هاجمت مجموعة من النساء في عيادة كائنة في ضاحية بيروت الجنوبية فريق تحقيق تابعًا للمحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال الحريري. في حين أكدت المحكمة أن العنف لن يردعها عن إنجاز مهمتها، مشيرة إلى quot;سرقة أغراض عدة تعود لموظفي مكتب المدعي العام في أثناء الاعتداءquot;.
_________________________________________________

بيروت: حال إشكال وقع الأربعاء بين فريق تحقيق تابع للمحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال رفيق الحريري ومجموعة من النساء دون حصول المحققين على معلومات طلبوها من عيادة نسائية في الضاحية الجنوبية لبيروت، في وقت يشهد لبنان مواجهة سياسية حادة على خلفية المحكمة.

وروت الطبيبة ايمان شرارة لصحافيين تفاصيل حضور المحققين الدوليين الى عيادتها لطلب quot;بيانات وارقام هواتفquot; عدد من مريضاتها، قبل ان يضطروا الى الخروج من دون الحصول على اي معلومة اثر اقدام عشرات النساء على مهاجمتهم بالشتم والدفع.

وقالت شرارة انها كانت حددت موعدا لفريق من التحقيق الدولي منذ الاسبوع الماضي. واوضحت ان محققين يتكلمان باللغة الانكليزية وصلا الى عيادتها برفقة مترجمة الساعة التاسعة صباحا (6:00 ت غ) وطلبا منها معلومات عن quot;ارقام هواتف بين 14 و17 شخصا قصدوا العيادةquot; منذ 2003.

واعلن محامي الطبيبة مصطفى شقير من جهته ان المحققين ارادوا الاطلاع على quot;بيانات وقيود بعض السيدات اللواتي كن يترددن على العيادة في فترة زمنية معينةquot;. وابلغت شرارة المحققين ان هذا الامر سيتطلب وقتا، ووافقت على طلبهما الاستعانة بسكرتيرتها للحصول على المعلومات المطلوبة.

وقالت الطبيبة النسائية quot;خرجت من مكتبي لاتحدث مع السكرتيرة، فوجدت مشكلة طويلة عريضة: حوالى 30 امراة يصرخن ويعتدين على السكرتيرة بالدفع، حتى ان احداهن اخذت ملفات (من احد الادراج) وداست عليهاquot;.

واضافت ان quot;الممرضة والسكرتيرة تعرضتا للضربquot;، وquot;هناك من تعرض للمترجمة بشد شعرهاquot;. ووصفت النساء بانهن quot;كن شرسات بطريقة غير طبيعيةquot;. واضافت ان quot;المحققين هربواquot; خلال الحادث.
واكد مصدر أمني أن النساء تمكن من quot;انتزاع حقيبةquot; من احد المحققين قبل خروجهم من العيادة، مشيرا الى ان النساء quot;تعرضن بالشتم والسباب لفريق التحقيقquot;.

ووصف شقير ما تعرض له فريق التحقيق quot;بالهجومquot;، مشيرا الى ان المحققين quot;خرجوا من دون الحصول على اي ملف واي معلومةquot;. وقال quot;نحن مستعدون للتعاون مع القضاء اللبناني ولجنة التحقيق (الدولية)quot;. ولم يكن في الامكان الحصول على تفاصيل من المحكمة الخاصة بلبنان، واكتفى مكتب المدعي العام بالقول انه quot;ينظر الى هذا الحادث بجدية كبيرة، ويتابع المسالةquot;.

من جهة اخرى، افادت الوكالة الوطنية للاعلام (رسمية) ان النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا quot;فتح تحقيقا في حادث الاعتداء على اعضاء لجنة التحقيق الدولية لدى الطبيبة ايمان شرارةquot;، مشيرا الى ان عناصر الدورية من قسم المباحث الجنائية المركزية (التي كانت ترافق المحققين) quot;سلبت منها هواتفهاquot;.

ويأتي الحادث في خضم مواجهة سياسية حادة في لبنان على خلفية المحكمة الدولية بين حزب الله وحلفائه من جهة وفريق الاكثرية النيابية بزعامة رئيس الحكومة سعد الحريري، نجل رفيق الحريري، من جهة ثانية.

ويخشى حزب الله توجيه الاتهام اليه في القرار الظني المنتظر صدوره في جريمة اغتيال الحريري، ويعتبر المحكمة الدولية التي تتخذ من لاهاي مقرا، quot;مسيسةquot; وquot;اداة اميركية واسرائيليةquot;. في المقابل، يتمسك فريق الحريري بالمحكمة ويرفض quot;اي تسويةquot; حولها.

وحذر سياسيون من احتمال تدهور الوضع الامني في البلاد في حال اتهام حزب الله، القوة اللبنانية الوحيدة المسلحة الى جانب الدولة. وتعتبر الضاحية الجنوبية لبيروت معقلا لحزب الله الذي سبق ان اعلن ان المحكمة الدولية استدعت عددا كبيرا من عناصره للتحقيق quot;بصفة شهودquot; في قضية اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري.

