قادة عراقيون واميركيون والتطلع لمرحلة علاقات ما بعد الانسحاب

انطلقت دعوات عراقية لعدم توقيع أية اتفاقات جديدة مع الولايات المتحدة ما لم تلتزم بإخراج العراق من البند السابع. ووجهزعيم القائمة العراقية ايادعلاوي اتهامات لطهران بمحاولة تصفيته شخصيا مؤكداً انه لن يلبي دعواتها لزيارتها ما لم ترتب علاقاتها مع العراق والعرب.


لندن: فيما انطلقت دعوات عراقية لعدم توقيع اية اتفاقات جديدة مع الولايات المتحدة ما لم تلتزم بإخراج العراق من البند السابع فإن الفراغ الأمني الذي سيخلفه الإنسحاب الاميركي من العراق ومحاولات قوى خارجية في مقدمتها ايران لملئه سيكون على جدول مباحثات رئيس الوزراء نوري المالكي في واشنطن الاثنين المقبل مع الرئيس أوباما فيما وجه زعيم القائمة العراقية اياد علاوي اتهامات لطهران بمحاولة تصفيته شخصيا مؤكداً انه لن يلبي دعواتها لزيارتها ما لم ترتب علاقاتها مع العراق والعرب.

ومن المنتظر ان يجري المالكي مباحثات مع اوباما الاثنين المقبل لوضع ملامح العلاقات بين البلدين بعد إكمال الإنسحاب الأميركي من العراق نهاية الشهر المقبل والانتقال بها من التعاون العسكري إلى التعاون السياسي والدبلوماسي والعلمي والثقافي والتكنولوجي والمالي والتجاري، تنفيذاً لاتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقعة بين البلدين اواخر عام 2008. ومن جهته قال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني إن المالكي وأوباما سيجريان محادثات حول تعميق الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الولايات المتحدة والعراق.

وكان أوباما أعلن في 21 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي أن جميع القوات الأميركية ستغادر العراق بحلول نهاية العام الحالي لإنهاء الحرب الطويلة التي أعقبت غزو العراق عام 2003 . وقال في بيان إلى الامة إنه quot;يقدّر تضحيات وإنجازات كل الذين خدموا في العراق وتضحيات وإنجازات الشعب العراقي لبلوغ هذه اللحظة المليئة بوعد قيام علاقة صداقة أميركية عراقيةquot;.

وترى مصادر عراقية أن زيارة المالكي ستكون فرصة لإدارة أوباما لتأكيد التزامها تجاه العراق من خلال العمل لتنفيذ اتفاقية الإطار الاستراتيجي وتوسيع العلاقات خارج النطاق العسكري بين البلدين كما ستكون مهمة في نفي الادعاءات بأن الولايات المتحدة لم تعد ملتزمة باستقرار العراق أو تركه للنفوذ إيراني. ويعتبر هذا النفوذ من أبرز القضايا التي تشغل الأميركيين في تقييم العلاقات العراقية الأميركية، وهو ما يؤكده الجمهوريون الذين تقدم 10 منهم اعضاء في مجلس الشيوخ وعلى رأسهم العضو الأقدم في لجنة القوات المسلحة لدى المجلس جون ماكين بتوجيه رسالة تطالب بطرح أسئلة على أوباما حول قراره الانسحاب من العراق في هذا الوقت بالذات.

واعتبر الأعضاء أن الإنسحاب من العراق quot;سيعتبره أعداؤنا في الشرق الأوسط وخاصة النظام الإيراني انتصاراً استراتيجياquot;. أما عضو الكونغرس المؤيد أساساً للحرب في العراق ليندسي غراهام فاعتبر أن quot;الإيرانيين يرقصون في شوارع طهرانquot; بسبب فشل التوصل إلى اتفاق عراقي اميركي حول بقاء مدربين اميركيين .

