يقول مصدر سوري لـ (إيلاف) في إطار تأكيده على فصل الإجراء القضائي السوري عن المسار السياسي، إنّ ألمانيا أبلغت دمشق استياءها من شمول المذكرات السورية اسمي القاضيين ديتليف ميليس الرئيس السابق للجنة التحقيق الدولية الخاصة باغتيال الحريري ومساعده غيرهارد ليمان.


القاضي الألمانيّ ديتليف ميليس الرئيس السابق للجنة التحقيق الدولية الخاصة باغتيال الحريري

بيروت: لم يعد سراً القول إن مذكرات التوقيف الغيابية السورية الصادرة عن قاضي التحقيق الأول في دمشق جراء الدعوى التي رفعها المدير العام السابق للأمن العام اللبناني اللواء الركن جميل السيد ضد من اعتبرهم quot;شهود زورquot;، ادخلوه السجن أربع سنوات في سياق التحقيق بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، شكلت وتشكل إساءة شخصية لرئيس الحكومة سعد الحريري لتضمنها عددا من الأسماء بينهم وزراء ونواب سابقون وحاليون ومراجع قضائية وقيادات أمنية ومستشارون وإعلاميون محسوبون على الحريري.

وقد أدى هذا الإجراء إلى تجميد العلاقة بين الرئيس الحريري والقيادة السورية، وأثارت استغراب الأول ودهشته خصوصا أن أحد أبرز من كان يتولى التواصل من قبله بين بيروت ودمشق وبمباركة الرئيس السوري بشار الأسد هو رئيس فرع المعلومات العقيد وسام الحسن الذي أضحى اسمه بين ليلة وضحاها مطلوبا على الحدود السورية اللبنانية.

من هنا لا غرابة أن تكون هذه المذكرات بندا رئيساً على جدول أي تسوية يجري التداول بشأنها لمعالجة الأزمة الناشئة عن الخلاف المستحكم بين فريقي 14 و 8 آذار حول المحكمة الدولية الناظرة في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري والقرار الظني المرتقب صدوره عنها والمتضمن كما تؤكد المعارضة اتهاما لعناصر من حزب الله بالضلوع في الجريمة.

كما تذهب مصادر المعارضة إلى حد القول إن ما عناه الرئيس الحريري في حديثه إلى صحيفة quot;الحياةquot; الذي اعترف فيه بوجود اتفاق منجز لحل الأزمة برعاية سعودية سورية وتحميله من أسماه quot;الطرف الآخرquot; مسؤولية عدم تنفيذ ما اتفق عليه، إنما المقصود به قضية quot;شهود الزورquot; تحديدا، حيث يرى رئيس الحكومة أن على المعارضة أن تعود عن قرارها القاضي بتعطيل عمل مجلس الوزراء ما لم يقرّ بند quot;شهود الزورquot; بإحالته على المجلس العدلي.

كما يترقب إشارة من دمشق توحي باستجابتها إلى طلب وزير العدل اللبناني إبراهيم نجار استرداد ملف القضية الأمر الذي لم يتحقق إذ كررت دمشق ما سبق أن أبلغته لرئيس الحكومة بأن لا علاقة للسلطة السياسية بها وهذه المسألة شخصية وبالإمكان حلها باعتماد طريقين.

الأول التفاوض مع صاحب العلاقة، أي اللواء السيد، أو تحويل الملف إلى القضاء اللبناني وعندها يجري رفع الأسماء الواردة في مذكرات التوقيف الغيابية السورية من نقاط العبور على الحدود مع لبنان.

ويذكر مصدر سوري مطلع لـ quot;إيلافquot; في إطار تأكيده على فصل الإجراء القضائي السوري عن المسار السياسي وعن العلاقة مع الرئيس الحريري أن السلطات الألمانية أبلغت الجانب السوري استياءها هي الأخرى من شمول المذكرات السورية اسمي القاضيين الألمانيين ديتليف ميليس الرئيس السابق للجنة التحقيق الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس الحريري ومساعده القاضي غيرهارد ليمان.

وقد سمع وفد سوري رفيع المستوى زار العاصمة الألمانية الشهر الماضي، كلاما واضحا بهذا الشأن من قبل عدد من ابرز المعاونين للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.

وفيما تترقب الأوساط الرسمية والشعبية في لبنان ما ستفضي إليه نتائج الاجتماعات الجارية في نيويورك، وفي مقدمها لقاء القمة بين الرئيس الأميركي باراك اوباما ونظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي، وما يشهده مقر إقامة العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز في نيويورك من زيارات لكبار المسؤولين الأميركيين وغيرهم، والتي يواكبها رئيس الحكومة سعد الحريري عن كثب، أبدى مصدر سوري مسؤول ومتابع للاتصالات الجارية في نيويورك وبيروت ودمشق عدم ارتياحه للوضع العام مبديا في الوقت نفسه لـ quot;إيلافquot; أمله في أن يتغير المشهد بحيث تميل عقارب الميزان السياسي إلى التفاؤل لا إلى التشاؤم كما هي عليه، وهذا ما تعكسه صراحة مواقف الطرفين المتصارعين في لبنان، أي الموالاة والمعارضة، حيث تقول الأولى ان لا مساس بالمحكمة الدولية ومع استيعاب قرارها الظني، فيما تصر الثانية على اتخاذ إجراء ضد المحكمة قبل صدور القرار المذكور.

هذا واستمر السجال أمس الاثنين حول تحميل الحريري quot;الطرف الآخرquot; مسؤولية عدم تنفيذ ما اتفق عليه وفقاً للتسوية المنجزة من دون أن يفصح عن فحوى هذه الاتفاقات.

ولدى سؤال quot;إيلافquot; عضو كتلة المستقبل النيابية النائب سمير الجسر عما قصده الرئيس الحريري في كلامه قال: quot;إن ردي على نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الذي أعلن انجاز الحزب ما هو مطلوب منه واستغرابه لهذا التصريح الذي لم يكن ينقصه سوى القول إن الرئيس رفيق الحريري لم يستشهد إنما جاء بعد رصدنا مواقف الحزب وأطراف المعارضة التي ما فتئت تهدد بالويل والثبور وعظائم الأمور في حال لم يستجب الحريري لمطالبها التي تلخص بنسف المحكمة، فيما هي تتنصل من واجباتها التي تعرفها جيدا وتحاول التعمية عليها عبر القول إنها تفاصيل تتضمنها التسوية وفي ذلك خداع واضح للرأي العامquot;.