بدأ رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان اليوم الإثنين زيارة للعراق تشمل بغداد والنجف وأربيل يرافقه فيها وزراء الخارجية احمد داود اوغلو والدولة ظفر جاغلايان والطاقة والثروات الطبيعية تانر يلدز لإجراء مباحثات تتناول قضايا حزب العمال التركي الكردستاني والبحرين وتركمان البلاد، إضافة إلى توسيع العلاقات السياسية والامنية والتجارية.


أكد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان أن بلاده تريد عراقا موحدا يحافظ على السلام ويوفر الرفاهية لشعبه والمنطقة، كما تدعم وحدة أرضه واستقلاله واستقراره مشددا على أن بلاده تقف بمسافة متساوية مع جميع الاطراف في العراق وتحتضن جميع العراقيين بغض النظر عن دينهم ومذهبهم مبديا استعداد تركيا لتقديم الدعم الكامل للحكومة العراقية والمساعدة لحل المشاكل في جميع المجالات وتقاسم الخبرات في جميع الإصلاحات التي يسعى العراق لها من خلال تعزيز العلاقات بين البرلمانين العراقي والتركي.

وقال اردوغان مخاطبا أعضاء مجلس النواب خلال كلمة امام المجلس اليوم quot;اخاطبكم ايها النواب وتحت سقف هذا المجلس العظيم لا أخاطب المجلس فحسب وإنما جميع العراقيين لان هذا المجلس يمثل العراق ويحمل امانة العراق على اكتافه فيالوقت نفسهوان اي قانون يصدر هنا يحدد اتجاه ومستقبل الشعب العراقي quot;. واضاف quot;أشعر بالفخر للتواجد في مجلس يخطو خطوات امينة نحو الديمقراطية ومنتخب من قبل الشعب وأهنئ الشعب العراقي على المسافة التي تحققت في طريق الديمقراطية quot;مشيرا الى ان quot;الاسم الاول لمدينة بغداد هو مدينة السلام وهي التي كانت مركزا للعلم والفن والاعمار وكانت عاصمة لأكبر الحضارات في التاريخ وان بغداد المذكورة في حكايات الف ليلة وليلة هي فخر لحضاراتنا المشتركة ان جميع المدن العراقية قريبة لنا مثل مدننا التركية ونحن كأتراك نقول دائما لايوجد حبيب كالام ولاتوجد ديار كبغداد فنحن اخوة بتاريخنا المشترك وحضارتنا المشتركة quot;.

واضاف quot;مثلما نفتخر بروعة جمال بغداد نحن كشعب نبكي لبكاء بغداد وان امن ورخاء العراق يعني رخاءً وامنا لتركيا وان قلوبنا كانت تتفطر عندما كانت القنابل تسقط على بغداد معتبرا ان quot;التفجيرات التي تحدث في العراق والمجازر والقتل تؤثر في اعماقنا وتتفطر قلوبنا عندما يرفع الاخوة السلاح بعضهم ضد البعضquot;. وقال ان quot;هذه الارض سالت عليها دماء اهل البيت والصحابة والامام علي (ع) لانريد ان يكون في بغداد هولاكو جديد او يزيد جديد او ابن ملجم جديد ولانريد جرائم حلبجة جديدة او فلوجة جديدة quot;.

وشدد على انquot; هذا المجلس امل للعراق وكل المنطقة ولاحياء العراق من جديدquot; .. وقال ان quot;الجميع يتابعونكم في اسطنبول ودارفور وكابول وغزة ورام الله واريحا كلما توحدتم توحد الجميعquot;.

واكد رئيس الوزراء التركي ان بلاده quot;تتعامل مع العراق كجار قريب وترى الاشقاء في ليبيا والعراق دون تفرقة وتركيا تريد عراقا موحدا يحافظ على السلام ويوفر الرفاهية لشعبه والمنطقة وتدعم وحدة ارضه واستقلاله واستقرارهquot; . واضاف quot;لقد وقفنا على مسافة متساوية مع جميع الاطراف في العراق ونحتضن جميع العراقيين بغض النظر عن دينهم ومذهبهم وسنعمل من اجل ان يعم الخير لكل العراق quot; مبديا استعداد تركيا quot; لتقديم الدعم الكامل للحكومة والمساعدة لحل المشاكل في جميع المجالات وتقاسم الخبرات في جميع الاصلاحات التي يسعى العراق لها من خلال تعزيز العلاقات بين البرلمانين العراقي والتركي quot;.

