أعلنت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة سوزان رايس أمام الصحافيين في نيويورك يوم الاثنين الماضي أن تقرير المنظمة الدولية بشأن فظائع قوى الأمن السورية ضد المحتجين يؤكد الحاجة إلى تحرك مجلس الأمن لوقف حملة البطش التي أوقعت أكثر من 4000 قتيل، غالبيتهم محتجون سلميون.


إعداد عبد الإله مجيد: عمل الدبلوماسيون الأميركيون وراء الكواليس في جنيف خلال الأيام التي تلت تصريحات رايس على استبعاد مقترح أوروبي بأن يصدر مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان توصية تدعو مجلس الأمن إلى دراسة تقرير الأمم المتحدة حول انتهاكات النظام السوري وquot;اتخاذ ما يلزمquot; لوقفها، كما أفادت مجلة فورين بولس نقلاً عن دبلوماسيين غربيين وناشطين حقوقيين.

وقال دبلوماسيون غربيون إن المسؤولين الأميركيين أبلغوهم هذا الأسبوع بأنهم لا يريدون قرارًا من مجلس حقوق الإنسان يحيل القضية إلى مجلس الأمن، لأنه سيكرّس سابقة يمكن أن تُستخدم لاحقًا ضد إسرائيل.

وكان مجلس حقوق الانسان اصدر في تشرين الأول/اكتوبر 2009 قرارًا دعا مجلس الأمن الدولي إلى دراسة تقرير غولدستون، الذي انتقد بشدة ممارسات إسرائيل خلال حرب غزة في 2008 ـ 2009. وصدر القرار على الرغم من معارضة الولايات المتحدة، ولكن أعضاء مجلس الأمن الدولي لم يكونوا راغبين في متابعة القضية بجدية.

ويأمل الدبلوماسيون الغربيون باستخدام اجتماع مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان اليوم الجمعة كأداة سياسية لتشديد الضغط على نظام الرئيس بشار الأسد بالتهديد، الذي يخشاه النظام أكثر من أي تهديد آخر، وهو إناطة دور أكبر بمجلس الأمن في معالجة الأزمة السورية. ونقلت مجلة فورين بولسي عن دبلوماسي غربي، طلب عدم ذكر اسمه، أنه سيكون مخيبًا للآمال، ولكن لن يكون مستغربًا أن تتدخل سياسة الولايات المتحدة تجاه إسرائيل لحرف سياستها بشأن اتخاذ أشد الإجراءات حزمًا تجاه سوريا.

لكن مسؤولين أميركيين طعنوا في هذه الرواية، قائلين إنه في الوقت الذي لا يعتقدون أنه من المناسب أن يقول مجلس حقوق الإنسان لمجلس الأمن ما ينبغي أن يفعله فإن واشنطن مع ذلك تؤيد اتخاذ أشد الإجراءات حزمًا ضد النظام السوري. كما يذهب المسؤولون الأميركيون إلى أن الولايات المتحدة تتصدر التحرك الدولي في الأمم المتحدة لمحاسبة مسؤولين في النظام السوري على جرائمهم.

وأشار المسؤولون الأميركيون الى دعم الولايات المتحدة لبيان مجلس الأمن في آب/اغسطس مطالبًا بتقديم مرتكبي أعمال العنف السوريين إلى العدالة، وحشد التأييد لمنع النظام السوري من انتخابه إلى مجلس حقوق الإنسان، وعقد سلسلة من ثلاث جلسات في إطار المجلس لإدانة جرائم النظام السوري والمطالبة بالتحقيق فيها.

وقال الناطق باسم بعثة الولايات المتحدة الى الأمم المتحدة مارك كورنبلاو لمجلة فورين بولسي ان الولايات المتحدة كانت طيلة أشهر في طليعة المطالبين بتحرك مجلس الأمن ضد النظام السوري، وكذلك التحرك وإدانة النظام في هيئات الأمم المتحدة الأخرى، مثل مجلس حقوق الانسان. لكن مجلس حقوق الإنسان لا يستطيع ببساطة أن يحيل قضايا إلى مجلس الأمن، لأنه هيئة تابعة للجمعية العامة.. ومجلس الأمن هو الذي يقرر قضايا السلام والأمن الدولي التي يتصدى لها.

يأتي هذا السجال بعد نشر تقرير فريق أممي لتقصي الحقائق دان ممارسات النظام السوري. وما زال السجال جاريًا في وقت يستعد مجلس حقوق الانسان للتصويت على قرار يدين النظام السوري.

وقالت مجلة فورين بولسي ان مشروع قرار حصلت عليه quot;يدين بشدة استمرار الانتهاكات المنهجية والصارخة على نطاق واسع التي ترتكبها السلطات السورية ضد حقوق الانسان والحريات الاساسيةquot;. ويتهم القرار نظام الأسد بارتكاب quot;إعدامات اعتباطية، والاستخدام المفرط للقوة وقتل وملاحقة المحتجين والمدافعين عن حقوق الانسان والصحافيينquot;.

كما يدعو مشروع القرار النظام السوري الى وقف حملته الأمنية على الفور، والتحقيق في انتهاكات حقوق الانسان في حق قوات الشرطة والجيش والسماح لمراقبي حقوق الانسان من الأمم المتحدة بزيارة سوريا، ويدعو الجامعة العربية وغيرها من اعضاء الأمم المتحدة الى دعم الجهود الدولية الرامية الى quot;حماية سكان الجمهورية العربية السوريةquot;.

وتضمنت مسودة سابقة للقرار اشارة الى المحكمة الجنائية الدولية، حيث اكدت فقرة في الديباجة على quot;اهمية المحاسبة وضرورة إنهاء الإفلات من العقاب، ومحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الانسان، بما فيها تلك التي قد تشكل جرائم ضد الانسانيةquot;، بما قد يستدعي اهتمام المحكمة الجنائية الدولية.

وأُبقي على الدعوة إلى محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات في أحدث نص للقرار، لكن الاشارة الى المحكمة الجنائية الدولية حُذفت بإصرار من الولايات المتحدة، التي ليست عضوًا في المحكمة. ولم يؤكد الناطق باسم البعثة الاميركية مارك كورنبلاو ان الولايات المتحدة منعت إدراج الاشارة، ولكنه قال quot;اننا نستمر في المطالبة بالمحاسبة، ومرة أخرى فإن هذا ليس من مهمات مجلس حقوق الانسان، بل مسؤولية مجلس الأمنquot;.

وانتقد ناشطون حقوقيون موقف الولايات المتحدة. فقالت بيغي هيكس ممثلة منظمة مراقبة حقوق الانسان quot;هيومن رايتس ووتسquot; لمتابعة المفاوضات في جنيف ان على الولايات المتحدة ان تقود الحملة لإدراج هذه اللغة بدلاً من حجبها. وقال لويس دياز ممثل منظمة العفو الدولية في الأمم المتحدة إنه من المهم ان يوصي مشروع القرار الحالي بأن تدرس الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن تقرير لجنة تقصي الحقائق التي اكتشفت ارتكاب جرائم ضد الانسانية في سوريا. واضاف ان على اعضاء مجلس حقوق الانسان الذين يؤمنون بالعدالة الدولية ان يطالبوا بمثل هذا الاجراء.