تبينمحاولة السفينتين الإيرانيتين عبور قناة السويس إن العديد من الأطراف تعمل على استغلال التطورات في مصر.


القاهرة: أثيرت موجة كبيرة من الجدل على مدار الأيام القليلة الماضية بشأن حالة الشد والجذب التي دخلت فيها أطراف دولية عدة حيال التقارير التي تحدثت عن احتمالية مرور سفينتين حربيتين إيرانيتين عبر قناة السويس، سيما وأن الرؤية لا تزال غير واضحة حتى الآن.

ورغم نفي وتفنيد تلك الأقاويل، بصورة مبدئية حتى الآن، إلا أن الانغماس في الحديث عن الموضوع أشار إلى وجود جداول أعمال إقليمية لدى كل من إسرائيل، وإيران، ومصر، من خلال استجابتهم للأحداث المذهلة التي وقعت على مدار الأسبوع الماضي.

وقد بدأ الحديث عن هذا الموضوع من خلال وزير الخارجية الإسرائيلي المثير للجدل، أفيغدور ليبرمان، الذي قال في اجتماع له مع قادة من المجتمع اليهودي الأميركي في القدس يوم الأربعاء إن سفن إيرانية سوف تتوجه صوب قناة السويس هذا المساء. وأضاف، رغم عدم كشفه عن مصدر معلوماته :quot; تهدف الليلة سفينتين حربيتين إيرانيتين للعبور عبر قناة السويس إلى البحر الأبيض المتوسط ومن ثم إلى سورياquot;، طبقاً لما ذكرته صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية.

وهي التعليقات التي سرعان ما تناقلتها وكالات الأنباء حول العالم، وهو ما ترتب عليه ارتفاع أسعار النفط ( وهو الأمر الذي يعود بالنفع على الاقتصاد الإيراني، الذي يعاني حالياً في ظل خضوع البلاد لعقوبات دولية صارمة ). وأشارت الصحيفة إلى أنه إذا ما صحت التصريحات التي صدرت عن هيئة قناة السويس المصرية، فلم تكون هناك من فرصة لعبور السفينتين الإيرانيتين من القناة مساء يوم الأربعاء الماضي.

وقالت الهيئة إنه لابد من التقدم بطلب قبل 48 ساعة من مجيء السفن الحربية الأجنبية التي ترغب في المرور عبر القناة، التي تربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط، وأكدت أنها لم تتلق طلباً يفيد بهذا المعنى من جانب السلطات الإيرانية. كما يُسمح في كثير من الأحيان بمرور سفن حربية أميركية وإسرائيلية وسفن أخرى عبر قناة السويس، في وقت لم تمر فيه سفن إيرانية من هناك على مدار أكثر من 30 عاماً.

ومع هذا، خرجت وسائل إعلام حكومية في إيران يوم أمس لتقول في البداية إنه كان من المقرر بالفعل أن تعبر السفينتين عبر القناة، لكن تم إلغاء الخطة. ثم أعلنت إحدى القنوات التلفزيونية التابعة للحكومة الإيرانية في وقت متأخر من مساء أمس عن أن الخطة مازالت سارية. وقبل حوالي ساعة من هذا الإعلان، أكد مسؤول بقناة السويس لوكالة رويترز أنهم لم يتلقوا بعد أي طلبات من إيران لعبور السفينتين.

وفي وقت لاحق من مساء أمس بالقاهرة، أخبر مسؤول مصري وكالة quot;الأسوشيتد برسquot; أنهم تلقوا طلباً من إيران، وأن القرار النهائي في يد وزارة الدفاع المصرية. وقالت الوكالة ضمن هذا السياق، نقلاً عن مسؤول بالقناة، إنه يتم منح مرور آمن من الناحية النظرية لجميع سفن الإبحار التي لا تتبع دول في حالة حرب مع مصر.

وحول رؤيتها وتحليلها لهذا الأمر، قالت ساينس مونيتور إن النظام الإيراني سعى إلى الادعاء بأن الانتفاضة التي شهدتها مصر مؤخراً كانت مستوحاة من الثورة الإسلامية التي شهدتها إيران عام 1979، رغم مطالبة أعضاء من النخبة الحاكمة في إيران بتنفيذ حكم الإعدام بحق قادة الحركة الديمقراطية هناك. وهو الادعاء الذي رفضته كل من جماعة الإخوان المسلمين السنية والقوى العلمانية الموالية للديمقراطية.

لكن ليس هناك من شك في أن القادة الإيرانيين سيرحبون بحكومة إسلامية مناهضة للولايات المتحدة في مصر. ولن يكون مفاجئاً إذا ما حاول القادة الإيرانيون معرفة ما إن كانت الانتفاضة المصرية تمثل نقلة جديدة في هذا الاتجاه من خلال اختبار ردة فعل الشعب المصري على إعلانها عن أنها ترغب في مرور سفنها عبر القناة.

ومع هذا، استبعدت الصحيفة أن تفلح إيران في تحويل قضية مرور سفنها من القناة إلى قضية سياسية في مصر الآن. وعللت الصحيفة ذلك بأن ناشطي الديمقراطية المصريين، الذين يحاولون تأمين تغييراً ديمقراطياً حقيقياً بعد رحيل الرئيس مبارك، يصبون الآن تركيزهم على الاهتمامات المحلية. بالإضافة إلى إسرائيل التي ترغب في أن تواصل مصر على نفس نهج الرئيس مبارك في ما يتعلق بهذا الموضوع.