دعت منظمة هيومن رايتس ووتش الدولية السلطات العراقية إلى فتح تحقيق مستقل ونزيه بعمليات إطلاق النار وقتل متظاهرين .. فيما طالب الرئيس جلال طالباني بالتعامل بسرعة مع المطالب الشعبية ومعالجة سريعة للأوضاع الخدمية والاقتصادية والأمنية وشنّ حرب ضد الفساد.. بينما توقع رئيس الحكومة نوري المالكي سنة صعبة في العراق على أن تتحسن بعدها الأوضاع الاقتصادية في البلاد لدى ارتفاع الإنتاج النفطي.
شددت منظمة هيومن رايتس ووتش اليوم على ضرورة فتح السلطات العراقية تحقيقاً مستقلاً ونزيهاً في التقارير الواردة عن إطلاق النار وقتل متظاهرين عدةفي تظاهرات شهدتها البلاد خلال الأيام الثلاثة الماضية.
وطالبت المنظمة قوات الأمن العراقية باحترام الحق في التجمع السلمي، وألا تستخدم إلا الحد الأدنى من القوة لدى وقوع أعمال عنف في التظاهرات.
وأشارت إلى أنه يوم الخميس الماضي فتحت قوات الأمن النار على حشد من المتظاهرين في مدينة السليمانية الشمالية، مما أسفر عن مقتل شخص واحد على الأقل وإصابة 33 آخرين، بعدما رشق الحشد مقراً سياسياً للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزانيبالحجارة. وقبلها يوم الأربعاء فتحت قوات الشرطة العراقية في مدينة الكوت في جنوب شرق بغداد، النار على متظاهرين غاضبين تجمعوا أمام مبنى محافظة واسط، مما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 50 آخرين.
وقالت سارة ليا ويتسن المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش quot;على قوات الأمن العراقية وقادتهم تفسير الكثير لتبرير استخدام الذخيرة الحية على المتظاهرين. فلم يؤد سلوك مماثل من قبل قوات أمن أخرى في المنطقة إلا لإشعال ردود فعل شعبية قوية وغاضبةquot;.
وأشارت إلى أنه كانت قد نُظمت مظاهرات صغيرة عدةفي شتى أنحاء العراق منذ مطلع الشهر الحالي بالأساس تدور حول النقص المزمن في الكهرباء وانتشار الفساد. ودعت مجموعات كثيرة على الإنترنت العراقيين إلى الخروج للشوارع يوم الجمعة المقبل في quot;ثورة الغضب العراقيةquot; بعد شهر من quot;يوم الغضبquot; المصري الذي أدى في نهاية المطاف إلى خلع حسني مبارك من الرئاسة.
ولفتت هيومن رايتس إلى أن آلاف العراقيين خرجوا إلى الشوارع في الصيف الماضي للاحتجاج على النقص المزمن في الخدمات الحكومية. ولصدّ هذه الاحتجاجات، أصدرت وزارة الداخلية تعليمات في 25 حزيران (يوينو) الماضي ضمت أحكاماً متعسفة تعرقل فعلياً من قدرة العراقيين على الانتظام في مظاهرات قانونية، حيث طالبت التعليمات المنظمين بالحصول على quot;موافقة كتابية من وزارة الداخلية ومن حاكم المنطقةquot; قبل تقديم طلب بالتظاهر لمركز الشرطة المعني،وهذا قبل 72 ساعة على الأقل من الحدث المخطط له.
وأضافت المنظمة أنه في مؤتمر صحافي في بغداد أول أمس قال رئيس الوزراء نوري المالكي quot;لقد طلبت من وزارة الداخلية ألا ترفض منح التصاريح بالتظاهر لأحد، لكن في الوقت نفسهفإن من يتظاهرون عليهم الحصول على التصاريح اللازمة والامتناع عن أعمال الشغب... ومن يسببون الشغب سوف يتم تعقبهمquot;.
وأوضحت أن الدستور العراقي يكفل حرية التجمع والتظاهر السلمي، والعراق دولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يُلزمها بحماية وصيانة الحق في حرية التعبير، والحق في تكوين الجمعيات، والحق في التجمع السلمي.
وطالبت هيومن رايتس ووتش السلطات العراقية بالالتزام بمبادئ الأمم المتحدة الأساسية الخاصة باستخدام القوة والأسلحة النارية والتي تؤكد عدم جواز استخدام القوة المميتة، إلا إذا لم يكن هناك بديل لها لحماية الأرواح، ويجب أن يُمارس استخدامها مع ضبط النفس وبشكل متناسب مع الموقف، كما تطالب الحكومات أيضاً بـ quot;ضمان المعاقبة على الاستخدام المتعسف أو المسيء للقوة أو الأسلحة النارية من قبل قوات إنفاذ القانون كجرائم جنائية بموجب القانونquot;.
وأشارت إلى أن قانون حقوق الإنسان المعني بالحق في الحياة ومنه المادة 6 من العهد الدولي يطالب بوجود تحقيق فعال ومفتوح في حال وقوع وفيات من قبل مسؤولي الدولة يؤدي إلى التعرف إلى الجناة ومقاضاتهم في أية جريمة تقع.
