الرئيس الروسي ميدفيديف ورئيس الوزراء فلاديمير بوتين

أظهرت تحاليل أن نتائج التصويت في البرلمان الروسي، التي أظهرت فوزاً ساحقاً لحزب quot;روسيا الموحدةquot; بزعامة بوتين، بينت وجود شكوك حول أكثر من 14 مليون صوتاً من ضمن مجموع 65.7 مليون من الأصوات المدلى بها. كما إن تحليل نمط الانتخاب كشف عن تلاعب واضح في نتائج الانتخابات.


بيروت:تشير نتائج التصويت في البرلمان الروسي، التي أظهرت فوزاً ساحقاً لحزب quot;روسيا الموحدةquot;، الذي يتزعمه رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين، إلى عملية تزوير واسعة، وفقاً لتحليل صحيفة الـ quot;وول ستريت جورنالquot;.

يقول الخبراء الذين أجروا فحصاً شاملاً للتدقيق بالنتائج الكاملة من الدوائر الانتخابية في روسيا (ما يقرب من 100000 صوتاً)إنها كشفت عنشذوذ إحصائي يتفق مع حصول عملية تزوير انتخابية على نطاق واسع.

هذه المخالفات تلقي ظلالاً من الشك على ما يصل إلى أكثر من 14 مليون صوتاً من ضمن مجموع 65.7 مليون من الأصوات المدلى بها.

حصل رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين، الذي يترأس حزب روسيا المتحدة الحاكم، على حصة كبيرة من الناخبين، أعلى بكثير من 49.3% في الدوائر الانتخابية للبلاد، حيث أفادت التقارير أن الإقبال على الانتخابات أعلى بكثير من المعدل الوطني.

تشير هذه الدينامية في الاقتراع إلى quot;حشو واسعquot; في صناديق الاقتراع، وفقاً للخبراء في رصد تصويت، كما إن تحليل نمط الانتخاب كشف عن تلاعب واضح في نتائج الانتخابات.

التحليل بحد ذاته لا يثبت حدوث تزوير في الانتخابات البرلمانية في روسيا في4 كانون الأول/ديسمبر، لكنه يأتي بعد أسابيع من كشف المراقبين المحليين والدوليين عن حالات فردية عديدة من حشو صناديق الاقتراع وتزوير التصويت وانتهاكات أخرى، ما يؤكد الشكوك حول عدم صحة ودقة نتائج الانتخابات الروسية.

أثارت المخالفات المزعومة غضباً شعبياً تحوّل إلى احتجاجات في الشوارع هي الأكبر منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، في الوقت الذي يتوقع فيه أن تشهد البلاد احتجاجات أكبر يوم السبت المقبل. وتهدد هذه الإدّعاءات بتقويض شرعية حكومته، في الوقت الذي يستعد بوتين للعودة إلى الرئاسة في الانتخابات، التي ستجري في مارس/آذار المقبل.

نفى الكرملين وكبار المسؤولين في روسيا مراراً حدوث عملية تزوير في الانتخابات البرلمانية. وناضل بوتين يوم الثلاثاء لاحتواء تداعيات الاحتجاجات السياسية التي تسعى برأيه إلى زرع بذور عدم الاستقرار.

واستبعد بوتين الخميس أي طعن في نتائج الانتخابات التشريعية، مؤكداً أنها تعكس quot;توزّع القوى في البلادquot;. وأضاف أن quot;المعارضة ستقول على الدوام إن الانتخابات ليست نزيهة، هذه هي الحال أينما كان وفي كل البلدانquot;.

وقال: quot;إنه أمر عادي جدًا أن يعبّر الناس عمّا يجري في البلاد، طالما يظل ذلك في إطار القانونquot;، مشيراً إلى أنه شاهد في صور التظاهرات المتلفزة شبانًا quot;يعبّرون بوضوح عن مواقفهمquot;، مضيفاً quot;هذا يسعدني، إنها نتيجة نظام بوتينquot;. لكنه سخر بعد دقائق من تعبئة المعارضة، مؤكداً أنه ظنّ في مرحلة أولى أن الشريط الأبيض، الذي تحول إلى شعار حركة الاحتجاج، يرمز إلى مكافحة الإيدز.

ويقول مسؤولون في الكرملين إن أي مخالفات مزعومة quot;كانت طفيفة، ولم تؤثر تأثيراً كبيراً على نتائج الانتخابات، متعهدين بفتح تحقيق، ومقاضاة أي مزاعم بالتلاعب بالتصويت.

لم تستجب لجنة الانتخابات المركزية في روسيا لطلبات للتعليق على التحليل الإحصائي، مشيرة إلى أن الانتخابات لم تظهر تلاعباً أو تزويراً، بل عكست ببساطة خصوصيات الثقافة الانتخابية في روسيا.

اعتمد التحليل، الذي أجرته صحيفة quot;وول ستريت جورنالquot;، على برنامج الكتروني يعمل على جمع الأصوات الانتخابية من 95.228 مركزاً انتخابياً فيكل أنحاء روسيا. وكشف تحليل الظواهر الإحصائية، التي عمل الخبراء على دراستها، عن وجود إشارات توحي بتزوير الانتخابات.

