كادت قضية العميل الأميركي الذي قتل باكستانييْن تؤدي الى قطيعة أميركية - باكستانية متعددة الآثار، وانتهت بالعفو عنه بعدما دفعت حكومته ديّته. لكن هذا أثار موجة غضب شعبي على حكومة آصف زرداري المتهمة بالانقياد السهل لواشنطن.
العميل الأميركي ريموند ديفيز يخرج حراً من المحكمة |
لندن: دفعت الولايات المتحدة 2.3 مليون دولار ديّة لأسرتي رجلين قتلهما عميل لوكالة الاستخبارات laquo;سي آي ايهraquo; يدعى ريموند ديفيز برصاص مسدسه في مدينة لاهور، شرق باكستان، وحصلت له بالتالي على العفو عنه بموجب أحكام الشريعة الإسلامية.
ولكن ما ان عم النبأ الذي يفيد أن طائرة أقلت العميل الى مطار بغرام الأفغاني يوم الأربعاء حتى اندلعت مظاهرات وأعمال عنف في المدينة واجهتها السلطات بشرطة مكافحة الشغب التي استخدمت الغاز المسيل للدموع وأعملت هراواتها وسط المتظاهرين.
وقد توصلت واشنطن الى تسوية للقضية داخل المحكمة وكان أطرافها مسؤولون من سفارتها في إسلام أباد و18 من أفراد أسرتي القتيلين والعميل نفسه. ونقلت صحيفة laquo;تايمزraquo; البريطانية عما أسمتها laquo;مصادر مطلعةraquo; قولها إن المملكة العربية السعودية أدت دورا مهما في تأمين الديّة وإقناع أسرتي القتيلين بقبولها بعد رفضهما سابقا وإصرارهما على وجوب شنق القاتل. وأضاف الى تعقيد المسألة أن زوجة أحد القتيلين انتحرت بتناول سم الجرذان بعدما اعربت عن مخاوفها من أن العميل سيعود حرا الى بلاده.
وهددت القضية قد بأزمة دبلوماسية حادة بين الولايات المتحدة وباكستان، أحد أهم حلفائها في حربها على الإرهاب الأصولي. وكادت أن توقف المساعدات الأميركية العسكرية والمدنية لإسلام أباد، البالغة مئات ملايين الدولارات كل سنة. ووصل الأمر بإدارة الرئيس اوباما حد أنها علّقت زيارة كان الرئيس الباكستاني يزمع القيام بها لأميركا في وقت لاحق من العام الحالي.
وكان العميل ديفيز قد اعتقل في 27 يناير / كانون الثاني الماضي بعدما أردى رجيلين قتيلين برصاص مسدسه. وقال إنه فعل ذلك دفاعا عن نفسه لأنهما حاولا نهبه تحت تهديد السلاح. وقُتل رجل ثالث بعدما دهسته سيارة تابعة للقنصلية الأميركية في لاهور هرع مستقلوها لإنقاذ ديفيز من الحشود التي أحاطت به تريد القصاص منه.
وكان كبار المسؤولين الأميركيين - بمن فيهم الرئيس باراك أوباما نفسه - قد جادلوا، بعد اعتقال ديفيز، بأنه يتمتع بالحصانة الدبلوماسية ويتعيّن بالتالي إطلاق سراحه فورا. لكن وزارة الخارجية الباكستانية أخطرت المحكمة العليا بأن هذا الوصف غير دقيق. وتعرضت حكومة الرئيس آصف زرداري ايضا لضغوط شعبية هائلة، خاصة من جانب الإسلاميين، لمحاكمة العميل وشنقه. ولو أن هذا قد تم فعلا، لصار الأمر سابقة في تاريخ العلاقات بين البلدين.
وأقر المسؤولون الأميركيون بأن ديفيز (36 عاما)، وهو موظف سابق في شركة laquo;بلاكووترraquo; العسكرية الأمنية الخاصة، يعمل بالتعاقد الجزئي مع laquo;سي آي ايهraquo; لكنهم لم يوضحوا دوره بالضبط. ويذكر أنه وفد الى باكستان في أواخر 2009 ليعمل مع طاقم laquo;وحدة الرد العالميraquo; التابعة لسي آي ايه في بيشاور ولاهور. وأوضحت الوثائق أنه كان يتقاضى 200 ألف دولار في العام تشمل نفقات سفره وتأمينه.
وأدت حادثته الى توتر العلاقات بشكل خاص بين laquo;سي آي ايهraquo; وجهاز المخابرات الباكستاني laquo;آي إس آيraquo;. وقد تسببت في حرج عميق وسط المسؤولين في هذا الأخير لأنها كشفت مدى الحرية التي يتحرك بها العملاء الأميركيون داخل باكستان بدون رادع. ولهذا يطالب هؤلاء المسؤولون الآن بأن يسحب القائمون على شؤون سي آي ايه سائر عملائهم غير المسجلين رسميا من أراضي بلادهم.
التعليقات