انتقد المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني مواجهة السلطات البحرينية بالعنف المفرط لتظاهرات الاحتجاج، وقال إن ذلك أمر بشع يزيد من الاحتقان الطائفي... بينما علقت الحوزية الشيعية في النجف الدراسة فيها تضامنًا مع البحرينيين المحتجين في وقت خرجت فيه تظاهرات في مدن عراقية دعمًا لهذه الاحتجاجات.


قال الشيخ عبد المهدي الكربلائي ممثل المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني خلال خطبة الجمعة في مدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) اليوم إن بعض الدول العربية تشهد تحركات شعبية واسعة للتعبير عن مطالب مشروعه لهذه الشعوب تتمثل في تحقيق الإصلاح السياسي والعدالة الاجتماعية لكنه اشار الى ان ما يبعث على القلق الشديد هو تعامل حكومات هذه الدول باستخدام العنف والقوة المفرطة ضد شعوبها والذي أدى إلى سقوط الكثير من القتلى.

واضاف إن ما تشهده البحرين من تحرك شعبي واسع وقيام الحكومة البحرينية باستخدام العنف المفرط والاعتقالات الكثيرة يبعث على قلق أكبر. وقال quot;ان ما تنقله صور وكالات الأنباء أمر بشع جدًّا حيث نشاهد الكثير من القتلى من المواطنين يسقطون والكثير منهم قد أصيبوا بحروق وجروح شديدة وتقوم القوات الأمنية بحملة اعتقالات واسعة، والذي يزيد المسألة تعقيدًا ويولّد تداعيات إقليمية خطرة قيام بعض الدول الإقليمية بالتدخل في شؤون البحرين بإرسال قوات عسكرية إليها مما سيؤدي إلى حصول شحن واحتقان طائفي إضافة إلى انه سيفتح المجال لتدخلات مستقبلية من دول أخرىquot;.

وأكد الكربلائي أن الشعب العراقي قد عانى الكثير بسبب هذا الاحتقان الطائفي الذي عملت المرجعية الشيعية العليا وأبناء الشعب العراقي الواعيين والمسؤولين الذين يستشعرون المسؤولية الوطنية على احتواء هذا الاحتقان والعمل على منع انتشاره وتأثيره quot;والحمد لله قد تجاوزنا هذه الحالة بعد أن دفع الشعب العراقي الكثير من التضحيات بسبب ذلكquot; كما نقل عنه موقع quot;نونquot; المقرب من المرجعية الشيعية من كربلاء.

وأعرب عن قلقه البالغ بسبب هذا التدخل في شؤون البحرين الذي قال إنه سيُلهِب المشاعر الطائفية ويجعل البعض يشعر بالظلم والتنكيل بسبب مطالبته بتحقيق الإصلاح السياسي. وأضاف أنه لابد هنا لجميع الحكومات أن تستمع للمتظاهرين وتعمل على تحقيق مطالب شعوبها في الإصلاح السياسي وتحقيق العدالة الاجتماعية ومعالجة الأخطاء وإطلاق الحريات والتعبير عن الرأي.

إنتقاد لمجلس النواب العراقي

إلى ذلك، دعا ممثل السيستاني الحكومة العراقية بالعمل الجاد والملموس والصادق مع مطالب المتظاهرين والعمل على تحسين الخدمات وتحقيق العدالة الاجتماعية ورفع المعاناة عن الطبقات الفقيرة وتوفير فرص العمل. وعبر عن استغرابه الشديد لقيام مجلس النواب بتعطيل أعماله لعشرة أيام للتعبير عن الاحتجاج فيما يجري في الدول العربية وبالخصوص في البحرين مشيرًا إلى إن بعضهم يريد خلق المعاذير لأجل التعطيل ليس إلا، إذ إن من الممكن - كما يحصل في الكثير من برلمانات العالم - التعبير عن الاحتجاج بالتعطيل لساعة أو أكثر وليس التعطيل لعدة أيام والبلد بحاجة ماسّة إلى أن يسرع مجلس النواب في إقرار الكثير من التشريعات والقوانين التي يحتاج إليها إضافة إلى ممارسة دوره الرقابي.

واشار الى ان مسؤولية الإصلاح في العراق والتغيير نحو الأفضل مسؤولية تضامنية تقع على عاتق الجميع ولا تتحمل جهة معينة من السلطة نسبة كبيرة من هذا الإصلاح وجهة أخرى تتحمل نسبة قليلة، بل المسؤولية مشتركة على الجميع. وشدد على ان تعطيل المجلس لأعماله لهذه الأيام العشرة يمثل تعطيلاً للدور الأساسي والمهم لمجلس النواب في الوقت الحاضر.

