليامهيغ إنه تلقى رسائل تأييد من روسيا والصين(تملكان حق النقض في مجلس الأمن ومنعتا حتى الآن فرض المزيد من العقوبات على برنامج ايران النووي). وأثنى هيغ على جهود فرنسا وتركيا، التي ساعدت بعثاتها في طهران على إجلاء الدبلوماسيين البريطانيين من العاصمة الايرانية في غضون 24 ساعة من الهجوم على السفارة.
وحذّر بعض الخبراء في الشؤون الايرانية من فرض عزلة دولية على طهران لدرجة تجعلها تتخلى عن الحذر، الأمر الذي قد يؤدي إلى نتائج كارثية على صعيد طموحاتها النووية.
ونقلت الصحيفة عن ايرفاند أبراهاميان، مؤرخ ايراني من جامعة نيويورك، قوله quot;دعونا نأمل ألا تخرج الأزمة عن نطاق السيطرةquot;.
وأعرب البعض عن قلقهم من أن تؤدي ردة الفعل الغربية القاسية تجاه ايران، على خلفية الهجوم على السفارة البريطانية، إلى تقوية شوكة الحركة المتشددة المرتبطة بالمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله علي خامنئي، بمن فيهم أولئك الذين يسيطرون على وحدات سياسية شبه عسكرية مثل الحرس الجمهوري والباسيج، في الصراع على السلطة مع الرئيس محمود أحمدي نجاد.
وقال أبراهاميانإن الكتائب الموالية للخامنئي قررت الهجوم على السفارة البريطانية بعد الأحداث في الأشهر الاخيرة، التي ينظر اليها كثر في ايران على أنها جزء من خطة سرية لتدمير طموحات ايران النووية.
يشار إلى أن أحداث الأشهر الأخيرة شملت اغتيال ثلاثة من العلماء النوويين، وفيروس الكمبيوتر quot;ستكسنتquot; الذي أدى إلى تخريب أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم وانفجار مدمر في قاعدة عسكرية غربي العاصمة طهران قبل بضعة أسابيع أدى إلى مقتل الجنرال الذي صمم برنامج تطوير صواريخ ايران.
في ظل عدم وجود سفارة أميركية في ايران، برزت السفارة البريطانية كـ quot;أهداف واضحةquot; للايرانيين الغاضبين، بعد قرار بريطانيا الشهر الماضي الاستجابة إلى تقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذي يثير مخاوف جديدة حول احتمال استغلال البرنامج لحيازة تكنولوجيا عسكرية نووية.
وأضاف ابراهاميان: quot;بعض قطاعات الحكومة الإيرانية - وخاصة الحرس الجمهوري -كان على علم بهجوم وشيك على مجمع السفارة، ويرجّح أنه غضّ الطرفquot;.
وأعلنت بريطانيا عن قرارها بإغلاق سفارتها بعد 24 ساعة من اقتحام الايرانيين مقرها في طهران، وانتظر وزير خارجيتها حتى عاد جميع الدبلوماسيين من ايران إلى بريطانيا قبل أن يعلن رسمياً عن إغلاق السفارة. ووصف الهجوم بـ quot;الانتهاك الصارخ للمسؤوليات الدولية التي يجب على أي دولة أن تشعر بالخجل منهquot;، ووضع مهلة 48 ساعة quot;غير اعتياديةquot; للسفارة الايرانية في لندن كي تغلق ابوابها ويغادر جميع الدبلوماسيين الايرانيين الاراضي البريطانية.
وانتقد هيغ الحكومة البريطانية، معترفاً بتزايد التوترات بين بريطانيا وايران حول القضية النووية، قائلاً إن بريطانيا كانت قبل كل شيء من دعاة تشديد العقوبات الدولية على طهران بعد تقريرالوكالة الدولية للطاقة الذرية، مشيراً إلى قلق بلاده العميق بشأن البرنامج النووي الإيراني وأبعاده العسكرية المحتملة.
وأضاف: quot;لكن علينا أن نكون واضحين تماماً، فتوتر العلاقات لا يشكل عذراً بأي حال من الأحوال أو تحت أي ظرف من الظروف لعدم حماية الموظفين الدبلوماسيين والمباني الدبلوماسيةquot;.
التعليقات