يعتقد الكثيرون أن محمد البرادعي بعيد عن واقع مصر وبالتالي فانه لا يصلح للرئاسة.


بالنسبة للعالم الخارجي، يعتبر البرادعي الاستاذ الجامعي والمسؤول الكبير في الامم المتحدة سابقا، هو زعيم الانتفاضة المضادة للرئيس حسني مبارك، لكن بالنسبة لزعماء المعارضة المخضرمين داخل مصر الذي تمكنوا من جذب أعداد هائلة من المتظاهرين، قد لا يعني البرادعي أكثر من شخصية انتقالية.

فحسبما تقول صحيفة quot;ذا وول ستريتquot; الأميركية كان هناك طيف واسع من وجوه المعارضة قد شاركوا معا لوضع رؤية بديلة عن رؤية النظام الذي يتزعمه الرئيس مبارك. لكن حتى قبل بدء الانتفاضة في تونس ومصر كان هؤلاء القادة قد شكلوا مجلسا تشريعيا بديلا يضم بعض زعماء النقابات العمالية والقضاة وممثلين من التنظيمات الشبابية وممثلين عن حركة الأخوان المسلمين الممنوعة لكن ذات النفوذ الكبير. وجاء ذلك بعد عقد لقاءات زادت عن 100 ساعة وتم اختيار 100 عضو لهذا البرلمان.

وعند اجتماع هؤلاء في أول لقاء للبرلمان الظل خلال الأسبوع الماضي الحافل بالأحداث وافق أعضاؤه اختيار محمد البرادعي ليمثلهم في المفاوضات مع حكومة مبارك.

مع ذلك فإن بعض المراسلين الأميركيين الذين كانوا متواجدين خلال الصدامات الأخيرة قالوا إن الخبير القانوني الحائز على جائزة نوبل البرادعي قادر لأن يلعب دور الحكم غير المنحاز لإدارة المفاوضات أكثر منه رئيسا مستقبليا لمصر، وهذا لأنه قضى جزءا كبيرا من حياته خارج مصر ولا يعرف الكثير عن تعقيدات الوضع السياسي المحلي.

وكان ظهور البرادعي ليلة الأحد في ميدان التحرير محبطا للكثير من النشطاء الذين شعروا بأنه فشل في انتهاز الفرصة والقيام باستقطاب الحشود، بل أن الكثير من المتظاهرين لم ينتبهوا إلى وجوده ولم يظهر في التظاهرة المليونية التي نظمت الثلاثاء الماضي والتي شارك فيها مئات الآلاف من المصريين وطالبوا تنحي مبارك عن السلطة.

قالت هبة سلطان إحدى الناشطات الشابات لمراسل صحيفة quot;ذا وول ستريتquot; إن quot;المتظاهرين المتواجدين في ساحة التحرير أقوياء وشديدي الحماس وحين جاء البرادعي بدا وكأنه شخص ضعيف مقارنة بهم، وهو لا يشبه الشخص الذي يمكن أن يجعلني أتبعهquot;.

كذلك فإن البرادعي لم يحضر الاجتماعات التي نظمتها اللجنة المنبثقة عن برلمان الظل خلال هذا الأسبوع منذ عودته إلى القاهرة من الخارج في الوقت الذي كان المتظاهرون قد امتلكوا زخما قويا آنذاك. وقال البرادعي إنه يعيش بعيدا جدا عن مركز القاهرة وإنه يشعر بالتعب نتيجة لمشاركته في تظاهرات الأيام الأخيرة.

يأتي بروز البرادعي كوجه معارض مثيرا للدهشة خصوصا إذا أخذنا بنظر الاعتبار حقيقة كونه لم يعبر عن أي رغبة بالمشاركة في الحياة المصرية بعد استقالته في نوفمبر 2009 من رئاسة منظمة الطاقة النووية الدولية التابعة للامم المتحدة. وحين سئل لأول مرة عما إذا كان سيرشح نفسه للانتخابات الرئاسية عام 2011 رفض بشكل قطعي تلك الامكانية حسبما ذكر لابان كوبلنتز كاتب خطابات البرادعي لفترة طويلة والذي يساعده حاليا على كتابة مذكراته التي ستنشر في أبريل المقبل.

لكن زميلا سابقا قال إن البرادعي الذي اكتسب شهرة واسعة بعد حصوله على جائزة نوبل من خلال عمله في وكالة الطاقة النووية الدولية عام 2005، تبدلت اهتماماته وبدأ يعلّم نفسه كيفية استعمال الشبكات الاجتماعية على الانترنت للاشراف على الأحداث المصرية عن كثب.

ومن بين الأشياء التي اكتشفها وجود جمهور كبير معجب به على صفحات فايسبوك، والكثير من هذا الجمهور حثه على ترشيح نفسه للرئاسة هذه السنة. وتضم صفحته على فايسبوك الآن أكثر من 314 ألف معجب.

وقال كوبلينتز إنه خلال الأشهر الأربعة عشر الأخيرة تمكن البرادعي الذي لم يكن بارعا في استخدام الكومبيوتر تعليم نفسه كيف يستخدم مواقع فايسبوك وquot;تويترquot; وquot;يوتيوبquot; وبدأ يتعامل مع الفضاء الافتراضي للانترنت ما كان ممنوعا عليه فعله على ارض الواقع وهذا هو عبر استخدام حرية التجمع عبر المواقع الاجتماعية.

وفي السنة الماضية أسس البرادعي الجمعية الوطنية للتغيير وهي تجمع لحركات معارضة لعب ممثلوها دورا اساسيا في تنظيم الاحتجاجات خلال الأيام الأخيرة. وكانت تلك الجمعية بالمقابل لاعبا أساسيا في تشكيل البرلمان الظل بعد الانتقادات الحادة التي وجهت للانتخابات البرلمانية التي نظمتها الحكومة في نوفمبر الماضي.

وخلال غيابه عن مصر عقدت مجموعات المعارضة ما يقرب من 60 اجتماعا تحدثوا خلالها كثيرا عن برلمان الظل المتكون من 100 عضو. وقال وائل نوارا أحد قياديي حزب الغد العلماني: quot;نحن هيانا برلمان الظل كي يكون جاهزا عند حلول اللحظة المناسبة، إذ يصبح في أيدينا ميكانزم متوفر لاتخاذ القراراتquot;.

يطل مقر برلمان الظل على ميدان طلعب حرب وسط القاهرة وفيه ثلاثة صفوف من مصاطب مصنوعة من خشب السنديان لنواب الظل بالمقابل هناك منصة فيها ثلاثة مقاعد أمام المجلس لمن يترأس الجلسات.

ووافق ممثلو المنظمات السياسية على تجنب التنافس ضد بعضهم البعض خلال الفترة الانتقالية معتبرينها حلبة تصاغ فيها القواعد للمنافسات الانتخابية مستقبلا، حسبما قال بعض الأعضاء. وقال أسامة غزالي حرب أحد أعضاء اللجنة القيادية لبرلمان الظل: quot;هذا ليس الوقت المناسب للتنافس بين الأحزابquot;.