بعد الصدامات التي شهدها ميدان التحرير قلب الثورة المصرية واستخدام القوات الأمنية للقنابل المسيلة للدموع ضد المحتجين،ارتفعت الأصوات المطالبة بإقالة حكومة عصام شرف،ومحاسبة وزير الداخلية، وانطلقت التظاهرة اليوم تحت شعار quot;جمعة القصاصquot; أو quot;جمعة حق الشهيدquot;.


حالة من عدم الإستقرار تسيطر على مصر منذ سقوط النظام السابق

القاهرة: ألقت المواجهات بين أسر قتلى ثورة 25 يناير وقوات الشرطة التي وقعت في ميدان التحرير طوال اليومين الماضيين بظلالها على الأجواء في مصر، وعجلت بالتظاهرات المليونية التي كان قد دعا لها العديد من القوى السياسية يوم 8 يوليو المقبل، لتكون الجمعة في 1 تموز/ يوليو.

وكانت منظمة quot;اتحاد الشباب الثوريquot; في مصر دعتللخروج إلى ميدان التحرير في القاهرة تحت شعار quot;جمعة الثأرquot;، انطلقت لإجبار السلطات على تطبيق مطالب انتفاضة الـ25 من كانون الثاني (ينايير)، ومعاقبة المسؤولين في وزارة الداخلية المصرية.

وتوافد المئات من المصريين على ميدان التحرير منذ الصباح الباكر للمشاركة في التظاهرة والتي دعا إليها أهالي الشهداء والقوى السياسية المختلفة، رداً على استخدام قوات الشرطة القنابل المسيلة للدموع والرصاص الحي والمطاطي ضدهم أثناء تظاهرة سلمية في الميدان يوم 28 يونيو الماضي.

ويعتصم المئات الآخرون في الميدان منذ ذلك اليوم، ونصبوا خياماً في الحديقة الوسطى للميدان، مؤكدين أن اعتصامهم سيظل قائماً إلى أن يتم التعجيل في محاكمات قتلة الشهداء. وتضامنت معهم الغالبية العظمى من القوى السياسية في مصر باستثناء التيار الإسلامي ويضم جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين والجماعة الإسلامية، الأمر الذي أثار غضب المحتجين، الذين هتفوا في الميدان quot;واحد اتنين.. الإخوان والسلفيين فين.المصريين أهمquot;.

وإنضمت إئتلافات شباب الثورة لأهالي الشهداء في مليونيتهم في اليوم الأول من تموز يوليو الجاري.و قال إئتلاف شباب الثورة في بيان له إن quot;الاستخدام المفرط للقوة من جانب الداخلية، أعاد للأذهان ممارسات الوزارة قبل 25 يناير في طريقة تعاملها مع النشطاء وقمع وسحل المتظاهرينquot;، مشدداً على ضرورة quot; وقف الضباط المتورطين فى قمع وقتل المتظاهرين، وتنظيم محاكمات علنية لوزير الداخلية الأسبق، حبيب العادلي، وصرف مستحقات أسر الشهداء والمصابين وعدم الالتفاف على حقوقهمquot;، وانتقد الإئتلاف الدكتور عصام شرف رئيس الحكومة، متهما المجلس العسكري بquot;غل يدها والإنتقاص من صلاحيتهاquot;، وقال quot; لم تلجأ الحكومة إلى مصدر شرعيتها الحقيقي وهو ميدان التحرير، على الرغم من الأحداث التي تنفجر يوميا في مصر، فقد غل المجلس الأعلى يد رئيس الحكومة وانتقص من صلاحياتهquot;.

وكانت قد تصاعدت موجة الغضب بين النخبة السياسية والشعب ضد وزارة الداخلية والحكومة برئاسة عصام شرف، وإنطلقت دعوات مطالبة باستقالته، إحتجاجاً على إستخدام العبارات نفسها التي كان يستخدمها النظام السابق في وصفه لمثل تلك الأحداث متجاهلاً العنف المفرط الذي واجهت به قوات الأمن المتظاهرين السلميين. فيما تبنى البعض نظرية المؤامرة، وربط تلك الأحداث التي خلفت نحو 1134 مصاباً، بصدور حكم قضائي بحل المجالس المحلية، حيث كانت تضم نحو 30 ألف عضو ينتمون إلى الحزب الوطني المنحل.