طالباني يدعو لاجراءات تحارب الفساد والمالكي يتوقع سنة صعبة
دعا الرئيس العراقي جلال طالباني الى الاصغاء لصوت الشعب والتعامل بسرعة مع مطالبه بوضع خطط لمعالجة سريعة للاوضاع الخدمية والاقتصادية والامنية.
وقال طالباني في كلمة باحتفالية الذكرى الخامسة والخمسين لتأسيس حزب الدعوة الإسلامية في بغداد الليلة الماضية quot;إن سقوط نظام الطغيان والشروع في بناء الديمقراطية لا يعني تحقق كامل الأهداف السامية التي كافحنا معًا في سبيلها، أان لا تنسينا مشاغل الحكم واجبنا الأساسي تجاه الشعب المطالِب بالخدمات اللائقة بالإنسان وبمستوى معيشي مكافئ لما تدره ثروات بلادنا من مداخيل، وبالأمن والاستقرارquot;.
وأضاف أن العراق كان سباقاً وقطع شوطاً كبيراً على طريق الديمقراطية، ولكن ذلك لا يعني أيضًا أنه لم يبق ما يبرر التظاهرات السلمية والاحتجاجات التي تشهدها بعض محافظات ومناطق العراق. وحذر من أن القوى الطامحة للعودة بالعراق الى الماضي او ارباك وزعزعة الاوضاع فيه، قد تحاول ركوب موجة الاحتجاجات والانزلاق بها نحو العنف المرفوض، الذي لا مبرر له على الاطلاق، لكن هذا الواقع لا يجب ان يغدو ذريعة للتغاضي عن المطالب المشروعة او انكار حق المواطنين في التظاهر السلمي والقانوني والاحتجاج، وهو حق يكفله الدستور.
وأكد على ضرورة عدم حدوث اي انفصال او قطيعة بين السلطة والمجتمع والاصغاء الى صوت الشعب، الذي هو مصدر السلطات، والتعامل بسرعة مع مطالبه بوضع خطط لمعالجة سريعة للاوضاع الخدمية والاقتصادية والامنية وشن حرب مفتوحة ضارية ضد الفساد، الذي صار عقبة حقيقية تعوق تطور البلد، وتعرقل مسيرته نحو البناء الديمقراطي.
وأشار طالباني إلى ان المنطقة تشهد تحولات متسارعة تقتضي من صناع القرار الانتباه الى حركة التاريخ والاحساس بنبض الشارع واحتياجات الشعوب وادراك اهمية وضرورة اشراك الاجيال الصاعدة في صناعة القرار وادارة دفة الحكم في ظل جو من الديمقراطية التعددية الضامنة للتداول السلمي للسلطة. وقال ان هذه القضايا والمهمات الملحة ستكون بكل تاكيد موضع تدارس ومناقشة في القمة العربية التي تستعد بغداد لاستضافتها، والتي سوف تصبح تكريسًا للتكامل والتعاون بين العراق الجديد والدول العربية.
من جهته توقع المالكي سنة صعبة في العراق على أن تتحسن بعدها الاوضاع الاقتصادية في البلاد لدى ارتفاع الانتاج النفطي. وقال المالكي خلال الاحتفالية وبالتزامن مع تظاهرات يومية في العراق تطالب بتحسين الاوضاع الاقتصادية quot;لقد سرنا في اطار عملية سياسية ديموقراطية، ينبغي ان يجني ثمارها المواطن اذا مرت هذه السنة الصعبة فقط على العراقquot;.
واضاف ان quot;مستوى انتاجنا من النفط سيرتفع وستتحسن المعادلات الاقتصاديةquot; للبلاد. واكد المالكي انه سوف لن تبقى هناك مشكلة، مشدداعلى ضرورة العمل على تحسين اوضاع العراقيين، قائلا ان quot;شعبنا عانى كثيرا، ويحتاج منا وقفة حقيقية الى جانبهquot;.
واكد المالكي مجددا عدم خشيته على اوضاع البلاد من التظاهرات قائلا ان quot;شعبنا يعبر عن نفسه ويخرج للتظاهر، ليس لاسقاط النظامquot;، لكنه حذر من تداعيات التظاهر، قائلا quot;اقول بصراحة كما نحن امناء في تطبيق الدستور والسماح بالتظاهر سنكون امناء في محاسبة مثيري اعمال الشغب او من يخالف الدستورquot;. واشار الى ضرورة الاهتمام بالامن للوصول الى تحسين اوضاع البلادحيث quot;لا اعمار ولا خدمات الا بالامن حتى تنطلق عملية الاعمار وتسير عمليات الاستثمار لثروات العراق الهائلةquot;.
تزامنت دعوات طالباني والمالكي هذه مع خروج العراقيين في تظاهرات يومية في عدد من المدن،بينها بغداد، للمطالبة بتحسين الخدمات والاوضاع المعيشية. ويطالب العراقيون بتحسين الخدمات، وخصوصًا الكهرباء والأوضاع المعيشية عبر معالجة البطالة ومحاربة الفساد.
التعليقات