واشار الى انه اتفق مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خلال اجتماعه به اليوم على رفع مستوى التعاون وعلى اعلى المستوياتquot; موضحا قدوم 200 رجل اعمال تركي الى العراق لبحث امكانية التعاون في مجالات الطاقة والاعمار .واوضح انه سيقوم غدا بزيارة المرجع الشيعي الاعلى السيد علي السيستاني وبعدها يتوجه الى اربيل لافتتاح بعض المشاريع مشددا على ان تركيا quot; لاترغب في وجود منظمة ارهابية تعرقل صفو علاقتنا مع العراق ما يتطلب العملمعا لمكافحة هذه المنظمةquot; في اشارة الى حزب العمال التركي الكردستاني الانفصالي.

المالكي وأردوغان أكدا العمل ضد القاعدة وحزب العمال
واكد المالكي واردوغان خلال اجتماع لهما في بغداد اليوم ضرورة تطوير العلاقات الثنائية وتوسيع حجم التبادل التجاري خصوصًا في مجالي المواد الغذائية والطاقة والإتفاق على التعاون في مكافحة الإرهاب والمنظمات الإرهابية المتمثلة بحزب العمال الكردستاني وتنظيم القاعدة.

كما بحثا القضايا ذات الإهتمام المشترك وسبل تطوير العلاقات بين البلدين على المستويات السياسية والإقتصادية والتجارية والتطورات الجارية في المنطقة.

وقال المالكي خلال الإجتماع quot;نعمل على زيادة التعاون بين العراق وتركيا لما تربطهما من علاقات تأريخية متينة، ونستطيع اليوم أن نرسم منحنى لهذه العلاقات وسنجدها باتجاه تصاعدي ومتطورquot;. ودعا الشركات التركية إلى العمل في العراق والمساهمة في عملية البناء والإعمار، مؤكدًا أن آفاق التعاون مفتوحة وواسعة في هذا الإطار على طريق رفع نسبة التبادل التجاري بين البلدين.
وناشد الوزراء من الجانبين لعقد اجتماعات ثنائية تخرج بتفاهمات وإتفاقات لتوسيع التعاون في مختلف المجالات، مؤكدا ضرورة تفعيل الإتفاقات التي تمت بين الجانبين.

وفي اشارة إلى التحولات الجارية في المنطقة قال المالكي quot;إن المتغيرات التي تجري حاليا في المنطقة تتطلب منا مزيدا من التعاون والتفاهم على إحترام إرادة الشعوب ومتطلباتها السياسية والخدمية، وليس على قاعدة التدخل في شؤونهاquot;.

من جهته أكد رئيس الوزراء التركي ضرورة تعزيز التعاون المشترك بين العراق وتركيا على المستويات كافة، وتفعيل عمل لجنة التعاون العالي المستوى والإتفاقات ومذكرات التفاهم المشتركة بين البلدين وأن تأخذ حيز التنفيذ. ودعا العراق إلى الانضمام إلى الإتفاق الرباعي الذي يضم تركيا وسوريا ولبنان والأردن، مشيرًا إلى أن العراق أصبح اليوم ورشة عمل quot;ونرغب في أن تساهم الشركات التركية في عملية الإعمار في العراق، سواء مع الشركات العراقية أو بشكل منفردquot;. وعبّر أردوغان عن امله في تسهيل إجراءات السفر ورفع الإجراءات الرسمية في هذا الإطار، وقال quot;نأمل تحويل الحدود بين البلدين من خطوط فاصلة إلى بوابات مفتوحة ومتواصلةquot;.

بعد نهاية الإجتماع قدم المالكي واردوغان إيجازًا صحافيًا أوضحا فيه ما تم التوصل إليه خلال اللقاءات من ناحية تطوير العلاقات الثنائية وتوسيع حجم التبادل التجاري، خصوصًا في مجالي المواد الغذائية والطاقة والإتفاق على التعاون في مكافحة الإرهاب والمنظمات الإرهابية المتمثلة في حزب العمال الكردستاني وتنظيم القاعدة. وأكدا ضرورة إحترام إرادة الشعوب ومتطلباتها دون التدخل في شؤونها الداخلية.

وفي كلمات لممثلي الكتل النيابية رحّب النائب ابراهيم الجعفري عن التحالف الوطني بزيارة اردوغان مشيرا الى عمق العلاقات التي تربط العراق وتركيا في مختلف المجالات مثنيا على تجربة حزب العدالة والتنمية في ادارة الدولة التركية ومواقف اردوغان تجاه العراق وعدد من دول المنطقة داعيا تركيا الى الوقوف بجانب العراق في توفير المياه .

