تواصلت أعمال الاحتجاجات في الشارع اليمني وسط هجوم شرس من رجال الأمن، الذين يرتدون الزّي المدني ويوصفون بـ البلطجية ويطلقون النار على المتظاهرين العزّل أمام أكبر صرح علمي في البلاد quot;جامعة صنعاءquot;، فيما يتوقع استقالة عدد من نواب الحزب الحاكم في الساعات المقبلة نتيجة ارتفاع أعمال العنف.


إرتفع عدد القتلى والجرحى في اليمن، وسط تنافر في المواقف السياسية بين الحزب الحاكم اليمني والمعارضة، في ظل سيطرة من قبل الشارع بلونيه المناهض للرئيس علي عبدالله صالح ونظامه وبلطجية لا يأبهون لأي من الشرائع أو القوانين.

وقد وقعت جريمة مفزعة أمام quot;جامعة صنعاءquot; بعدما كان رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح قد اجتمع بمن وصفوا بالقيادات الطلابية، حيث أطلق البلطجية النار على المتظاهرين بشكل مباشر، وأصابوا 15 شخصًا.

وفي تطور سياسي ملفة، إنسحب عشرة من أعضاء مجلس النواب ممن ينتمون إلى كتلة المؤتمر الشعبي العام (الحاكم) من جلسة البرلمان احتجاجاً على مصادرة هيئة رئاسة المجلس حقهم في الحديث عن الأوضاع التي تشهدها البلاد، والاستماع إلى آرائهم حول حوادث الاعتداء والقتل، التي يتعرّض لها المتظاهرون والصحافيون في أمانة العاصمة وعدد من المحافظات من قبل من أسموهم البلطجية.

تطور الموقف لدى البرلمانيين، حيث قدم النائب عن إحدى دوائر محافظة عدن عبدالباري دغيش استقالته من الحزب الحاكم مساء أمس احتجاجًا على التعامل مع المتظاهرين، ليكون ثاني نائب في الحزب الحاكم يستقيل خلال أسبوع بعدما كان النائب عبدالكريم الأسلمي قد قدم استقالته الأسبوع الماضي للسبب نفسه.

كما يتوقع استقالة عدد من نواب الحزب الحاكم في الساعات المقبلة نتيجة ارتفاع أعمال العنف، وفقًا لما أعلنه عدد من النواب الذين غادروا القاعة.

الرابطة تنظم لـquot;إسقاط النظامquot;
في خطوة جريئة وللمرة الأولى من قبل حزب سياسي، أعلن حزب رابطة أبناء اليمن quot;رأيquot; انضمامه إلى مطالب الشارع بـ إسقاط النظام. ودعا أمين عام الحزب محسن بن فريد في مؤتمر صحافي في عدن الرئيس صالح بتسليم السلطة حقناً للدماء، كما دعا أحزاب المشترك إلى دعم مطالب المتظاهرين. وقال إن الحزب تقدم بعدد من المبادرات السياسية، لكنها قوبلت بالمكابرة من قبل السلطة.

وأدان quot;التمادي السلطوي في مواجهة الاحتجاجات الشعبية السلمية بالرصاص الحي والضرب والتنكيل والبطش الذي أدمى، وما زال يدمي مدن صنعاء وعدن وتعز، وراح ضحيته عدد من المواطنين المسالمين والصحافيين في ممارسة شمولية قامعة تنتهك الدستور ومنظومة القوانين، ولا تنتج إلا ما يفاقم التوترات ويؤجج الاحتقانات والأزماتquot;.

من جانبه، استهجن الحزب الحاكم ما وصفه بـ quot;الموقف الانتهازي لحزب الرابطة بدعم استهداف أمن الوطن، وأعمال الفوضى والشغب والخروج على القانون واستهداف أمن واستقرار الوطن وإقلاق سكينة المجتمعquot;. يشار إلى أن الحزب كان قد وقف إلى جانب الرئيس صالح في الانتخابات الرئاسية في العام 2006.

ميدانيًا، وفي عدن، تواصلت أعمال العنف والاحتجاجات في عدد من أحياء ومدن المحافظة، تزامنًا مع إعلان اللجنة الأمنية للمحافظة حالة طوارئ غير معلنة، تبدأ من السادسة صباحًا وحتى السادسة مساء. وقال شهود عيان إن ذعرًا يسود بعض المدن جراء ملاحقة جنود الأمن المركزي آلاف الشباب المتظاهرين بالرصاص الحي، في حين أطلقت عشرات القنابل المسيلة للدموع أسطح المنازل وسقوط عدد من الجرحى.