صندوق للشهداء والمصابين

وبينما يعتصم المئات من أهالي القتلى والنشطاء في ميدان التحرير، إحتجاجاً على تباطؤ محاكمات المتهمين بقتل الثوار، أصدر المجلس العسكري قراراً بإنشاء صندوق لرعاية ضحايا ثورة 25 يناير، يتولى تقديم الرعاية الصحية والإجتماعية لهم، وتوفير فرص عمل والمساهمة في إنشاء مشروعات صغيرة لهم، والسكن أيضاً.

وتتكون موارده المالية من عدة أوجه هي: المبالغ التي تخصصها الدولة له، وعوائد استثمار أموال الصندوق، والمنح والهبات والإعانات والتبرعات النقدية والعينية التي يقبلها مجلس إدارة الصندوق سواء من الداخل أو الخارج.

الشرطة لم تستوعب الدرس

ووفقاً للناشط السياسي الدكتور عمار علي حسن فإن الشرطة لم تستوعب درس 25 يناير بعد، والدليل أنها تستخدم الأسلوب القمعي نفسه الذي كانت تستخدمه قبل الثورة في مواجهة المحتجين السلميين، وقال حسن لـquot;إيلافquot; إن ما وقع من أحداث وكثرة عدد المصابين بما يفوق عدد جرحى quot;موقعة الجملquot; يؤكد أهمية إعادة تطوير الأداء الأمني لجهاز الشرطة، وقبل ذلك تطهير ذلك الجهاز من القيادات الفاسدة والضباط الذين يمكن وصفهم بأعداء الثورة، مشيراً إلى أن القول إن الشرطة تطهر نفسها بنفسها خطأ فاحش، لأن المفسد لا يتطهر من تلقاء نفسه.

ويتبنى حسن نظرية المؤامرة في تلك الأحداث، ويقول: quot;لا يمكن أبداً فصلها عما أعلن من قبل وزارة الداخلية حول نية العيسوي إقالة عدد كبير من القيادات الفاسدة، والمعادية للثورة، بل لا يمكن فصل تلك الأحداث عن حكم القضاء الإداري بحل المجالس المحلية التي تضم نحو 30 ألف عضو في الحزب الوطني المنحل، وهؤلاء يمثلون ميليشيات تنتشر في كل مدينة وحي وقرية ونجع، ويرتبطون بعلاقات وثيقة مع البلطجية الذين كانوا يديرون بهم الإنتخابات البرلمانية أو المحلية. وكانوا وما زالوا يمثلون حلقة الوصل بين البلطجية والنخبة من رجال الأعمال والمنتفعين من النظام السابق ويهمهم إفشال الثورة عبر إثارة الفوضى في البلاد.

الثورة في الميدان

ووصف أبو العز الحريري القيادي في الجمعية الوطنية للتغيير أحداث 28 يونيو بأنها quot;عودة للدولة البوليسيةquot;، وعودة للقمع باستخدام الرصاص والقنابل المسيلة للدموع في مواجهة المتظاهرين العزل، وقال لـquot;إيلافquot; إن ثورة 25 يناير قامت ضد الإستبداد والقمع والتعذيب والقتل الذي كانت تمارسه الشرطة ضد المصريين، ويبدو أنالأمور لم تتغير على الإطلاق، ولذلك يجب أن تظل الثورة في الميدان، حتى تحقق أهدافها كاملة، وعلى رأسها الإسراع في محاكمة قتلة المتظاهرين، بمن فيهم الرئيس السابق حسني مبارك، وتطهير الشرطة.

ويشير الحريري إلى أن أهالي الضحايا يتعرضون لتهديدات من ضباط وقيادات الشرطة المتورطين في قتل أبنائهم، لاسيما أن غالبيتهم ما زالوا طليقين، بل يشغلون مواقع في أقسام الشرطة، والأدهى أن بعضهم تمت ترقيته مؤخراً، رغم أنه يحاكم على ذمة قضايا قتل المتظاهرين. مشدداً على ضرورة حمايتهم، وليس ضربهم بالقنابل المسيلة للدموع والرصاص الحي من جديد. وإذا كان اللواء منصور العيسوي وزير الداخلية أو عصام شرف رئيس الحكومة غير قادرين على حماية أسر الشهداء وحماية الوطن ككل فعليهم الإستقالة فوراً.

