يواجه رئيس الوزراء الروسي، فلاديمير بوتين، ورطة حقيقة، مع استمرار التظاهرات الشعبية المُطالبة بإعادة الانتخابات البرلمانية، التي يشاع أنها شهدت عمليات تزوير واسعة.


بوتين في ورطة حقيقة

يواجه رئيس الوزراء الروسي، فلاديمير بوتين، ورطة حقيقة، في ظل التظاهرات التي تشهدها البلاد الآن، على خلفية الاعتراض على نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والتي يرى كثيرون أنها قد شابتها عمليات تزوير واسعة، وهي المعضلة التي أبرزتها اليوم مجلة التايم الأميركية، بعد لفتها إلى المحاولات التي يبذلها بوتين الآن بغية الرد على حملات منتقديه، بعد وصفهم بالمرتزقة والليبراليين المزوّدين بلحى تيوس.

وقد احتشد يوم السبت الماضي أكبر تجمع للمعارضة الشعبية ضد حكومة بوتين، بعدما نظم عشرات الآلاف من المتظاهرين مسيرات في أنحاء البلاد كافة للاعتراض على نتائج الانتخابات البرلمانية، التي جرت قبل أيام عدة. لكن فلاديمير بوتين، الرئيس السابق والمقبل لروسيا، لم يتمكن من تجاهل هؤلاء المتظاهرين هذه المرة.

وفي تصريحات أدلى بها للمجلة، عقب انتهاء التظاهرات، قال أحد المسؤولين من حزب روسيا المتحدة، الذي يتزعمه بوتين: quot;ندرك أن هؤلاء ليسوا أناسًا صينيين جاؤوا إلى هنا من أجل التظاهر. فهم مواطنون عاديون، وعلينا أن نتجاوب مع مطالبهمquot;.

ومنذ اندلاع موجة التظاهرات يوم الاثنين الماضي، ومسؤولو الحزب والمستشارون المقرّبون من بوتين يعقدون اجتماعات طوارئ في محاولة من جهتهم لإيجاد طريقة يردون بها على تلك المسيرات، لكنهم لم يتوصلوا إلى نتائج إيجابية حتى الآن.

ثم نوهت التايم إلى أن تلك المرة كانت المرة الأولى التي يلتزم فيها الصمت المتحدث الثرثار باسم بوتين، ديمتري بيسكوف، عند سؤاله بخصوص التظاهرات التي شهدتها موسكو قبل بضعة أيام. وقد اكتفى بيسكوف بالقول: quot;لم تصيغ حكومة روسيا موقفها حتى الآنquot;.

هذا وقد حصل انقسام في صفوف الحزب العليا، بعد ظهور فريقين، على حسب ما أوضحه مسؤول حزب روسيا المتحدة. فالفريق الأول، وهو الأكبر، بدأ يطالب بشنّ حملة قمعية سريعة وحاسمة لمنع تنظيم أي مسيرات احتجاجية مستقبلية، واستخدام القوة إذا اقتضى الأمر لوقف تلك التظاهرات.

أما الفريق الثاني، وهو الأقلية، فيرى أن الاحتجاجات سوف تتبدد من تلقاء نفسها، إذا حصل الناس على فرصة للتنفيس عن مشاعر الإحباط التي تراودهم. وقد اتضح جزء كبير من ذلك الأمر في رد الفعل الذي بدر من الحكومة حتى الآن. وفي أعقاب المسيرة التي انطلقت عقب الانتخابات يوم الاثنين الماضي، والتي شارك فيها ما يقرب من سبعة آلاف مواطن في وسط موسكو، صرحت السلطات بتنظيم مسيرة لما يقرب من 30 ألف شخص يوم السبت في جزيرة بنهر موسكفا، القريب من الكريملن.

وقد شارك في تلك الفعالية حوالى 40 ألف شخص، رغم برودة الطقس وتساقط الثلوج بشدة. وقد حمل كثيرون منهم زهوراً بيضاءً، وارتدوا شرائط بيضاءً، وهي رموز لما يصفه المنظمون بـ quot;الثورة الثلجيةquot;.

هذا ولم تعتقل الشرطة أي أحد، رغم ما حدث من تجاوزات، وبالطبع، التزمت الشرطة بالتعليمات، التي يحتمل أن تتغير، إذا لم تتم تسوية المواجهة. وبالنظر إلى المطالب، التي ينادي بها المعارضون، لفتت المجلة إلى أنه من الصعب تخيل الوصول إلى تسوية سريعة. فالمطلب الأول هو أن يتم إلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وأن يجري اقتراع جديدفي كلأنحاء البلاد.

ونقلت التايم هنا عن مسؤول حزب روسيا المتحدة، قوله إن quot;هذا الأمر غير وارد إطلاقًاquot;. وأوضحت المجلة في تلك الجزئية أن إجراء مثل هذا التصويت قد يكلف الحزب حصة الغالبية، التي يحظى بها في البرلمان، والتي حصل عليها بالكاد، رغم التزوير الواضح.

وختمت المجلة بقولها إن حكومة بوتين، من دون أن تكون لها غالبية في البرلمان، قد تواجه ضغوطات دائمة من جانب أحزاب المعارضة المسجلة. كما يحتمل أن تتآكل شرعية بوتين بصورة كبيرة، إذا تم إلغاء نتائج انتخابات الأسبوع الماضي، وهو خطر لا يمكنه تحمّله قبيل انتخابات الرئاسة المقررة في شهر آذار- مارس المقبل.