بدأ الجيش السوداني والميليشيات الموالية له حملة واسعة لسحق حركة التمرد في جبال النوبة وسط السودان بقصف القرى وإعدام وجهاء وحرق كنائس، وبذلك دفع منطقة اخرى من مناطق السودان الى أزمة، كما افاد مسؤولون في الأمم المتحدة وقرويون نازحون.

ورفض عشرات الآلاف من المتمردين انذار حكومة الرئيس عمر حسن البشير بإلقاء السلاح متحصنين في تلال المنطقة الوعرة.وتطالب حركة التمرد بالاصلاح السياسي والحكم الذاتي، الذي بات لازمًا في المناطق المهمشة من السودان، حيث انفجرت تمردات في دارفور في الغرب، والشرق والجنوب.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤول اميركي ان هذه التمردات quot;ستنتشر كالنار في الهشيمquot; متوقعًا حدوث quot;دمار وقتل على نطاق هائل في وسط السودان، ولا يبدو أن احدًا قادر على ان يفعل شيءquot;.

وضرب الجيش السوداني طوقا حول المنطقة، مهددًا بإسقاط مروحيات الأمم المتحدة.وقالت المنظمة الدولية يوم الاثنين ان القوات السودانية تحتجز اربعة من جنودها لحفظ السلام وأخضعتهم لعملية إعدام وهمية رميًا بالرصاص واصفة أساليب الترهيب هذه بأنها جزء من استراتيجية لجعل عمل وكالات الغوث والمراقبين متعذرًا.

إزاء الغليان، الذي تواجهه الحكومة السودانية على جبهات متعددة، وخاصة انفصال الثلث الجنوبي في الشهر المقبل، تبدو الخرطوم عازمة على سحق التمردات، ومنعها من تشجيع مناطق أخرى على الانتفاض.

ويرى مراقبون أن بؤرًا ساخنة ستبقى مستعرة في شمال السودان حتى بعد انفصال الجنوب، ابتداء من جبال النوبة، ودارفور، وولاية النيل الأزرق، وولاية كسالا، على امتداد وادي النيل وصولاً الى الحدود المصرية، حيث تتصاعد مشاعر السخط على حكومة البشير المعزولة في الخرطوم.

وقال إي. جي. هوغندورن، الذي يعمل مدير مشروع في مجموعة الأزمات الدولية، ان الرئيس السوداني quot;يواجه ضغوطًا شديدة، وهناك عدد من المناطق التي يمكن ان تتمرد مجددا، وان الحملة العسكرية في جبال النوبة قد تؤجج النقمة، وتوحد حركات المعارضة المسلحة من حيث لا تدري الخرطومquot;.

ويقدر مسؤولو الأمم المتحدة في ولاية جنوب كردفان، التي تضم جبال النوبة، ان عشرات قُتلوا في عمليات القصف الجوي وعشرات آخرين في اعمال قتل خارج اطار القانون.ويقول مسؤولون نوبيون ان القتلى بالمئات.

ولا تنفي الحكومة السودانية قصف قرى نوبية قائلة ان الميليشيا المحلية رفضت نزع سلاحها، كما كان مطلوبا.وتوقع مسؤول سوداني ان الحرب يمكن ان تستمر quot;بضع سنواتquot;.وتعهد قادة المتمردين النوبيين بمواصلة القتال quot;حتى تغيير النظامquot; في الخرطوم أو نيل الحكم الذاتي للنوبة.

وتنص اتفاقية السلام الشامل، التي مهدت الطريق لانفصال الجنوب، على ان يجري النوبيون quot;مشاورات شعبيةquot; لتقرير مصيرهم، ولكن هذه المشاورات لم تحدث.والآن إذ يقف الجنوب على حافة الاستقلال يرى كثير من النوبيين ان مطالبهم نُسيت.

وكان النفط ساعد حكومة الخرطوم في الشمال على شراء اصدقاء، وتحييد اعداء، ولكن الخرطوم تواجه الآن مجاهيل كبيرة، كما يقول محللون.فان غالبية مكامن النفط تقع في الجنوب، اويكاد يكون مؤكدا ان نصيب الشمال سيكون أقل من ذي قبل في أي اتفاق يسبق الانفصال.

وكانت احتجاجات اندلعت في عمق السودان العربي بعد تلويح البشير باتخاذ اجراءات تقشفية.ويقول المحللون ان النشاط العسكري الأخير على امتداد الحدود بين الشمال والجنوب، بما في ذلك سيطرة الشمال على منطقة ابيي المتنازع عليها قبل الاتفاق الأخيرة على نشر قوات اثيوبية، وحملة الخرطوم العسكرية في جبال النوبة، كلها تأتي بالارتباط مع مفاوضات شاقة لضمان عائدات أكبر من النفط.

ولا يريد قادة الجنوب الدخول في حرب من اجل النوبة، ولكن الميليشيا المتحالفة مع الجنوب في جبال النوبة تشارك في القيادة العسكرية لقوات الجنوب، وبالتالي لا يستبعد المحللون جر الجنوب الى النزاع.

وقال القائد العسكري النوبي عبد العزيز الحلو خلال اجتماع أخير ان عليه ان يُبلغ quot;الرئيس سلفاquot; قبل التوصل الى اي وقف لاطلاق النار، في اشارة الى رئيس جنوب السودان سلفا كير.ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مصدر حضر الاجتماع ان الحلو حذر ايضًا من انه إذا لم تتغير الاوضاع quot;ستندلع حرائق في كل مكان ـ هنا، في النيل الأزرق، وفي دارفورquot;.وتعهد الحلو قائلا: quot;نحن شعب السودان مستعدون لخلعهم.فاننا مسلحونquot; ، بحسب المصدر.