وتقول المصادر ان المالكي سيؤكد لاوباما في ما يخص ملف التدخل الايراني ومحاولة طهران ملء فراغ الانسحاب، عدم وجود مخاوف من حصول تراجع أمني بعد الانسحاب لأن الملف الأمني وإدارته بيد القوات الأمنية العراقية منذ عام 2008 ويبلغه بأنه لا مخاوف من تنامي الصراع الطائفي في العراق بعد الانسحاب. كما سيشدد على استقلالية القرار العراقي وان مصالح العراق وشعبه هي وحدها التي تملي على العراق قراراته. وكان المالكي أكد السبت الماضي قائلاً quot;سوف لن نكون إيرانيين ضد الأميركيين ولا أميركيين ضد الإيرانيين بل نتصرف بما تمليه علينا مصالحناquot; مضيفا ان قرب الدول وبعدها من العراق سيكون بمقدار قربها وبعدها عن مصالح الشعب العراقي.

وعلى صعيد التدخل الايراني في العراق كشف زعيم القائمة العراقية إياد علاوي اليوم الاثنين عن تلقيه دعوات لزيارة إيران مؤكداً أنه لن يلبيها إلا في حال أعربت الأخيرة عن استعدادها لبحث المشاكل العالقة متهما طهران بالسعي لتصفيته شخصياً والقائمة العراقية.

وقال علاوي quot;تلقيت دعوات عديدة لزيارة إيران كان آخرها قبل نحو أسبوعينquot; وأضاف quot;لكني لست على استعداد لتلبية الدعوة بسبب مواقف إيران الحاليةquot;. وأضاف في حديث مع قناة quot;السومريةquot; العراقية سيبث غدا quot;لا أرغب في زيارة طهران لأخذ موقف داعم من الإيرانيين ولا أريد منهم التدخل في القضية العراقيةquot;. وأوضح quot;لم أزر إيران ولن أزورها إلا في حال أعربت عن استعدادها لبحث المشاكل العالقة مع كل من العراق والدول العربية، وإبداء حسن نية بعدم التدخل في شؤون تلك البلدانquot;. وأكد أن هناك خطرا يستهدفه quot;شخصياًquot; ويستهدف العراقية وهو quot;الخطر الإيرانيquot;، مشيرا إلى أن quot;إيران عازمة على أن تنهي العراقية وتصفيها وتصفي رئيسها منذ ما قبل الانتخابات الماضية ولحد الساعةquot;.

وتوجه الولايات المتحدة الأميركية وبعض القوى السياسية العراقية خصوصاً القائمة العراقية اتهامات لايران بالتدخل في الشأن الداخلي العراقي والوقوف وراء غالبية الهجمات والتفجيرات التي تشهدها البلاد من خلال دعمها بعض الميليشيات المسلحة وحتى تنظيم القاعدة فيما تنفي كل من الحكومتين الإيرانية والعراقية الأمر باستمرار.

وبالتزامن مع الانسحاب الأميركي من العراق تخشى الدول الغربية وحتى العربية إضافة إلى بعض الأطراف الداخلية في العراق من أن تهيمن إيران على كافة مفاصل الدولة العراقية منطلقين من هذه المخاوف، من حالة الاصطفاف التي تشهدها المنطقة العربية والتزام العراق إلى حد ما بالمحور الإيراني الداعم لسوريا ورافض للمحور العربي المضاد لها والمدعوم من الغرب.

رفض توقيع أي اتفاق مع واشنطن قبل التزامها بإخراج العراق من البند السابع

دعت القائمة العراقية بزعامة اياد علاوي الحكومة إلى عدم توقيع اية اتفاقات تعاون جديدة مع الولايات المتحدة ما لم تلتزم بمساعدة العراق في الخروج من كامل العقوبات التي فرضها الفصل السابع لميثاق الامم المتحدة على العراق عام 1990.

