إحدى الساحات العامة في العاصمة السورية

أكد قادمون من دمشق الى لندن ان السلطات السورية وضعت الاجهزة الامنية والمخابراتية في حال انذار قصوى مع تكثيف للوجود العسكري في العاصمة دمشق وحلب ثاني اكبر المدن السورية كما بدأت هجوما الكترونيا مضادا استهدف تدمير مواقع الانترنيت للاحزاب وقوى المعارضة لافشال محاولات ناشطين سوريين تنظيم تجمعات مناهضة للسلطات غدا الجمعة وبعده السبت وذلك بالترافق مع شنها حملة اعتقالات وقرارت بترضيات اقتصادية.


أبلغ القادمون من دمشق quot;إيلافquot; اليوم ان الاجهزة الامنية السورية قد وضعت في حال استنفار قصوى ومنعت الاجازات عن ضباطها ومنتسبيها. واشاروا الى ان قيادات اجهزة الامن السياسي والامن العسكري وامن الدولة تواصل اجتماعات منذ مطلع الاسبوع لدراسة اي تطورات على الساحة السياسية في البلاد ووضع خطط لمواجهتها. واوضحوا ان دمشق تشهد منذ ايام تجمعات صغيرة لناشطين سرعان ماتفرقها الاجهزة الامنية وتعتقل عددا من افرادها لكنها تطلق سراحهم بعد قليل.

وقالوا ان السلطات قامت بالترافق مع تعزيز الاجراءات الامنية والتواجد العسكري في مدينتي دمشق وحلب باجراءات ترضية اقتصادية ايضا. واوضحوا ان السلطات قامت بالغاء قرار كان سيعلن خلال ايام قليلة بزيادة اسعار وقود السيارات (البنزين) كما اصدرت قرارا بمنح موظفي الدولة قروضا مالية ميسرة تسدد على امد طويل في اجراء يشبه تقديم هدية مادية للترضية.

وقالوا ان السلطات قامت هذا الاسبوع ايضا باستئناف منح المعوقين وعائلاتهم مرتبا كانت قد خصصته لهم قبل ثلاثة سنوات ثم توقفت عن دفعه بعد اربعة اشهر من صدوره بدون سبب.. لكنها قامت الان اضافة ألى أستئناف صرف المرتب بدفع جميع المخصصات الموقوقة على مدى السنوات الماضية.

ومنذ ثلاثة ايام تشن اجهزة المخابرات السورية حملة هجوم الكترونية لتدمير مواقع القوى السورية المعارضة. وشملت الحملة مواقع الاخوان المسلمين والمرصد السوري لحقوق الانسان (مستقل) واللجنة السورية لحقوق الانسان (مقربة من الاخوان) وموقع عفرين المقرب من حزب الوحدة الكردي وموقع صفحات سوريا المقرب من التيار الليبرالي المعارض. وقد نجح عدد من هذه المواقع من استعادة البث بعد ان وضع القراصنة الذين استولوا عليها شعار الجمهورية العربية السورية وايات من القرآن الكريم والاحاديث النبوية وعبارات تدعو لاطاعة ولي الامر.

.. وتحركات كردية

وعلى صعيد اخر فقد التقى ممثلون عن حزبي الوحدة الديمقراطي الكردي وحزب يكيتي الكردستاني السوريين في لندن اليوم مع موظفين كبار في وزارة الخارجية البريطانية الذين سالوا عن امكانية حصول انتفاضة سورية على غرار الحملة المعارضة التي شهدتها مصر وتونس. وفي هذا الاطار قال القادمون من دمشق ان الاكراد السوريين يتأهبون للنزول الى الشوارع في حال تفجر اي مظاهرات او تنظيم مسيرات معارضة.

وبرغم ان الاكردا في سوريا يعدون المعارضين البارزين لنظام الحكم وكثيرا ما وقفوا بوجه السلطات السورية التي تحكم قبضتها على البلد وذلك من خلال تنظيم تظاهرات احتجاجية في أكثر من مناسبة إلا انهم آثروا هذه المرة التريث لما ستؤول إليه الأمور تحسبا من أن يقعوا quot;كبش فداءquot; كما حدث في مرات عدة على حد قول مصادر كردية.

ويقول عضو المكتب السياسي لحزب يكيتي الكردي في سوريا عبدالباقي يوسف إن quot;الحركة السياسية الكردية تعتبر من انشط الحركات السياسية في سوريا والاكثر جماهيرية من بقية القوى في الشارع السوري الا ان الحركة الكردية لا توجد لديها مشروع تنظيم احتجاجات مماثلة كالتي تشهدها مصر وقبلها تونس، فالمهمة تقع على الشارع العربي لكونه يشكل الاغلبية المطلقة في سورياquot;.

