لم تفاجأ الأوساط السياسية بقول رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس، بأنه quot;لم يعد هناك من وجود للثامن من آذارquot;، إذ سبق له أن صرّح العام الماضي أثناء تشكيل حكومة الوحدة الوطنية برئاسة سعد الحريري وبعدها بأن quot;على كل من 8 آذار و 14 آذار الانصهارquot;، كما راح يضيف عند ذكر quot;8 آذارquot; كلمة quot;سابقاًquot; أو يعرّف عن هذا الفريق بـ quot;المعارضة السابقةquot;.


تكمن المفاجأة في موقف رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، في إعلانه خروج كل من quot;كتلة التنمية والتحريرquot; النيابية التي يرأسها وquot;جبهة النضال الوطنيquot; برئاسة النائب وليد جنبلاط من quot;8 آذارquot; في معرض حديثه عن التعثر الحاصل في تشكيل الحكومة الجديدة.

إذ اعتبر ذلك quot;أمراً أكثر من مؤسف بل مؤلمquot;، لافتاً الى quot;أنه جرى التعاطي مع الملف الحكومي كأن هناك جهات 8 آذار ووسطية (نسبة الى صفة الرئيس نجيب ميقاتي المكلف تشكيل الحكومة) وquot;جبهة نضالquot;. وذهب الى حد نعي quot;8 آذارquot; موضحاً أنه وجنبلاط باتا في جبهة وطنية واحدة ومعهما كتل نيابية وأخرى من خارج المجلس.

وإذا كان الرئيس بري قد اتخذ موقفه الجديد هذا المتحرر من الفريق الذي كان أبرز أركانه طوال السنوات الماضية ومنذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري، فإن السؤال الذي طرحته الأوساط السياسية تركز حول الأسباب الذي دفعته الى اتخاذ هذا الموقف والصورة التي سيرسو عليها الوضع الجديد لهذه القوى (8 آذار) بعد أن خرج منها بري ليبقى quot;حزب اللهquot; وquot;تيار المردةquot; وقيادات وشخصيات سياسية إسلامية ومسيحية داخلها، خصوصاً أن quot;التيار الوطني الحرquot; الذي يتزعمه رئيس تكتل quot;التغيير والإصلاحquot; النائب العماد ميشال عون، وإن كان محسوباً من مجموعة quot;8 آذارquot;، إلا أنه يؤثر ألا يصنّف كذلك، بل أن يعرّف عنه على أنه صاحب الحقوق الأصلية لانطلاقة quot;14 آذارquot; أو مركز الثقل في الأكثرية الجديدة كما قال بالأمس العضو في الكتلة النائب سيمون أبي رميا خلال مشاركته في برنامج تلفزيوني مع عضو كتلة quot;تيار المستقبلquot; النائب جمال الجراح.

هذا واعتبر النائب عمار حوري عضو quot;كتلة المستقبلquot; موقف الرئيس بري الجديد هذا quot;محاولة لغسل يديه من الإخفاقات السياسية التي يعيشها الفريق الآخر (8 آذار) ولاسيما أن الحكومة لم تؤلف منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي من قبل فريق يفترض أنه واحدquot;، مشيراً الى quot;أن الرئيس بري المعروف بذكائه ربما كان مطلعاً سابقاً على ما نشر اليوم في صحيفة quot;الأخبارquot; من وثائق ويكيليكس التي أصابت البيت الداخلي عنده ولدى الفريق السياسي الذي ينتمي إليهquot;، في إشارة الى تضمن هذه الوثائق أحاديث أدلى بها وزراء ونواب قريبون من رئيس البرلمان يحملون فيها على حزب الله الذي لم يوفره بري أيضاً.

إلا أن الأوساط القريبة من الأخير تؤكد إعلانه الانفصال عن quot;8 آذارquot; هدف الى الخروج من الاصطفافات التي طبعت الحياة السياسية في لبنان طيلة السنوات الماضية وقسمته الى فريقين، وكذلك النزع المسبق لصفة quot;اللون الواحدquot; عن أي حكومة يرتقب تشكيلها على يد ميقاتي.

وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فقد سجل على جبهة تأليف الحكومة تقدم طفيف أمس عبّر عنه الرئيس المكلف نفسه بقوله إنه quot;مرتاح لسير الأمور في اليومين الماضيين، لكنه لا يتوقع تشكيل الحكومة قريباً، نتيجة وجود بعض المسائل التي تحتاج إلى معالجةquot;، رافضاً الكشف عن هذه quot;المسائل العالقةquot; وإن كان المتابعون لعملية التأليف يحصرونها بثلاث: أولاها الخلاف المستحكم بين رئيس الجهورية العماد ميشال سليمان والعماد ميشال عون والذي يتخذ من حقيبة وزارة الداخلية ومسألة الحصص عنواناً له. وثانيهما موضوع التمثيل السني وموقع المعارضة السنية فيه، وثالثها ما استجد من رفض للنائب الأمير طلال أرسلان الحصول على حقيبة وزير دولة والمطالبة بوزارة سيادية أسوة بالطوائف الرئيسة الأربع.

وفي هذا الإطار، نفت أوساط ميقاتي ما نشر في بعض وسائل الإعلام عن قبوله باقتراح quot;الثلاث عشراتquot; الموزعة على كل من الاكثرية الجديدة والحلف القائم بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف والنائب جنبلاط، كما استغربت في الوقت نفسه ما نسب الى الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد من كلام قيل إن شقيق الرئيس المكلف طه ميقاتي سمعه منه يعزو فيه التأخير في تشكيل الحكومة الى تحذيرات تلقاها الرئيس ميقاتي من دول أجنبية تتعلق بمصالحه المالية واستثماراته فيها. واعتبرت أوساط ميقاتي هذا الخبر عارياً عن الصحة ولا وجود له إلا في مخيلة كاتبه.