وأكد مستشار القائمة العراقية هاني عاشور ان أي اتفاق توقعه الحكومة العراقية مع الإدارة الأميركية بشأن التعاون العسكري وابقاء مدربين او قوات اميركية في العراق يعني ان العراق لا يتمتع بسيادة وطنية ما لم يتم خروجه من الفصل السابع. وقال إن الحكومة العراقية عندما وقعت الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة عام 2008 والتي تم فيها تحديد موعد الانسحاب نهاية العام الجاري كانت قد أكدت حينها ان توقيع الاتفاقية هدفه اخراج العراق من بند الفصل السابع ولكن ذلك لم يتحقق. واوضح في تصريح مكتوب تلقته quot;إيلافquot; اليوم الاثنين أن خروج القوات الأميركية من العراق لا يعني عودة السيادة الكاملة للعراق ما دام البلد سيبقى خاضعا للفصل السابع .

ودعا عاشور الحكومة العراقية إلى عدم توقيع أي اتفاق خلال أية مفاوضات مقبلة مع الجانب الأميركي من دون تعهد والتزام بإخراج العراق من بند الفصل السابع وخلال فترة زمنية محددة لكي يتحقق الوفاء بالالتزامات بين البلدين. وأشار إلى أن الاتفاقية الأمنية بين العراق والولايات المتحدة التي يجري الانسحاب في ضوئها واتفاقية الاطار الاستراتيجي للتعاون لم يتم تنفيذ كامل بنودها، داعياً الحكومة العراقية إلى كشف جميع الحقائق لشعبها قبل إجراء أي اتفاق جديد مع الإدارة الأميركية بشأن المدربين والتعاون العسكري ووضع القوات العراقية بعد الانسحاب وإلزام الطرف الأميركي بإخراج العراق من بند الفصل السابع.

وكانت الولايات المتحدة التزمت اثر اجتماع للجنة العراقية الأميركية العليا المشتركة في بغداد الأربعاء الماضي بدعم الحكومة العراقية ومساعيها الرامية إلى حل جميع القضايا المتعلقة بالفصل السابع. واشارت إلى انها كانت قد كرست جلسة خاصة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في كانون الاول/ ديسمبر عام 2010 لوضع حد للعديد من قضايا الفصل السابع التي تعود إلى عهد النظام السابق في العراق وستواصل مساعيها في هذا المجال تنفيذا لاتفاقية الاطار الاستراتيجي الموقعة بين البلدين اواخر عام 2008.

كما بحث نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن خلال زيارته للعراق الخميس الماضي، دعم الولايات المتحدة للعراق في مرحلة ما بعد الإنسحاب الأميركي والعلاقات الاقتصادية والثقافية المستقبلية بين البلدين، حيث اتفقا على إقامة شراكة متينة وعلاقات قائمة على أساس المصالح المشتركة لعدة سنوات. وقد دعا المالكي الولايات المتحدة إلى ضرورة مواصلة دعمها للعراق لاخراجه من عقوبات البند السابع حيث اكد بايدن أن بلاده ستدعم العراق في هذه القضية.

وكان مجلس الامن الدولي فرض عقب غزو العراق للكويت في آب/ أغسطس عام 1990 عقوبات ضمن فصله السابع تضم 13 مادة وفق قراره المرقم 678 الصادر عام 1990 والداعي إلى إخراج العراق من الكويت بالقوة، حيث لا يزال العراق تحت طائلته بسبب بقاء قضية رفات المواطنين الكويتيين الأسرى والمفقودين في العراق والممتلكات الكويتية بما في ذلك أرشيف الديوان الأميري وديوان ولي العهد ومسألة التعويضات البيئية والنفطية والتي لا تتعلق فقط بدولة الكويت بل بدول عربية أخرى وبعض الشركات.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حث العراق العام الماضي على الوفاء بالتزاماته تجاه الكويت، وخاصة قرار مجلس الأمن رقم (833) بشأن ترسيم الحدود للخروج من طائلة أحكام الفصل السابع. كما قرر مجلس الأمن الدولي اواخر عام 2010 إبقاء الحصانة على الأموال العراقية وتمديد إيداع إيرادات النفط العراقية في صندوق التنمية العراقي لدى الأمم المتحدة إلى نهاية العام الحالي وهو ما يعد استمراراً في سياسة فرض العقوبات على العراق بموجب الفصل السابع.