واكد أنه quot;اذا ما تحرك الشارع السوري فان الحركة الكردية بسوريا ستقوم بالواجب الملقاة على عاتقهاquot;. ورـى في تصريح نقلته وكالة quot;اكنيوزquot; الكردية العراقية اليوم أن من الخطأ ان تبادر الاحزاب الكردية بعمل مثلما يجري في مصر ويعلل ذلك بالقول quot;جزء واسع من الشارع العربي سيطر عليه الفكر القومي المتعصب والنزعة الاسلامية المتقدمة والتي تصاعدت في التسعينيات من القرن الماضيquot;.

واضاف إن quot;اي نداء كردي للخروج باحتجاجات سينجم عنه نتائج سلبية، وسيؤدي بهذه المنظمات الاسلامية والقومية الى الاصطفاف الى جانب السلطة ومحاربة الاكرد وهذا ما لمسناه في انتفاضة عام 2004quot;.

وكانت المناطق الكردية قد شهدت احتجاجات شعبية واسعة في آذار (مارس) عام 2004 على خلفية اندلاع نزاع في ملعب مدينة القامشلي ذات الأغلبية الكردية وذلك بعد ان عمدت جماهير عربية لأحد الفرق السورية بكرة القدم لاطلاق شعارات مناوئة للاكراد ولبعض الرموز الكردية.

وامتدت الاحتجاجات الى معظم المناطق التي يشكل الاكراد فيها الغالبية اضافة الى العاصمة دمشق ومدينة حلب الا ان الأجهزة الأمنية السورية قامت بقمع المحتجين عن طريق استخدام الرصاص الحي الذي أودى بحياة أكثر من 40 شخصا فضلا عن اصابة العشرات واعتقال الآلاف. ولا توجد إحصائية دقيقة لأعداد الاكراد في سوريا إلا أن احصائيات غير رسمية تشير إلى أن عددهم يبلغ نحو 3 ملايين نسمة ويشكلون ما نسبته 10 % من سكان سوريا. ويوجد عدد من الاحزاب الكردية في سوريا لكنها غير مرخصة من قبل الدولة وغالبا ما تعمد الاجهزة الأمنية السورية لاعتقالهم وتوجيه تهم ضدهم تتعلق باثارة النعرات العنصرية او الارتباط بدول اجنبية.

حملة الكترونية لتنظيم يوم غضب الجمعة والسبت

وقد الغت السلطات السورية مؤخرا التواصل عبر فايسبوك وتويتر وأدعى مسؤولون سوريون إن موقع فايسبوك الاجتماعي محظور لمنع quot;إسرائيلquot; من quot;اختراق الشباب السوريquot;. وبرغم ذلك استطاع مدونون على الشبكة العنكبوتية من اختراق الحاجز المفروض عبر استخدام برامج خاصة وتوجيه دعوة للخروج في يوم quot;جمعة الغضب السوريquot; غدا كأول أيام الاحتجاجات ضد quot;أسلوب الحكم الفردي والفساد والاستبداد وتكديس الثروة بيد أقرباء وحاشية الرئيس السوريquot;.

وناشدت مجموعة من 7800 عضو على موقع فايسبوك السوريين إلى تنظيم مظاهرات يوم الجمعة تحت شعار quot;ثورة الخامس من شباط quot; حتى صباح الثلاثاء. وتدعو هذه المجموعة السوريين إلى التظاهر عقب صلاة الجمعة ليكون بالتالي quot;أول أيام غضب الشعب السوري والعصيان المدني في كل المدنquot;. ويحث بيان للمجموعة ذاتها السوريين على القيام بما سماه انتفاضة سلمية، مضيفا أن التعبير عن الرأي يكفله دستور البلاد.

وجاء في البيان أنه يتعين عدم القبول بالظلم، وشدد بالوقت نفسه على أن الحركة الاحتجاجية ليست موجهة ضد شخص الرئيس بشار الأسد وإنما ضد الانفراد بالحكم، وضد ما سماه البيان الفساد وتكديس الثروات من قبل عائلة الرئيس وأقاربه. كما دعت أطراف سياسية معارضة كردية منها وعربية فضلا عن منظمات مدافعة عن حقوق الانسان وشخصيات سياسية وحقوقية الى الخروج يوم الجمعة باحتجاجات مماثلة.

ويحكم حزب البعث سوريا منذ عام 1963 وحظر منذ ذلك الحين جميع أشكال المعارضة وفرض قانون طوارئ ما زال سارياً حتى اليوم. وخلف الرئيس الحالي لسوريا بشار الاسد والده حافظ الاسد منذ 11 عاما بعد ان حكم والده البلاد لثلاثة عقود.

وكان الأسد قد استبعد في مقابلة مع صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية الاحد الماضي أن تشهد بلاده احتجاجات على شاكلة ما حدث بتونس ويحدث بمصر ووعد بإصلاحات محدودة تكون مرحلية لا دفعة واحدة.