اما النائب سلمان الجميلي عن كتلة العراقية فقدم الشكر للمواقف المتميزة لاردوغان لنصرة قضايا الامة وتجربته في الحكم الرشيد بالمزج بين الحداثة والاصالة موضحا ان تركيا تساهم بالاستقرار في المنطقة وتدعم علاقات متميزة مع جميع دول الجوار مؤكدا ان العراق لن يسمح ان يكون منطلقا للاعتداء على تركيا . ومن جهته، اكد النائب فؤاد معصوم عن ائتلاف الكتل الكردستانية دعم تبادل الزيارات بين المسؤولين في كلا البلدين تركيا والعراق لتحسين العلاقات وتطويرها مشيرا الى اهمية القضاء على الهواجس والمخاوف بين الطرفين مبديا دعمه للخطوات المبذولة لتمتين الوحدة الوطنية في تركيا من خلال مساعي حل القضية الكردية بشكل عادل.

مباحثات مع المالكي والسيستاني وبارزاني

أردوغان يتحدث الى مجلس النواب العراقي

وكان أردوغان وصل الى بغداد الاثنين في زيارة تشمل بغداد والنجف وأربيل يرافقه فيها وزراء الخارجية احمد داود اوغلو والدولة ظفر جاغلايان والطاقة والثروات الطبيعية تانر يلدز لإجراء مباحثات تتناول قضايا حزب العمال التركي الكردستاني والبحرين وتركمان البلاد اضافة الى توسيع العلاقات السياسية والامنية والتجارية.

وسيبحث اردوغان في بغداد اليوم مع الرئيس جلال طالباني ورئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس مجلس النواب أسامة النجيفي وعدد من قادة الاحزاب السياسية سبل تطوير علاقات البلدين السياسية والامنية والتجارية .

ويلتقي اردوغان الثلاثاء في النجف (160 كم جنوب بغداد) المرجع الشيعي الأعلى في البلاد آية الله السيد علي السيستاني ويناقش معه أوضاع المسلمين عامة وفي العراق وتركيا خاصة.. وكذلك الشك الطائفي على ضوء احداث الاحتجاجات في البحرين والاتهامات الرسمية البحرينية لايران بالتدخل في شؤونها والموقف العراقي الداعم لتلك الاحتجاجات.

ثم يتوجه اردوغان من النجف الى اربيل (220 كم شمال بغداد) عاصمة إقليم كردستان ليبحث مع رئيس الاقليم مسعود بارزاني ورئيس حكومته برهم صالح العلاقات الامنية والتجارية والتطورات الاقليمية على ضوء وجود قواعد لحزب العمال الكردستاني التركي الانفصالي في مناطق الاقليم الشمالية المحاذية لتركيا. وسيشارك اردوغان في حفل الافتتاح الرسمي للقنصلية التركية في اربيل وفي مراسم افتتاح مطار اربيل الدولي.

وتعتبر زيارة اردوغان لاربيل الأولى من نوعها التي يقوم بها مسؤول تركي على هذا المستوى بعد ان كانت انقرة لاتعترف بإدارة الإقليم نظرًا لتخوفها من أن يؤدي ذلك إلى تشجيع التطلعات الانفصالية للاكراد الاتراك في جنوب البلاد.

كما سيبحث اردوغان مع القادة الاكراد مسألة التخفيف من التوتر بين الاكراد والتركمان وخاصة حول محافظة كركوك الشمالية الغنية بالنفط التي يطالب الاكراد بضمها الى اقليمهم الشمالي فيما يعارض التركمان والعرب فيها ذلك ويدعون الى تحويلها لاقليم مستقل لوحده.

بحث قضية حزب العمال

وابلغ مصدر عراقي quot;إيلافquot; أن مباحثات اردوغان في كردستان ستتناول قضية حزب العمال الكردستاني الذي يتخذ من اراضي كردستان العراق قواعد له يهاجم انطلاقًا منها بين الحين والاخر اهدافًا حيوية مدنية وعسكرية داخل الاراضي التركية. وأشار إلى أن القوات التركية عادة ما تهاجم قواعد حزب العمال التركي داخل الأراضي العراقية الشمالية لإيقاف هجماته ضد أهداف حيوية داخل الأراضي التركية.

وأوضح أن هناك لجنة تركية عراقية أميركية أمنية مشتركة تجتمع بشكل دوري لمتابعة تحركات حزب العمال الذي كان الاتراك يتهمون اكراد العراق بمساعدتهم عسكريًا ولوجستيًا. كما أن هناك قواعد عسكرية تركية داخل الاراضي العراقية وخصوصًا في منطقة بامرني ما يتطلب العمل على الاسراع بخروجها بعد أن وقف العراق رسميًا وفعليًا ضد أي تحرك معادٍ لتركيا ينطلق من أراضيه.

