اعترف الضابط الأميركي quot;ستيفن كسينكسquot; بانتهاكات تُرتكب بحق معتقلي مُعسكر غوانتانامو، مشيراً إلى انه كان شاهد عيان على تلك التجاوزات.
واشنطن: كشف الطبيب النفسي الأميركي quot;ستيفن كسينكسquot; عن تجاوزات لحقوق الإنسان داخل معتقل غوانتانامو، وأوضح أن عدداً من قرنائه يمارسون نشاطاً غير مسموح به قانوناً، عند التحقيق مع المعتقلين داخل أسوار المعتقل الأكثر شهرة على مستوى العالم.
وفي حديث مع الملحق الأسبوعي لصحيفة هاآرتس العبرية، يرى كسينكس quot;من الوهلة الأولى لدى دخول أبواب المعتقل، يبدو كل شيء منمقاً، الأمر الذي يحول دون رصد أية تجاوزات، سواء من القائمين على المعتقل أو العاملين فيه، فدرجة الحرارة جيدة، اعتماداً على منظومات حديثة لتكييف الهواء، وعنابر المعتقل نظيفة جداً، كما يرتدي المعتقلون ملابس نظيفة، فضلاً عن وجود صالات لممارسة الرياضةquot;.
أسوار المعتقل
على الرغم من ذلك، تُخفي أسوار المعتقل تفاصيل، يرتكب فيها الأطباء النفسيون مخالفات وتجاوزات لقوانين حقوق الإنسان، ويعترف كسينكس بذلك قائلاً: quot;أصبحت احد المعارضين للطريقة التي يتم بها التحقيق داخل غوانتانامو، بعد اطلاعي على ما يجري مع المعتقلين من تجاوزات، وكانت نقطة البداية أنني أصبحت شاهد الدفاع عن اصغر المعتقلين في غوانتانامو المدعو quot;عمر خضرquot;.
إدارة معتقل غوانتانامو كانت استدعت كسينكس لفحص حالة خضر النفسية، بعدما اعتقلته القوات الأميركية العاملة في أفغانستان، ولم يتجاوز من العمر حينذاكخمسة عشر عاماً، على خلفية إلقائه قنبلة يدوية أسفرت عن مقتل جندي أميركي، وإصابته هو نفسه بجروح. وأضاف الطبيب الأميركي: quot;لم تتعامل إدارة المعتقل مع خضر بما يتسق مع حداثة سنه، وجرت محاكمته على انه رجل كبير مخضرم في فنون القتالquot;. في الوقت الذي بات فيه كسينكس على قناعة بأن خضر مجرد فتى صغير، أجبره والده الكندي على الانضمام إلى تنظيم القاعدة في أفغانستان.
وتصف الصحيفة العبرية الطبيب الضابط الأميركي quot;ستيفن كسينكسquot;، بأنه احد quot;المعارضين والمنتقدين لطريقة التحقيقات الخاصة، التي يتبعها قرنائه مع المعتقلينquot;، وفي تناولها لملفه المهني قالت هاآرتس: quot;يعد كسينكس احد الأطباء النفسيين المخضرمين، وأنه خدم لسنوات طوال كضابط في السلاح الطبي في الجيش الأميركيquot;.
عن علاقته بملف المعتقل عمر خضر يقول كسينكس: quot;في البداية لم أكن ملماً بظروف وحيثيات اعتقال خضر، ولكنني طبيب نفسي، ويفرض علىّ واجبي المهني أن أتعامل مع المعتقل بحيادية ومنطقية، انطلاقاً من واقع دراستي، وعندما فحصت المعلومات التي يتضمنها ملف خضر، وما ينطوي عليها من تحقيقات جرت معه، تبين لي أنه بريء، وان الاتهامات المنسوبة إليه ليست منطقية، ونظراً إلى كوني طبيباً وضابطاً في الوقت عينه، رفضت اعتقال هذا الصبي، واعترضت على اعتقاله غير المبررquot;.
برنامج المسافر الدائم
على الرغم من ذلك أكد الطبيب الضابط الأميركي، أن القائمين على اعتقال خضر قاموا بتعذيبه وأسفر ذلك عن إصابته مرتين في ظهره، وتم اعتقاله في البداية بمعتقل بغرام في أفغانستان تحت ظروف قاسية، إذ وضعوا سواراً في يده بعد دقائق من اعتقاله على خلفية الواقعة التي تم إلقاء القبض عليه فيها، بالإضافة إلى ذلك يرى كسينكس: quot;إنني على ثقة بأنهم مارسوا عليه ضغطاً بالغاً خلال التحقيق معه، ومنعوه من تناول جرعات الدواء التي أوصى بها الطبيب بعد تعرضه للإصابة، وذلك تحت مبرر التعاون مع جهات التحقيق، كما تم إدراجه ضمن برنامج quot;المسافر الدائمquot; (الذي يتم بموجبه نقل المعتقل من زنزانة لأخرى لعدة مرات في النهار والليل، للحيلولة دون نومه وإضعاف مقاومته قبل التحقيق معه).
