أغلقت بكركي أبوابها مساء الأربعاء على 25 عامًا قضاها البطريرك صفير فيها، وتبدأ المشاورات لانتخاب بطريرك جديد يكون السابع والسبعين للطائفة المارونية، فهل يطلع الدخان الابيض من بكركي ويكون البطريرك المقبل أملاً جديدًا للبنان؟


بيروت: أقفل الصرح البطريركي في بكركي أبوابه في السادسة من عصر أميالأربعاء، بعدما يكون قد وصل اليه من لبنان والخارج المطارنة الموارنة الذين يحق لهم المشاركة في المجمع الماروني الذي سينعقد لانتخاب بطريرك جديد خلفًا للبطريرك الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير.

ويشارك في المجمع الى جانبالبطريرك صفير المتقدم بين الأساقفة والذي يحق له الحضور والاشتراك في عملية الانتخاب والتصويت، 37 مطرانًا من أصل 41 بعد الاعتذار ولأسباب صحية عن عدم الحضور المطارنة الثلاثة: جون شديد، مارون صادر وهكتور الدويهي، علمًا أن بكركي قد خصصت في الجناح الجديد غرفة لكل مطران يقيم فيها طيلة مدة الانتخاب المحددة بـ15 يومًا.

وبعد عزلة بكركي ابتداءً من السادسة عصرًا يتولى كل من الوزير والنائب السابق فريد هيكل الخازن من بلدة غوسطا والسفير الأسبق أمين كسروان الخازن من بلدة عجلتون حراسة الصرح فيالداخل وفي الممر المؤدي الى القاعة العامة، حين ينعقد المجمع حاملين سيفين وهو تقليد متبع حتى انتهاء انتخاب البطريرك، منذ المجمع الماروني في العام 1736.

ويعقد المجمع أولى جلساته صباح يوم الخميس وهي مخصصة لانتخاب امين سر للمجلس الانتخابي ومطرانين لفحص القرعة. ثم يعقبها صلاة وتأمل والقاء كل من المطرانين شكر الله حرب وسمعان عطا الله عظة في الشؤون الرعائية الكنسية.

يباشر المجمع يوم الجمعة في عملية الانتخاب ويعقد جلستين واحدة صباحية وأخرى مسائية ويتولى عند انتهاء كل جلسة امين السر قراءة الأصوات وحرقها بعد الانتهاء من كل جلسة.

علمًا ان عملية انتخاب البطريرك الجديد محكومة بسقف زمني محدد بـ15 يومًا وان البطريرك المنتخب سيكون السابع والسبعين للكنيسة المارونية وان الأساقفة الموارنة المجتمعين في المجمع سيعقدون 60 جلسة في الفترة المحددة لعملية الانتخاب بحيث يستوجب على الفائز الحصول على ثلثي عدد المقترعين.

اما في حال انتهاء الأيام الخمسة عشر من دون ان يتوصل الاساقفة الى اجماع حول اسم البطريرك الجديد من بين المرشحين فإن المجمع ملزم برفع الأمر الى الكرسي الرسولي في الفاتيكان روما ليفصل البابا بنديكتوس السادس عشر في الموضوع اما بتسمية احد من الأساقفة بطريركًا واما بالطلب من المجمع الانعقاد ثانية في دورة جديدة عله يحظى احد الاساقفة المرشحين بتأييد 19 صوتًا وبالكرسي البطريركي.

يؤكد النائب الدكتور عاطف مجدلاني ( قوى 14 آذار/مارس) ان البطريرك صفير كان رجلاً استثنائيًا بمرحلة استثنائية، واستطاع ان يحافظ على الدور الذي اعطي للكنيسة المارونية، واستطاع ان يبرهن ان مجد لبنان اعطي له، اما هل سيتميز البطريرك الجديد بالمواصفات ذاتها، يقول مجدلاني:quot; لن تكون المهمة سهلة على البطريرك الجديد ان يحل مكان هذه الهامة الكبيرة ولديه ارث مهم، نأمل ان يحافظ عليه.