ومنذ العام 2007 يقصف الجيش التركي في شكل منتظم مواقع حزب العمال الكردستاني في العراق وقام في هذا الاطار بعمليات توغل برية عدة. وبحسب التقديرات، فان نحو ألفي متمرد يتحصنون في شمال العراق. وتدعو انقرة واشنطن حليفتها في الحلف الاطلسي التي تزودها بمعلومات عن تحركات المتمردين وأيضًا حكومة اقليم كردستان العراق الى بذل مزيد من الجهد دعمًا لتصديها لحزب العمال الكردستاني.

وخلال لقاء اخير في كندا طلب اردوغان من الرئيس الأميركي باراك اوباما ممارسة ضغوط على القادة الأكراد في العراق لاحتواء انشطة حزب العمال الكردستاني. وسبق تصاعد العنف فترة هدوء نسبي طرحت خلالها الحكومة التركية المنبثقة من التيار الاسلامي مبادرة لمصلحة تعزيز حقوق الاكراد البالغ عددهم 15 مليون شخص من اصل نحو 73 مليون تركي. هذا في وقت ترتفع اصوات في تركيا تطالب الجيش باجتياح شمال العراق بحجة أن الاميركيين لم يضعوا حدًا لانشطة حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه انقرة منظمة ارهابية.

واضاف المصدر أن تحولاً كبيرًا في علاقات تركيا مع الادارة الكردية العراقية قد بدأ منذ عامين بفضل دخول شركات تركية للعمل في عمليات البناء التي يشهدها الإقليم، موضحا أن هناك حوالى 200 شركة تركية والاف العمال الاتراك الذين يزاولون نشاطهم في كردستان العراق. وقد بدأت السلطات التركية تشير أخيرًا إلى أن قضية اقليم كردستان مسألة عراقية داخلية لا تريد التدخل بها.

تفعيل نشاط المجلس الإستراتيجي بين البلدين

وفي بغداد سيبحث اردوغان مع المالكي تفعيل عمل المجلس الاستراتيجي بين بلديهما الذي سيعقد اولى جلساته وضرورة تطوير عمل اللجنة العليا المشتركة بينهما. وكان المالكي قد أكد أخيرًا ضرورة توسيع التعاون بين العراق وتركيا من خلال المجلس الاستراتيجي وتفعيل عمل اللجنة العليا بين البلدين والمضي في التعاون في المجالات الإقتصادية كافة.

وقبيل زيارة اردوغان إلى العراق قالت حكومة بغداد إن هناك رغبة مشتركة مع تركيا لزيادة حجم التبادل التجاري بينهما من 10 مليارات دولار العام الماضي إلى 20 مليار دولار خلال الفترة المقبلة. وقالت quot;نحن بحاجة إلى تحرك من الجانب التركي وأن يعمل العراق على فتح مجالات حقيقية يعمل من خلالها على مواجهة التحديات التي عرقلت فرص الاستثمار وعلى وجه الخصوص الملف الأمني وطريقة إدارة فرص الاستثمار في العراق إضافة إلى التأخير الحاصل في انجاز معاملات ملف الاستثمارquot;.

وتكتسب العلاقات العراقية التركية أهمية بالغة على الاصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية نظرًا للروابط التي تجمع البلدين الجارين تاريخيًا وثقافيًا بما ينعكس على طبيعة هذه الروابط وضرورة قيامها على أسس من التعاون المشترك والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدين.

وقد تم توقيع العديد من الاتفاقيات بين البلدين على إثر زيارات متبادلة لمسؤولي البلدين حيث ان هناك على الصعيد الاقتصادي علاقات تجارية واسعة النطاق تأخذ شكل استيراد العراق للبضائع التركية بكميات كبيرة بما جعل نقطة العبور بين البلدين من أهم المناطق التجارية التي تشهد حركة دخول الشاحنات التركية الى العراق بشكل يومي وكبير.

وبالمقابل فإن العراق يصدر نفطه المستخرج من كركوك عبر أنبوب النفط الذي يمر بالاراضي التركية وصولاً الى ميناء جيهان حيث يصدر الى انحاء العالم. ومع زيادة قدرة العراق على التصدير وضرورة فتح منافذ جديدة، فقد تقرر فتح خط أنبوب نفطي آخر وأنبوب نقل الغاز عبر تركيا ليكون عاملاً من عوامل توثيق الروابط الاقتصادية بين البلدين الجارين وبما يعود بالمنفعة المشتركة عليهما.

وكانت بغداد وأنقرة وقعتا خلال زيارة أردوغان للعراق منتصف تشرين الأول (أكتوبر) العام 2009 حوالى خمسين مذكرة تفاهم تعزز التعاون السياسي والاقتصادي بينهما خصوصًا في مجال الأمن والمياه وفتح المعابر والنفط والربط الكهربائي والصحة والسكك الحديد والزراعة.