في سياق آخر، علمت quot;إيلافquot; أن استقالة محافظ عدن قوبلت برفض من قبل رئيس الجمهورية بعد يوم من تقديمها احتجاجًا على التعامل الأمني مع المتظاهرين ورفض توجيهاته.

تعز تسمع نوابها: quot;إسقاط النظامquot;
في تعز، واصل الآلاف من شباب المحافظة اعتصامهم لليوم التاسع في ساحة الحرية، مطالبين بإسقاط النظام مع تزايد عدد المنضمين إليهم من قبل المتظاهرين. وشهدت الساحة انضمام عدد من أساتذة جامعة تعز والجامعات الأهلية، في حين لم يشهد أي حادث يذكر خلال يوم أمس.

وشهدت التظاهرة زيارة وفد برلماني من أعضاء الكتلة البرلمانية لمحافظة تعز بغرض معرفة مطالب المعتصمين والتحاور معهم إلا أن المعتصمين رفضوا التحاور مع الوفد وردوا بمطلب واحد هو quot;إسقاط النظامquot;. سياسيًا، أعلن الرئيس الدوري لأحزاب اللقاء المشترك المعارضة الدكتور محمد عبدالملك المتوكل أنهم لن يتحاوروا مع الحزب الحاكم طالما يواصل الاعتداء على المتظاهرين بشكل دموي.

لعبة عض أصابع
حول هذه التفاصيل، يقول الكاتب صالح البيضاني رئيس تحرير صحيفة يمن تودي الإلكترونية لـ quot;إيلافquot; إن الأوساط السياسية حالياً بعيدة عن صوت الشارع، وquot;هناك لعبة عض أصابع تمارس الآن بين السلطة والمعارضة، والأخيرة تنتظر حتى يقدم الرئيس التنازلات التي لم يقدمها من قبل اعتمادًا على ضغط الشارع، حيث إن الرئيس يعتقد أنه إذا قدم تلك التنازلات وبشكل سريع فربّما تقول المعارضة إنها رفعت من سقف مطالبها استجابة لضغوط الشارعquot;.

ورأى البيضاني أن quot;إقالة أبناء الرئيس وأقاربه أمر غير وارد الآن، وخصوصًا في ظل شعور الرئيس في الوقت الراهن بأنه مستهدف من قبل شخصيات وأطراف داخلية وخارجيةquot;. ويعتقد quot;أن ضغط الشارع لايزال محدودًا، ولم يصل إلى درجة تحرك الشارع في تونس ومصر أو حتى ليبيا والبحرينquot;.

كما رأى البيضاني أن quot;ما يشهده اليمن هو نتيجة كم هائل من الملفات التي لم يتم غلقها بشكل نهائي، وكان يتم الاكتفاء بترحيلها لأسباب مختلفة، وقد جاءت عاصفة الثورتين في تونس ومصر وكانعكاس طبيعي لتلك العاصفة التي أعادت بكل تلك الملفات إلى الواجهة وبشكل عبثي في بعض الأحيانquot;.

وتحدث عن ضرورة عدم إغفال quot;وجود العديد من الصراعات السياسية في المشهد السياسي اليمني التي أعيدت بلورتها بأشكال مختلفة، فلدينا الحراك الجنوبي الذي أراد الاستفادة من الزخم الإعلامي وتسليط الأضواء على تفاصيل وجزيئات المشهد السياسي اليمني، إضافة إلى الحوثيين، حيث أعلن زعيمهم علانية دعمه للمظاهرات التي شهدتها بعض المدن وإستعداه للمشاركة فيهاquot;.

وأشار صالح البيضاني إلى أن quot;الاحتقان السياسي بين السلطة والمعارضة ونسبة البطالة والفقر والإرهاب تضافر في ظل حالة من الحماس لدى شريحة الشباب الذين يطمحون للتغيير الجذري، بغض النظر عن نتائج هذا التغيير الذي قد لا تكون نتائجه في مصر وتونس نفسها في اليمن لأسباب واضحة ولا تخفى على أحدquot;.