عن خطاب البطريرك صفير الاخير يقول مجدلاني انه نابع عن انسان مسيحي، لان المسيح علمنا طلب السماح، وان نسامح بعضنا، وعلمنا ان لا احد فوق الخطيئة، والجميع يخطئون،خطاب البطريرك الاخير كان قمة التواضع وقمة الاداء المسيحي الحقيقي.

عون

يقول النائب الدكتور سليم سلهب ( عضو تكتل التغيير والاصلاح التابع للجنرال ميشال عون) لإيلاف ان المدة التي قضاها البطريرك صفير في سدة بكركي كانت تاريخية وفيها احداث كبيرة وصعبة، واعتقد ان البطريرك صفير كان ناجحًا في امور وفي اخرى لم يستطع القيام برسالته كاملة، من الناحية الوطنية ومن جهة الاحداث التي عصفت بالوطن، اعتقد انه تعامل معها بموضوعية عن طريق تخفيف الاضرار قدر المستطاع، اما من الناحية الكنسية الداخلية فيرى سلهب وجود تقصير من ناحية التنظيم والمؤسسة البطريركية، وكان التأسيس الكنسي محدودًا ان كان في لبنان او المشرق الانطاكي الذي يمثله البطريرك كنسيًا.

ولدى سؤاله لماذا غاب الجنرال عون حتى الآن عن توديع البطريرك صفير؟ يقول سلهب:quot; اليوم تنتهي الزيارات، وهناك احتمال من الجنرال عون لزيارة صفير، وقد اعتدنا من الجنرال عون على الامور الجيدة، ولدي امل قبل ان يغلق الصرح البطريركي ان يكون هناك زيارة لعون للبطريرك صفير.

وردًا على سؤال من من المطارنة المرشحين يحظى بتأييد عون يقول سلهب: quot; نرى ان هذا خيار كنسي ولا يحق لنا التعاطي به، ونتمنى على المطارنة اخذ الوقت الكافي ولا دور سياسي لنا في التعاطي بالموضوع، ونتمنى للجميع النجاح ومن سيحظى بسدة بكركي سنكون قربه من الناحية الكنسية والتنظيمية.

عما تناقلته الصحف بان المطران غي نجيم يحظى بتأييد الجنرال عون يرد سلهب بالقول: quot; تطرقنا للموضوع ونحن نؤمن انه لا يجب على السياسيين ان يتعاطوا بالشؤون الكنسية. لا يجب التعاطي بالموضوع. ويتابع سلهب:quot; اعتقد ان المطارنة الحاليين لديهم الوعي الكافي لكي يعطونا التصور الكنسي المستقبلي واعتقد انهم سيتوصلون الى توافق والى انتخاب بطريرك جديد.

حزب الله

ينظر النائب السابق في حزب الله الدكتور اسماعيل سكرية الى تجربة البطريرك صفير في سدة بكركي من خلال النظر الى موقع بكركي على انه موقع وطني يتخطى الطائفة المارونية، فان دور البطريرك صفير كان بعيدًا من هذا المعنى وبعيدًا مما جاء في الارشاد الرسولي، الذي دعا الى العيش مع المجتمع المشرقي والتفاعل معه، والبطريرك صفير كان بعيدًا من هذا المنحى وركز دوره باتجاه مواقف تحاكي فريق سياسي محدد، في ظل خلاف كبير في البلد، على دور لبنان وهويته، ووضع البطريرك صفير نفسه طرفًا في الامر.

ويتابع سكرية ان العلاقة بين البطريرك صفير وحزب الله لم تكن تتصف بأيام عسل، ويأمل من البطريرك الجديد ان يسير باتجاه اكثر انفتاحي، وجرأة وفتح طريق للقيام بدور مشرقي في لبنان وخارجه، وهذا من شأنه ان يخفف التشنّجات السياسية في البلد.