بيروت: بعد مرور أربعة اشهر على سقوط حكومة سعد الحريري في لبنان إثر إنسحاب وزراء حزب الله وحلفائه منها، ما زالت المشاورات الشاقة جارية لتشكيل حكومة جديدة على وقع الاحتجاجات التي تشهدها سوريا المجاورة.

وقال مسؤول مقرب من رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي لوكالة الأنباء الفرنسية الخميس quot;لا يمكننا أن نحدد متى ستبصر الحكومة الجديدة النورquot;، مشيرا في الوقت نفسه الى quot;احراز بعض التقدمquot; في الساعات الاخيرة.

لكنه اضاف quot;لا شيء نهائيا بعدquot;. وكان وزراء حزب الله وحلفائه انسحبوا من حكومة الوحدة الوطنية برئاسة سعد الحريري في 12 كانون الثاني/يناير ما أدى الى سقوطها دستوريا. وجاءت هذه الخطوة على خلفية انقسام الفريقين في البلاد بشان المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في 2005.

وينقسم اللبنانيون حول عمل المحكمة، اذ يشكك حزب الله بمصداقيتها ويطالب بوقف التعاون معها، بينما يتمسك بها فريق سعد الحريري، نجل رفيق الحريري. بعد ذلك، سمى حزب الله وحلفاؤه نجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة الجديدة التي قررت قوى 14 اذار (الحريري وحلفاؤه) عدم المشاركة فيها.

وبدأت منذ ذلك الحين مشاورات شاقة حول توزيع الحقائب الوزارية، لا سيما حول وزارة الداخلية ذات الاهمية الكبيرة، والتي يتنازعها كل من رئيس الجمهورية الذي يعتبر طرفا حياديا في الانقسام اللبناني، والنائب ميشال عون الحليف المسيحي الاكبر لحزب الله الشيعي.

غير ان النائب ابراهيم كنعان في كتلة ميشال عون قال لفرانس برس quot;المشكلة ليست مشكلة حقائب، ولكن يبدو ان الرئيس المكلف لا يملك الارادة السياسية لتشكيل هذه الحكومةquot;. ولا يحدد الدستور اللبناني مهلة زمنية للرئيس المكلف لتشكيل حكومته. وفي العام 2009 استغرق تشكيل حكومة سعد الحريري خمسة أشهر.

واضافة الى تلك العوامل الداخلية التي تؤخر تشكيل الحكومة، يتحدث المراقبون عن عامل اضافي يزيد الازمة تفاقما، وهو اندلاع الاحتجاجات في سوريا المجاورة ضد نظام الرئيس بشار الاسد. وفي هذا السياق، قال هلال خشان استاذ العلوم السياسية في الجامعة الاميركية في بيروت quot;ما زالت سوريا اللاعب الاساسي في لبنان، لكن دمشق منشغلة حاليا بقضاياها الداخلية تاركة للبنانيين تدبير شؤونهم بأنفسهمquot;.

واضاف quot;اصبح لدى المسؤولين السياسيين اللبنانيين الوقت ليتنازعوا في ما بينهم ويظهروا للعالم انهم غير قادرين على ادارة شؤون البلادquot;. وكانت سوريا سحبت قواتها من لبنان في نيسان/ابريل 2005 تحت ضغط الشارع والمجتمع الدولي بعد حوالى ثلاثين سنة من التواجد. ودعت احزاب حليفة لدمشق، ابرزها حزب الله، في حينه، في مواجهة الضغوط والدعوات الى الانسحاب السوري، الى تجمع شعبي حاشد في 8 آذار/مارس 2005، بعنوان quot;شكرا سورياquot;.

وجاءت تلك الاحداث بعيد اغتيال رفيق الحريري بسيارة مفخخة في وسط بيروت في 14 شباط/فبراير 2005 وتوجيه اصابع الاتهام آنذاك الى سوريا بالوقوف وراء هذا الاغتيال. ومنذ ذلك الحين، انقسم لبنان السياسي بين معارض لسوريا ومؤيد لها.

وسقطت حكومة الحريري في 12 كانون الثاني/يناير الماضي على خلفية الخلاف حول المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال رفيق الحريري. وفي ظل عدم تشكيل حكومة، يبدو لبنان غارقا في quot;غيبوبة سياسيةquot; قد يكون لها نتائج اقتصادية سلبية، بعد ان نجح هذا البلد في تجاوز الازمة الاقتصادية العالمية.

وفي الايام القليلة الماضية، حذرت وزيرة المال في حكومة تصريف الاعمال ريا الحسن من أن وزارتها قد تعجز عن تسديد رواتب الموظفين الحكوميين في الفترة المقبلة. فبسسب الخلاف السياسي المحتدم، لم تجر المصادقة في مجلس النواب على موازنة العامين 2010 و2011.

ويشير خبراء الى أن الازمة السياسية في لبنان لن تنتهي بمجرد تشكيل الحكومة. وفي هذا الاطار، قال نديم شحادة الخبير في الشؤون اللبنانية في معهد تاشام هاوس في لندن quot;ستظهر المشاكل الفعلية ما إن تشكل الحكومةquot;. واضاف quot;سيعقد موضوع المحكمة الدولية وقضية سلاح حزب الله الاوضاع، وهما مسألتان كافيتان لعرقلة عمل الحكومة المستقبليةquot;.