وفي روايتها للحادث، ذكرت قناة quot;المنارquot; التابعة لحزب الله ان quot;وجود المحققين الاجنبيين في العيادة النسائية اثار انزعاج النسوة اللواتي كن ينتظرن ادوارهن للمعاينةquot;، ما ادى الى وقوع الاشكال. وكانت شرارة ذكرت انها الغت مواعيدها لهذا الصباح وانها لا تعرف احدا من النسوة اللواتي كن في العيادة.

وقالت انها استشارت نقابة الاطباء ومحاميا قبل الموافقة على استقبال المحققين، وان النقابة ابلغتها بانها quot;حرة في اعطائهم المعلومات التي يريدونها ام لاquot;. واثار الحادث رد فعل سريعا من قوى 14 آذار التي يعتبر سعد الحريري ابرز اركانها.

وابدت الامانة العامة لقوى 14 آذار quot;ادانتها الكاملة واستغرابها للاعتداء الذي تعرض له فريق من المحققين الدوليين في الضاحية الجنوبية على يد quot;فرقة من الأهاليquot; التابعة لحزب الله اعتدت وسرقت ملفات عائدة للمحققينquot;. ورات في بيان ان quot;هذا الاعتداء يشكل اعتداء موصوفا على الشرعية الدولية وقراراتهاquot;. واعتبرت ان الاصرار على quot;الغاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان او تعطيل عملها استدراج للاضطراب والفتنquot;.

المحكمة: العنف لن يردعنا عن إنجاز مهمتنا
إلى ذلك، أكدت المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال رئيس الحكومة اللبناني السابق رفيق الحريري أن quot;العنف لن يردعها من إنجاز مهمتهاquot;، وذلك بعد الإشكال الذي وقع اليوم الأربعاء بين فريق من محققيها ومجموعة من النساء خلال قيام المحققين بمهمة في عيادة نسائية في الضاحية الجنوبية لبيروت.

وجاء في بيان صادر من المحكمة، التي تتخذ من لاهاي مقرًا، quot;يشكل الاعتداء الذي وقع صباح اليوم في بيروت ضد موظفين من المحكمة الخاصة بلبنان محاولة مدانة لإعاقة العدالةquot;. وأضاف quot;يجب أن يعلم مرتكبو هذا الاعتداء أن العنف لن يردع المحكمة الخاصة بلبنان، وهي محكمة قضائية، من إنجاز مهمتهاquot;.

وأكد البيان إدانة رئيس المحكمة القاضي أنطونيو كاسيزي، ورئيس مكتب الدفاع فرانسوا رو، ورئيس قلم المحكمة بالنيابة هرمان فون هايبل، quot;كل أشكال العنف أشد الإدانةquot;. كما صدر بيان ثان من مكتب المدعي العام في المحكمة دانيال بلمار روى وقائع الإشكال الذي حصل صباحًا في عيادة الطبيبة إيمان شرارة في منطقة الأوزاعي عند أطراف الضاحية الجنوبية.

وجاء في البيان أن quot;محققين من مكتب المدعي العام لدى المحكمة الخاصة بلبنان توجها برفقة مترجمة فورية تعمل لدى المحكمة لحضور لقاء مرتب مسبقًا في عيادة طبيبة في بيروت، وذلك كخطوة مشروعة ضمن إطار التحقيق الجاريquot;. وأكد البيان أن quot;الإجراءات المحيطة بالزيارة كانت على درجة عالية من المهنية وخاضعة للضمانات القانونيةquot;، مشيرًا إلى أن quot;السلطات اللبنانية وافقت على الزيارةquot;.

كما أشار إلى أن quot;عناصر من الشرطة القضائية ومن الجيش اللبناني رافقت المحققينquot;، وأن quot;الطبيبة التي حصلت على إذن مسبق من نقابة الأطباء في بيروت، وافقت على الاجتماع بالمحققينquot;. وذكر مكتب بلمار أن quot;اللقاء مع الطبيبة جرى في جو يسوده الاحترامquot;، قبل أن quot;تظهر على نحو مفاجئ مجموعة كبيرة من الأشخاص الذين اعتدوا بعنف على المحققين وعلى المترجمة الفورية التي كانت برفقتهماquot;.

ولفت البيان إلى quot;سرقة أغراض عدة تعود لموظفي مكتب المدعي العام في أثناء الاعتداءquot;. وأوضح أن quot;الجيش اللبناني تمكن من إخراج الموظفين الثلاثة، ونقلهم سالمين إلى مكتب المحكمة في بيروت، حيث تلقوا الإسعافات الأوليةquot;. وجدد مكتب بلمار القول إنه quot;يأخذ هذه الحادثة على محمل كبير من الجد، وهو يجمع حاليًا الوقائع المحيطة بالحادثةquot;.

ودان بدوره quot;اللجوء إلى كل أشكال العنفquot;، مؤكدًا أن quot;التحقيق في اغتيال الحريري مستمر، وأن هذه الحادثة لن تردع مكتب المدعي العام من إنجاز مهمتهquot;. وذكرت المحكمة الدولية أن كاسيزي quot;سيرفع تقريرًا بهذه الحادثة المؤسفة إلى الحكومة اللبنانية والأمين العام للأمم المتحدةquot;.