يبدو أن مسار العلاقات اللبنانية - السورية ينحدر مجدداً نحو التأزم بعدما وجّهت سوريا أصابع الإتهام إلى تيار المستقبل بضلوعه في موجة الإحتجاجات المعارضة لنظام الأسد التي شهدتها البلاد أخيرًا. فاعتبر وزير التربية حسن منيمنة، المحسوب على التيار، أن اتهام أطراف خارجية لإضعاف المعارضة في الداخل هو عملية فاشلة.
وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال حسن منيمنة |
بيروت: تطوّر الاحداث في سوريا واستمرار التظاهرات الشعبية التي تتراوح شعاراتها بين الحرية والكرامة وإسقاط النظام، يعيد اتجاه العلاقات اللبنانية ndash; السورية الى افق التأزم السابق، الذي بدأ مع اغتيال الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري في العام 2005.
يتجلى ذلك من خلال الاتهام الذي وجهته الاجهزة الامنية السورية إلى تيار المستقبل، بتقديم المساعدة المالية واللوجستية لبعض العناصر المحرّضة على التظاهرات، ويبدو أنه مرشح للمزيد من الاتهامات الاخرى، في ضوء التصريحات التي أدلى بها عضو مجلس الشعب السوري خالد العبود وبعض المسؤولين الآخرين. فاتهام الاشخاص الثلاثة الذين ظهروا على شاشة التلفزيون الرسمي السوري، واكدوا تنسيق نشاطهم مع نائب التيار عن منطقة البقاع الغربي وراشيا جمال الجرّاح، ما هو الا حلقة في سلسلة طويلة سيتم الكشف عنها لاحقاً.
وجاء كلام السفير السوري في لبنان عبد الكريم علي عن الخطر الذي يتهدد لبنان في حال استمرار تفاقم الاحداث في سوريا، ودعوته القضاء اللبناني إلى التحرك تلقائيًا للتحقيق في الاتهامات الموجهة إلى النائب الجراح، في ظل الحديث عن تهريب السلاح عبر الحدود اللبنانية السورية، وانقسام سياسي داخلي لبناني حادّ حول تشكيل الحكومة الجديدة، إضافة إلى توالي الاحداث الامنية التي كان اهمها اختطاف مجموعة من السياح الاستونيين، وعدم معرفة مصيرهم حتى الان.
سألت quot;ايلافquot; وزير التربية في حكومة تصريف الاعمال والقيادي في تيار المستقبل حسن منيمنة عن حقيقة الاتهام الموجه إلى التيار بالتدخل والتحريض على الاحتجاجات في سوريا، ورأى التيار في مسار المراوحة والتأجيل الذي تسلكه عملية تأليف الحكومة الجديدة.
يجدد الوزير منيمنة التأكيد على الموقف الثابت لتيار المستقبل بعدم التدخل وبأي شكل من الاشكال بالشأن الداخلي السوري، خصوصًا وأن هذا التدخل او اتخاذ اي موقف مما يحصل في سوريا لن يقدم أو يؤخر على ما يجري هناك من أحداث وتطورات. كما ويطلب التيارمن سوريا في الوقت نفسه عدم التدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية.
ويوضح ان هذا الاتهام يحمل معاني متعددة، وأولها هو ان اي نظام يتعرض لاضطرابات داخلية يلجأ الى اتهام مندسين وجهات خارجية لإضعاف قوى المعارضة في الداخل، وهي عملية فاشلة في ظل ثورة المعلوماتية ووسائل الاعلام الحديثة. اذ أصبح جميع الناس على اضطلاع بتفاصيل ما يجري من احداث. وتعتقد بعض اجهزة المخابرات في سوريا بامكانية رمي التهمة على تيار المستقبل بفعل الخلافات السابقة معه، والسبب الثاني يعود الى الاستقطاب الشعبي الكبير للتيار، والذي ظهر في 13 آذار، تحت شعار سحب سلاح حزب الله من الداخل اللبناني، والاعلان بشكل واضح عن التدخل الايراني في لبنان والمنطقة العربية.
واعتبر الوزير منيمنة التصريحات التي ادلى بها السفير السوري في لبنان عبدالكريم علي، حول امكانية تدهور الاوضاع في لبنان، اذا ما استمر تفاقم الاحداث في سوريا، رسالة للدول المعنية بلبنان، بأن هناك تهديدًا للعب بالامن اللبناني اذا ما اتخذت تلك الدول مواقف مناهضة للنظام السوري. ورأى ان الامر يتعلق في نهاية المطاف بالتوافق بين الحكومة والمعارضة في سوريا نفسها، وليس اي مكان آخر، علمًا ان تيار المستقبل، يسعى دائما الى فتح قنوات للحوار معها بناء للاسس التي تضمن علاقات سليمة بين البلدين العربيين الشقيقين سوريا ولبنان.
يتحول الموقف الدقيق والمدروس لتيار المستقبل حيال سوريا الى قرار حاسم لديه باستمرار التصويب على سلاح حزب الله الذي كان له الدور الرئيس وفق منيمنة في انتزاع رئاسة الحكومة من رئيس التيار سعد الحريري من جهة، والدور الايراني الذي يتمثل بالتدخل في شؤون الدول العربية من جهة أخرى. ويترجم ذلك على الساحة اللبنانية بالارتباط السياسي لحزب الله بايران، ودعمه المعارضة البحرينية، وقد جاء الموقف الاخير للرئيس سعد الحريري في هذا السياق للدفاع عن آلاف اللبنانيين العاملين في دول الخليج.
واكد الوزير منيمنة وجود مشكلتين تعوقان تأليف الحكومة الجديدة، وهما داخلية تتمثل باهداف كل من اطراف الاكثرية الجديدة، وخارجية تتعلق بمعرفة سوريا بأن تشكيل حكومة اللون الواحد لن يكون محل رضى عربي ودولي.
وقال إن العماد ميشال عون يعتبر الفرصة المتاحة الآن ذهبية لفرض شروطه، واخذ أكبر عدد من الوزراء في الحكومة الجديدة لاضعاف موقع رئاسة الحكومة، وتعديل اتفاق الطائف بطريقة غير مباشرة. كما وتعلم سوريا بان تشكيل الحكومة من لون واحد سيجلب لها المتاعب، خصوصًا وان امامها موضوعات المحكمة الدولية والقضاة وتمويل المحكمة، وكل ذلك في ظل وجود الكتلة السنية الاكبر خارج عملية التأليف.
ويضيف منيمنة القول ان اقدام سوريا وحزب الله على تشكيل حكومة من لون واحد، يعني قرارًا بالدخول في مواجهة كبرى مع الخارج، ويتمنى على ميقاتي الاستمرار في الالتزام بالمسلمات التي اعلنها، وتشكيل حكومة الحد الادنى من الحفاظ على حقوق جميع اللبنانيين في مواجهة ما يسعى اليه البعض من اجل الحصول على وزارة الداخلية، وربما إلى الانتقام. ويختم منيمنة بالتأكيد على ان رئيس تيار المستقبل لا يريد السلطة في المرحلة الراهنة، الا بعد حلّ موضوع السلاح وعدم تكريس التجربة الفاشلة لحكومة الوحدة الوطنية السابقة.
التعليقات