وقال انه قد مضى على عقد جلسات مجلس النواب عدة أشهر ولم يشرِّع من القوانين المهمة والتي يحتاج إليها البلد، إلا قانونين فقط في حين إن هناك الكثير من القوانين والتشريعات التي تساهم في تطوير البلد وتنميته وتحقيق الكثير من احتياجات المواطنين لا تزال لم تأخذ نصيبها من العرض للمسودة والمناقشة والاقتراح، ثم التصويت وهذا يتطلب وقتًا طويلاً. وأكد ضرورة توفير الهمة العالية والإرادة الصلبة للكتل السياسية الممثلة في مجلس النواب وحرص أعضاء المجلس على الإسراع في تشريع القوانين للخروج بنتائج طيبة تلبي حاجات الناس.

وشدد الكربلائي على اهمية ان تكون مسيرة الإصلاح المطلوبة في العراق شاملة ومستوعبة لجميع الميادين quot;حتى نتمكن من تحقيق مطالب الشعب والمتظاهرين ومنها الإصلاح السياسي والقانوني والإداري والتربوي وذلك من خلال تحسين الأداء للكتل السياسية واستشعار المسؤولين السياسيين لحجم المسؤولية الشرعية والوطنية الملقاة على عاتقهم وتقديم المصالح العليا للبلد والشعب على المصالح الضيقةquot;. وأوضح انه حينما يرفض المرجع السيستاني في الفترة الأخيرة استقبال السياسيين فإن هذا تعبير عن امتعاضه للأداء غير المقبول للسياسيين وانشغال الكثير منهم بالمصالح الضيقة دون الاهتمام بالمصالح العامة للبلد والشعب.

المرجعية العليا تعلق الدراسة تضامنًا مع الشعب البحريني

وأعلنت المرجعية الشيعية العليا في مدينة النجف (160 كم جنوب بغداد) تعطيل الدراسة الحوزوية احتجاجًا على الاوضاع في البحرين وتضامنًا مع شعبها. وقال مصدر مقرب مقرب من المرجعية ان المرجعيات الشيعية في النجف قد اتفقت على تعطيل الدراسة الحوزوية احتجاج على ما يتعرض له الشعب البحريني من اضطهاد موضحا ان تعطيل الدراسة سيكون ليوم غد فقطquot;.

ومن جانبه، عبر الشيخ محمد الجبوري ممثل المرجع الشيعي الشيخ قاسم الطائي عن استغرابه من سماح الحكومة لمظاهرات تدعم شعوبا عربية واسلامية ثم وتستنفر كل اجهزتها الامنية لعرقلة خروج تظاهرة وطنية تطالب بالاصلاح.

وتساءل في خطبة صلاة الجمعة التي أمّها بين متظاهرين في ساحة التحرير وسط بغداد التي شهدت تظاهرات تطالب بإطلاق المعتقلين في السجون العراقية والاميركية قائلا quot;هل اصبحت التظاهرات اسلوبًا للمزايدات السياسية او تطويقا للتظاهرات المحلية او اسلوبًا للالتفاف على ديمقراطية نريد لها ان تنمو ؟quot;.

واشار الى ان تظاهرات اليوم تدعو للإصلاح وتنفيذ وعود المسؤولين التي اطلقوها خلال انتخابات العام الماضي حول الاصلاحات وقال انه لذلك ليس هناك اي مبرر الى تحشيد اعداد كبيرة من القوات الامنية او الى ممارسات تعويقية للمتظاهرين. واضاف انه quot;كان الاولى بالحكومة ان تشكر المتظاهرين ومطالبهم السلمية والاصلاحية التي حفزتها على العمل لتحسين ادائها والقيام بواجباتها ومحاسبة المقصرين.

تظاهرات تضامن مع البحرينيين

وجاءت هذه المواقف على وقع احتجاجات وتظاهرات شهدتها اليوم مدن عراقية عدة للاحتجاج على قمع المتظاهرين في البحرين ووصول قوات خارجية اليها حيث تهدد المواجهة بين الشيعة والسنة في الخليج بمفاقمة الانقسام الطائفي بالعراق بعد سنوات من الصراع.

وحمل المتظاهرون لافتات تقول quot;جاهزون جاهزون للتطوع دفاعًا عن ارض البحرينquot; وquot;نطالب الحكومة الاتحادية باتخاذ موقف حازم جراء اعمال القمع الوحشيةquot;.. كما حملوا اعلام البحرين وسط هتافات وquot;نعم نعم للبحرين نعم نعم للاسلامquot;. وكان الصدر قد دعا الى المشاركة في تظاهرات في العراق اليوم الجمعة.

وامس انتقد المالكي التدخل العسكري من جيران البحرين واحتشد أنصار رجل الدين الشيعي المناهض للولايات المتحدة مقتدى الصدر في بغداد والبصرة تأييدا للاحتجاجات في البحرين. وخلال جلسة خاصة لمجلس النواب امس فقد طالبت قوى شيعية وسنية في المجلس الحكومة البحرينية بالكف عن استخدام القوة ضد المتظاهرين والاستجابة الى مطاليبهم وسط تعبير عن آمال بأن لاتؤثر الاحداث هناك على النسيج الاجتماعي في المنطقة الذي تتعايش فيه الطائفتان فيما خرجت تظاهرات في مدن عراقية دعما للشعب البحريني ورفضا للتدخل الخارجي في شؤونه الداخلية.

