فيما تتخبط مسألة تشكيل الحكومة اللبنانية بعوائق ومطبات تؤخّر ولادتها،أعلن وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال زياد بارود أنه أبلغ رئيس الجمهورية ميشال سليمانعدم رغبته في تحمّل أي مسؤولية وزارية فيها. فهل بإعلانهسيحسم الصراع الدائر بين رئيس الجمهورية ورئيس تكتل التغيير والإصلاح حول امتلاك حقيبة الداخلية؟
وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال زياد بارود أعلن عزوفه عن المشاركة في الحكومة المقبلة |
بيروت: أعلن وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية زياد بارود أنه أبلغ رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان قبل ثلاثة أشهر عدم رغبته في تحمّل أي مسؤولية وزارية في الحكومة المقبلة، ورفضه أن يكون عقبة في وجه تشكيلها، كما يصوّر في الإعلام.
والعقدة الأساسية في أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية تتمثل في صراع دائر بين الرئيس سليمان ورئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب العماد ميشال عون، حول امتلاك حقيبة وزارة الداخلية ضمن حصته الوزارية. فهل يؤدي عزوف الوزير بارود عن المشاركة في الحكومة المقبلة الى حلحلة عقدة تشكيلها؟.
سؤال طرحته الأوساط السياسية في لبنان، وتباينت حوله الأجوبة. فهناك من رحّب بخطوة الوزير بارود، واعتبرها مؤشراً إلى قرب التوصل الى تفاهم كامل يسرّع ولادة الحكومة العتيدة، فيما رأى آخرون أن ما فعله بارود ليس أكثر من إبعاد اسمه عن دائرة الخلاف المستحكم بين quot;الجنرالينquot;، بعدما لمس ميلاً لدى رئيس الجمهورية بالتخلي عنه.
لكن المشكلة الاساس باقية على حالها، وإن اتخذت شكلاً مختلفاً، يكمن في البحث عن اسم شخصية عسكرية محايدة يرضى عنها الطرفان لتولي الحقيبة المذكورة. وهذا ما بدأ العمل عليه في الأيام الماضية بعدما تمنى الرئيس نجيب ميقاتي المكلف تشكيل الحكومة على قائد الجيش العماد جان قهوجي المساعدة في هذا الموضوع.
وقام الأخير بترشيح العميد في الأركان بول مطر لهذا المنصب، لكنه قوبل برفض رئيس الجمهورية له، فيما حاز موافقة العماد عون. وتردد أن الأول يؤثر المجيء بالعميد المتقاعد فارس صوفيا، الذي سبق أن اعترض عليه الثاني، ومن هنا ينشط الوسطاء حالياً الى طرح ثلاثة أو أربعة أسماء أخرى لعسكريين غير منحازين إلى أحد من العمادين، حتى يصار الى الاتفاق على أحدهم.
هذا الأمر يعتبره المساهمون في معالجة الازمة، تقدماً على صعيد تشكيل الحكومة، وذلك بعدما تنازل كل منهما عن تمسكه بتسمية الشخص، الذي يراه مناسباً لتولي quot;الداخليةquot;، على أن يتم لاحقاً التفاهم حول موقع الوزير الممسك بهذه الحقيبة، وإذا ما كان من حصة رئيس الجمهورية أو رئيس تكتل الاصلاح والتغيير.
أمام هذا المشهد الملتبس، الذي بلغته عملية تشكيل الحكومة، وإعلان quot;حالة الاستنفارquot; للبحث عن quot;اسم سحريquot;، يفتح باب وزارة الداخلية، ويخرج بالتالي الحكومة الجديدة الى النور، تساءل وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الاعمال غازي العريضي بصوت عالٍ: quot;ألا توجد هناك شخصية مارونية في طول البلاد وعرضها وداخل الطائفة المارونية الكريمة، قادرة على تسلّم حقيبة وزارة الداخلية؟، هل بات متعذراً على زعماء الموارنة وممثليهم خصوصاً رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس تكتل الاصلاح والتغيير العماد ميشال عون العثور على اسم صالح لتولي هذه المسؤولية؟، ألم يعد هناك في المؤسسة العسكرية أو خارجها ضابط أو عميد مرضياً عنه من قبل الجنرالين؟quot;.
وقال العريضي لـ quot;ايلافquot; quot;لقد بحّ صوتي، وأنا أحذر من التأخير غير المبرر في تشكيل الحكومة. والى من يتذرع بأن هناك رغبة لدى القيادة في سوريا بألا تشكل الحكومة عندنا في الوقت الحاضر، أرد عليه بكل وضوح لأؤكد أنني عدت للتوّ من زيارة دمشق، وقد لمست هناك حرصاً سورياً على الاسراع في تشكيل الحكومة، واستغراباً للذرائع التي تساق دون تحقيق ذلكquot;.
وحذر العريضي من دخول البلد مرحلة الاهتراء، لافتاً الى أنه كان سباقاً قبل أشهر في التنبيه الى المشاكل الحياتية والمعيشية والمالية التي ستواجه اللبنانيين. وأبدى دهشته لعدم توقف أصحاب الحل والربط وquot;الغارقينquot; في ملف تشكيل الحكومة عند الصرخة التي اطلقتها وزيرة المال ريا الحسن قبل أيام عن بلوغ لبنان quot;الخط الأحمرquot; في الوضع المالي، الأمر الذي قد يتعذر معه دفع الرواتب والمستحقات للبنانيين.
وكرر العريضي تساؤله هنا quot;ألا يستدعي جرس الإنذار هذا تحركاً من جانب المسؤولين لمواجهته، والإسراع في تشكيل الحكومة أمس قبل اليوم؟. وذكر أن هناك العديد من مراكز الفئة الأولى التي ستشغر بعد مدة وجيزة مندون أن يكون هناك من ينوب عنها، كحال رئيس المجلس الأعلى للجمارك، الذي يساعده اثنان بالإنابة، مما يعني أن هذه المؤسسة ذات الأهمية الكبرى ستبقى من دون رئيس، إذا لم تشكل الحكومة، وتعمد الى تدارك الموقف.
هذا، وعلى صعيد المواقف من تشكيل الحكومة وعزوف بارود، برز أمس كلام لعضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي خريس، الذي رأى في موقف الوزير بارود بدءاً للعد العكسي لحلّ معضلة وزارة الداخلية، وبالتالي تشكيل الحكومة واصفاً عزوفه عن تولي هذه الوزارة بأنه مدخل للحل، من خلال تسمية ضابط في الجيش، يتوافق عليه الرئيس ميشال سليمان والنائب العماد ميشال عون.
أما عضو التكتل والتغيير والإصلاح النائب آلان عون، فقال إن رئيس الجمهورية لم يعد محايداً، وأصبح منافساً للتيار الوطني الحر، لافتاً الى أنه عندما طلب التكتل حقيبة وزارة الداخلية، تمسك رئيس الجمهورية بالوزير الحالي زياد بارود، في حين أنه كان مستعداً للتخلي عنه. كما ذكر عون أن الرئيس سليمان لن يمشي باقتراح اختيار اسم لوزارة الداخلية من بين لائحة أسماء تعرض عليه من منطلق إصراره على تسمية الوزير بنفسه.
التعليقات