وفي متابعته لوصف مسلسل التعذيب داخل المعتقل الأميركي، لم يستبعد كسينكس استخدام عمر خضر وغيره من المعتقلين في مسح أرضية المعتقل بأرديتهم من البول الذي يتبولونه في زنزاناتهم، موضحاً أن قيادة الجيش لا تعلم شيئاً عن تلك الممارسات بشكل رسمي، ولكن هذه التفاصيل لم تظهر فقط من خلال شهود العيان داخل المعتقلات الأميركية، وإنما باتت مؤكدة من خلال الوثائق التي أكد الضابط الأميركي اطلاعه عليها، مشيراً إلى انه يُحظر عليه الحديث عنها تفصيلياً، وأضاف كسينكس: quot;عندما حاولت فحص عمر خضر، اتضح انه يعاني من الذعر على خلفية ما تعرض له من تعذيب، واعتقد أن هذه الحالة ستلازمه في المستقبلquot;.
وكان خضر قد حُكم عليه بالسجن لمدة ثمانية أعوام، لم تتضمن السنوات التي قضاها في معتقلات أخرى قبل غوانتانامو، وخلال الأيام القليلة الماضية دُعي خضر لحضور مؤتمر لمدة يومين في مدينتي رام الله والقدس، ودارت حلقات النقاش داخل المؤتمر حول المسؤولية الملقاة على عاتق المحققين، الذين يقومون بتعذيب المعتقلين، وبادر إلى عقد هذا المؤتمر ثلاثة منظمات حقوقية هى quot;عدالةquot;، quot;أطباء لحقوق الإنسانquot;، وquot;الميزانquot; وهى منظمة حقوقية فلسطينية.
إغلاق المعتقل
وفي رده على سؤال حول أسباب المطالبة بإغلاق معتقل غوانتانامو، يرى الطبيب الضابط الأميركي، انه بسبب ما يمثله المعتقل من تجسيد للولايات المتحدة بأنها دولة تمارس نشاطاً خارج إطار القانون، ووجه كسينكس انتقادات لاذعة لقرنائه من الأطباء النفسيين، الذين كانوا ضالعين في التحقيق مع معتقلين في غونتانامو، مشيراً إلى أن الحقيقة التي تم الكشف عنها منذ سنوات عدة، تؤكد خرقهم القانون وتجاوزهم آداب المهنة، التي تلزمهم بتوخي الحذر عند التحقيق مع المعتقل، تفادياً لتعرضه لأذى.
وأضاف في حديثه للصحيفة العبرية: quot;حاولت إقناع نقابة الأطباء النفسيين في الولايات المتحدة بمنع أعضائها من المساعدة بالتحقيقات، في محاولة للوصول إلى بُعد إنساني بين جهات التحقيق والمعتقل، غير أن مجهودي في هذا الصدد لم يُكلل بالنجاحquot;.
لهذه الأسباب، لم يبد كسينكس دهشة عندما شاهد صور الجنود الأميركيين، وهم يقفون إلى جوار جثث القتلى المدنيين في أفغانستان، ويقول: quot;خاب أملي عندما وقعت عيناي على هذا المشهد الدراماتيكي، غير أنني على قناعة بأن الجيش الأميركي يخضع لضغوط بالغة، بسبب المهام الثقيلة الملقاة على كاهله خارج الولايات المتحدةquot;. على الرغم من ذلك ادعى كسينكس أن الجيش الأميركي من أفضل الجيوش التي تؤدي مهامها دون المساس بمدنيين، إلا أن الضغوط الممارسة على الجنود في الخارج قد يكون لها بالغ الأثر في حدوث هذه التجاوزات.
لم يقتصر حديث ستيفن كسينكس على معتقل غوانتانامو فقط، وإنما رصد في حديثه مع هاآرتس عدداً ليس بالقليل من المعتقلات التي تطولها التجاوزات ضد المعتقلين، ووضع في طليعتها معتقل بغرام في أفغانستان، مشيراً إلى أن هذا المعتقل يعد مركزاً لمعتقلي حركة طالبان وغيرها، ويقبع في إحدى القواعد العسكرية الأميركية المتاخمة للعاصمة كابول، وقتل فيه ما لا يقل عن شخصين بعد تعرضهم للتعذيب على أيدي جنود أميركيين.
يشار إلى أن معتقل افين في إيران، يقع في شمال طهران، ويعود تاريخ بناؤه إلى عهد الشاه الإيراني، وتم توسعته في أعقاب الثورة الإسلامية، واعتقل فيه عدد ليس بالقليل من السجناء السياسيين، ولقى معظمهم حتفه بداخله، ومن هؤلاء الصحافية الإيرانية ndash; الكندية زاره كاظمي، التي تم اغتصابها وقتلها داخل المعتقل. ومعتقل 1391 في إسرائيل، وهو المعتقل الإسرائيلي الذي لا يُسمح لمنظمة الصليب الأحمر بدخوله، كما انه لا يوضع على أية خارطة جغرافية في إسرائيل، وصادقت محكمة العدل العليا الإسرائيلية على تشغيله، واعتقل فيه على سبيل المثال لا الحصر اللبنانيين مصطفى ديراني، والشيخ عبد الكريم عبيد.
التعليقات