وتحظى الاحداث التي تشهدها البحرين منذ ايام بأهتمام العراقيين الذين يتابعون تطوراتها والذين نجحوا في الخروج من تطاحن طائفي مماثل شهده العراق عام 2006.. ولذلك فأن القوى العراقية السياسية والدينية والاجتماعية تحرص على عدم تأثير الاحداث الدامية على الساحة البحرينية على العلاقات بين العراقيين من الشيعة والسنة.

وقال رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي ان مايجري في دولة البحرين واضح للعالم بانه تحرك شعبي معربًا عن امله بانquot; لا نرى عنفا وعنفا مقابلا سواء باتجاه ممتلكات الدولة ومؤسساتها او التصرفات الشخصية غير اللائقة والاحتكاك المبرر من قبل المتظاهرين والاجهزة الامنيةquot;.

وعبر عن الامل بان لا يكون لما يحدث في البحرين تأثير على النسيج الاجتماعي في البحرين وعلى المنطقة برمتها... رافضًا اي تدخلات سلبية تساهم في تصعيد الاوضاع وتزعزع استقرار هذا البلد وتفتيت التلاحم المكوناتي الثقافي والاجتماعي quot;داعيا باسم مجلس النواب الى quot;ترك اهل البحرين لملله ونحله وكل اطيافه المجتمعاتية ان يقرروا مصيرهم بانفسهم بعيدًا من اي تدخل باستثناء المفيد والايجابي منهquot;.

وخلال مؤتمر صحافي في بغداد طالب النائب المستقل في التحالف الوطني صباح الساعدي الحكومة العراقية بطرد السفيرين الإماراتي والبحريني في حال عدم إخراج قوات درع الجزيرة من أراضيها.

وطالب الساعدي باستدعاء السفيرين الأميركي والبريطاني في العراق وإتخاذ موقف دولي باتجاه قضية البحرين فضلا عن عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن بهذا الشأن، مشدّدًا على ضرورة عقد جلسة لوزراء الخارجية العرب في الجامعة العربية للتباحث حول أحداث البحرين. وكان مجلس النواب العراقي قد علق امس جلساته لمدة عشرة ايام حتى 27 من الشهر الحالي تضامنًا مع الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها البحرين.

المالكي والحكيم يعبران عن قلقهما لاحداث البحرين

وعبر رئيس الوزراء نوري المالكي اليوم عن قلقه الشديد بشأن دخول قوات خليجية إلى البحرين مطالبًا المجتمع الدولي بممارسة دوره، فيما دعا رئيس المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم إلى حل المسألة عبر الحوار والنظر بواقعية لمطالب الشعب البحريني.

وقال المالكي خلال اجتماع مع الحكيم إن quot;سير الشعوب في تظاهرات للتعبير عن مطالبها حق طبيعي كما حصل في العراق حيث كانت التظاهرات محترمة ومرحب بها ولم تتعرض لعمليات عسكرية لا بل تزال مستمرة ونشجع على استمرارها وليس لدى الحكومة مشكلة طالما أنها مطلبية ولا تهدف إلى تهديم وتخريب المؤسساتquot;. وعبر عن قلقه الشديد إزاء quot;ما يجري في ليبيا واليمن والبحرين والذي يقلقنا أكثر هو دخول قوات من دول أخرى لإعطاء رسالة حشد طائفي في مقابل طائفة معينةquot;.

وأضاف المالكي أن هذه مسيرة خطيرة جداً ستخرج القضية من إطارها البحريني إلى إطارها الأوسع في المنطقةquot; متمنيًا أن quot;يتعقل الجميع ويدرك أنها عملية خطرةquot;. وطالب المجتمع الدولي ومنظمة المؤتمر الإسلامي بممارسة دورهم عياً السعودية وبقية الدول إلى quot;أخذ جانب الإصلاح والمعالجة السليمة للقضية وليس تحويلها إلى عمليات مسلحة ومواجهاتquot;.

من جانبه، قال الحكيم إن اجتماعه مع المالكي كان لتقييم مجمل الأوضاع الإقليمية معرباً عن قلقه الشديد من تطور الأوضاع إزاء ما يجري في ليبيا واليمن والبحرين ودخول القوات الخليجية إلى البحرين. واضاف ان استهداف المواطنين يمثل خطوة تستحق الوقوف عندها طويلاً داعياً جميع من تقع عليه مسؤولية التدخل بـاتخاذ الإجراءات الملائمة لحل المسألة عبر الحوار والنظر بواقعية لمطالب الشعب البحريني.