واحتشد عشرات الآلاف يوم السبت الماضي، في أحد شوارع موسكو احتجاجاً على نتائج الانتخابات، التي قالت تقارير حقوقية إنها شهدت عمليات تزوير وحشو صناديق. ورفع المحتجّون لافتات تطالب بـquot;انتخابات حرةquot; في محاذاة شارع ساخاروف في موسكو، في الوقت الذي قدرت الشرطة عدد المشاركين بنحو 29 ألفًا، بينما قال المنظمون إن 120 ألفًا شاركوا في الاحتجاج.

ويسعى المحتجّون إلى تصعيد الضغوط على بوتين لتنفيذ إصلاحات جذرية، تشمل النظام السياسي الروسي، الذي يخضع لقيود عديدة، معربين عن رفضهم لاعتزام فلادمير بوتين العودة إلى الرئاسة بعد انتخابات مارس، وبعد 4 سنوات قضاها رئيسًا للوزراء.

وكان عشرات الآلاف قد خرجوا للاحتجاج في مناطق مختلفة من روسيا سابقاً، معبّرين عن غضبهم إزاء ما تردد عن مخالفات بالجملة في الانتخابات، التي منحت حزب روسيا الموحدة، بزعامة بوتين، غالبية أقل مما كان يتمتع بها.

وتعدّ التظاهرات أكبر حشد شعبي في روسيا منذ تسعينيات القرن الماضي، التي شهدت أول بادرة على تحدٍّ متنام لهيمنة بوتين منذ 12 عامًا على البلاد.

ونقلت الـ quot;وول ستريت جورنالquot; عن البرتو سيمبسر أستاذ العلوم السياسية في جامعة شيكاغو، قوله: quot;هذه الإشارت تسمّى أحياناً بصمات الغشّ. فإذا كانت كل الأصوات تصبّ لمصلحة جهة معينة، فهذا يشكل حجّة قوية جداً على وجود تزوير وتلاعب في نتائج الانتخاباتquot;.

واشارت الإحصاءات، التي شملت الأصوات الانتخابية من الدوائر الانتخابية، إلى أن نسبة الإقبال بلغت 70% أو 80 %، وتصل إلى 100 %، ما يدل على أن هذه الأرقام الإحصائية غير الدقيقة والمتقاربة تشير إلى توزيع عشوائي وغير دقيق للأرقام.

ولفت المراقبون الأجانب والروس إلى وجود مجموعة من الانتهاكات، بما في ذلك حشو صناديق الاقتراع المباشر من قبل العاملين في مراكز الاقتراع، حيث إن الكثير من الناخبين أدلوا بأصواتهم مراراً وتكراراً بمساعدة العاملين والمسؤولين عن صناديق الإقتراع.

وقال مسؤولون في منظمة quot;غولوسquot; الروسية غير الحكومية، التي تراقب الانتخابات من التزوير، إنهم تقدموا بشكوى لدى النيابة العامة حول تزوير بعض النتائج الانتخابية، لكن النيابة العامة لم تستجب.

لا توجد وسيلة موثوق بها لاستخدام التحليل الإحصائي لحساب عدد الأصوات المزورة، لكن عملية حسابية تقريبية تشير إلى عدم وجود مستويات مرتفعة لدعم حزب quot;روسيا المتحدةquot; في الدوائر الانتخابية، كما توضح أن الإقبال لم يكن غير عادي، عكس ما أشارت إليه نتائج الانتخابات.

من جانبه، أعلن ألكسي نافالني أحد أبرز زعماء المعارضة في روسيا إصرار القوى المعارضة للنظام على الخروج إلى شوارع العاصمة وكبرى المدن الروسية وإعلان عام 2012 بوصفه quot;عام الانتفاضاتquot;، التي قال إنها تستهدف زعزعة أركان النظام.

وأضاف نافالني أن ما أعلنه الرئيس ديمتري ميدفيديف في خطابه السنوي إلى الأمّة حول الإصلاحات السياسية هو استجابة طبيعية لمطالب المعارضةquot;نظرًا إلى أنهم قوم ليسوا أغبياء، أبدوا قدرًا كبيرًا من الميل نحو التطورquot;، على حد تعبيره، وإن أشار إلى أنه لا يثق كثيرًا في ما يقوله ممثلو السلطة، مشيراً إلى استعداد ما يقرب من المليون نسمة للخروج إلى الشارع للإحتجاج ضد سياسات النظام.

لكن على الرغم من الاحتجاجات، استبعد ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم بوتين، الطعن في صحة نتائج الانتخابات، رغم ما تردد عن حدوث عمليات تزوير. وقال إن التزوير، الذي تندد به المعارضة، والذي تعددت شهادات بشأنه على مواقع روسية على شبكة الانترنت منذ الانتخابات، لا يمكن أن يشكك في النتائج.

وتابع قائلاً quot;حتى لو جمعتم كل تلك الإفادات المزعومة، فإنها تتعلق بحوالى 0.5% فقط من مجمل البطاقاتquot;، مضيفًا أنه quot;حتى لو افترضنا نظريًا أنه يمكن الطعن فيها أمام القضاء، فإن ذلك لا يمكن إطلاقًا أن يشكك في شرعية الاقتراع أو النتائج النهائيةquot;.

يشار إلى أن وفد مراقبي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أعلن عقب الاقتراع أنه جمع quot;أدلة دامغة على حشو صناديق الاقتراعquot;.