يكشف تقرير صحافي بريطاني أن بريطانيا وفرنسا المحبطتين أمام صمود نظام القذافي في وجه هجمات الناتو، بدأتا توفير السلاح لبنغازي عبر قطر تفاديا لاتهامهما بانتهاك قراري الأمم المتحدة.. وهذا برغم النفي الرسمي الحاد في لندن وباريس والصمت في الدوحة نفسها.


لندن: صورة أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني الضخمة المعلقة على واجهة مبنى القيادة العامة للثوار في بنغازي تفيض بالعرفان إذ كتب تحتها أن التاريخ لن ينسى دعمه الهائل للقضية الليبية.

ودور قطر في تعبئة الصف العربي ضد نظام القذافي ودعمها للناتو في عملياته الليبية لا يخفيان على أحد. لكن صحيفة laquo;تايمزraquo; البريطانية تقول الآن إنها حصلت على ما يؤكد أن لندن وباريس تستخدمان الدوحة بوابة لتمويل الثوار وتسليحهم.

وتقول إن ديفيد كامرون ونيكولا ساركوزي اختارا هذه السبيل بعد إخفاق حملة الناتو الجوية في زحزحة نظام القذافي وافتقار الثوار للقوة النارية أو التنظيم العسكري الجيّد على الأرض. ولأن تكاليف التدخل الجوي تتعاظم يوما بعد آخر وأيضا لأن بريطانيا وفرنسا تتخوفان من انتهاك قرار الأمم المتحدة بتسليح الثوار مباشرة فقد صارت قطر هي القناة الطبيعية لذلك الهدف.

ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي غربي قوله: laquo;نحن بحاجة الى تكثيف الضغط الحربي البري على نظام طرابلس، والقطريون يساعدوننا بشكل رئيسي في هذا الشأنraquo;. وتبعا له فقد ناقش كامرون وساركوزي هذه المسألة يوم الجمعة قبل الماضي.

ومن جهته يقول مصدر أمني في الخليج إن المسؤولين البريطانيين والفرنسيين ناقشوا أمر بيع السلاح لقطر بغرض قيامها بإيصاله الى بنغازي. ويضيف: laquo;لم يكن النقاش عما إن كان هذا ضروريا وإنما عن نوع السلاح وكميته. لندن وباريس تنكران ذلك لكن معلوماتنا تقول إن هذا جار على قدم وساقraquo;.

صورة الأمير حمد في بنغازي

وفي بنغازي يقول صلاح بادي، وهو أحد كبار قادة الثوار العسكريين، إن بريطانيا وفرنسا رفضتا إمدادهم بالسلاح (مباشرة) رغم علمهما أن نظام القذافي ينتهك حظره بتلقيه له سرّا عبر الحدود مع الجزائر.

وفي باريس قال ناطق حكومي الجمعة: laquo;الحديث عن اننا نمد ثوار ليبيا بالسلاح غير صحيح. نحن ملتزمون ببنود قراري الامم المتحدة 1970 و1973 حرفياraquo;. وفي لندن أصدر 10 داونينغ ستريت بيانا كرر فيه ما جاء على لسان الناطق الفرنسي من نفي قاطع لاستخدام قطر بوابة الى تسليح الثوار.

أما قطر نفسها فقد التزمت الصمت التام إزاء ما ترسله من سلاح أو مال أو غيرهما الى شرق ليبيا. لكن مصادر غربية وليبية معارضة قالت إن الدوحة تمد الثوار بالمال والوقود والآن بالأسلحة أيضا. ويُعتقد أن هذه الأخيرة تشمل صواريخ فرنسية مضادة للدبابات.

وبرغم أن المساهمات القطرية في ثلاثة أشهر من الثورة الليبية لم تجد نوع الضوء الإعلامي المسلّط على الجهود الغربية، فيُعتقد أنها هائلة. وهي تشير ايضا الى الدور السياسي المتعاظم لهذه الدولة الصغيرة الثريّة في أحداث المنطقة العربية على الأقل. ويقول عثمان محمد ريشي من laquo;وزارة المالية والنفطraquo; الموازية: laquo;قطر هي أكبر مانحينا العرب. فهي توفر لنا الوقود وملايين الدولارات إضافة الى تسديدها فواتير وارداتنا التي عجزنا عن تغطيتها. وكلنا ينضح بالعرفان لهاraquo;.

ورغم أن قوى الناتو هي التي أنقذت الثورة من سحقها تحت أقدام القذافي، فإن الفضل يعود الى قطر في إنقاذ شرق ليبيا من الانهيار الاقتصادي التام في أعقاب الشلل الذي حل بقطاع النفط فيه مع تدمير قوات القذافي عددا من محطات توليد الكهرباء ndash; بما فيها أكبر محاطات بنغازي - ومضخات النفط في الحقول الشرقية. ويقول ريشي: laquo;لدينا وقود بقيمة 270 مليون دولار ويكفينا لمدة شهر من الآن. ومن هذا فإننا نستخدم من وقود الديزل ما تبلغ قيمته 120 مليون دولار فقط لإدارة محطات الكهرباءraquo;.

وعندما وافقت laquo;مجموعة الاتصالraquo;، التي تضم بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، على إنشاء صندوق لتمويل الثوار، كانت قطر هي المساهم الأكبر على الإطلاق إذ وعدت فورا بتوفير 400 مليون إلى 500 مليون دولار. ويقول المسؤولون في مصراتا إنها كانت أول مغيثيها وأدت الدور الأكبر في توفير الوقود والغاز والمعدات الطبية والأدوية والحليب وغيره من الإمدادات الغذائية للمدينة.