المحاسبة أو الإستقالة

الإستقالة هو المطلب الذي دعت إليه حركة 6 أبريل أيضاً، وقالت في بيان لها حصلت quot;إيلافquot; على نسخة منه، quot;يجب على حكومة الدكتور عصام شرف إجراء تحقيق فوري يفضي إلى محاسبة عاجلة وصارمة للمتسببين في ما شهده الميدان وإلا يستقيلquot;. مشددة على ضرورة تنفيذ كافة مطالب الثورة، والتي تتمثل في سرعة محاكمة الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك وكافة رموز الفساد، ومراجعة القوانين الصادرة من المجلس العسكرى سابقاً دون حوار مجتمعي حولها، والمطالبة بحرية الإعلام والصحافة، ومحاكمة ضباط الشرطة الفاسدين، وتطهير وزارة الداخلية ومحاكمة قتلة الثوار، ووقف المحاكمات العسكرية للمدنيين، وتطهير الوزارات والمؤسسات المختلفة.

فيما اتهم حزب العدل وهو أحد أحزاب ثورة 25 يناير ما وصفها بـquot;الفلولquot; بالوقوف وراء الأحداث، محذراً من أن ما حدث في ميدان التحرير quot;بداية لسلسلة من التحركات المنظمة للفلول لإجهاض الثورة، خاصة بعد الحكم القضائي بحل المحلياتquot;. داعياً المجلس العسكرى إلى quot;وضع وإعلان جدول زمني محدد، لاستعادة الأمن وتطهير المؤسسة الأمنية، وسرعة الانتهاء من المحاكمات الخاصة بقتل الشهداء، وتعويض أسر الشهداء مادياً ومعنوياً، حفاظا على استقرار الوطنquot;.

واستقالة عصام شرف هو المطلب الذي دعا إليه حمدين صباحي المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، وقال في بيان له quot;إذا لم يكن الدكتور عصام شرف، الذي جاء رئيسا للوزراء بفضل الثورة وباقتراح الثوار، قادرا على اتخاذ إجراءات حاسمة في ذلك الموقف، فليتقدم باستقالته وليعد إلى صفوف الثوار مرة أخرىquot;، وأضاف: quot;يجب على الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء فتح تحقيق فوري في ما جرى واتخاذ قرار عاجل بإقالة اللواء منصور العيسوي، وزير الداخلية الحالي.

الأمر نفسه شددت بثينة كامل عليه المرشح الرئاسي المحتمل، وقالت لـquot;إيلافquot; إن استخدام الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع في مواجهة أسر الشهداء وصمة عار على جبين حكومة الدكتور عصام شرف الذي جاء به الثوار محمولاً على الأكتاف في ميدان التحرير، مشيرة إلى أنه ليس من المقبول إطلاقاً أن يقف في صف الشرطة التي قتلت الشهداء ضد أسرهم، ويستخدم ألفاظاً من العهد البائد. وأشارت كامل إلى أنه لم يعد هناك بديل من استكمال الثورة من أرض ميدان التحرير، حتى يتم تحقيق كامل مطالبها، وأهمها تطهير الشرطة، والإسراع في محاكمة قتلة الثوار، وتطهير الإعلام.

رصيد شرف نفذ

ويرى شريف صادق عضو إتحاد شباب الثورة أن الدكتور عصام شرف قد نفذ رصيده من الحب لدى الثوار، بسبب التباطؤ في محاكمة قتلة الشهداء، وتبني مواقف الشرطة في مواجهة أسرهم بالعنف المفرط. وقال لـquot;إيلافquot; لم يكن يتوقع أحد من شرف أن يدافع بشكل مستميت عن الشرطة ويقول إنها كانت تدافع عن الممتلكات العامة، ولم ينبس ببنت شفة حول استخدامها للقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي والحي والخرطوش في قمع المتظاهرين. داعياً إياه للإستقالة إذا كانت تمارس عليه ضغوط من أجل عدم انتقاد الشرطة أو إذا كان غير قادر على إتخاذ مواقف حاسمة وتطهير هذا الجهاز من الفاسدين الذين ما زالوا يتقاعسون عن حماية أمن الوطن والمواطنين.

الدعوة وصلت لشرف

المطالب بالإستقالة وصلت إلى الصفحة الشخصية لعصام شرف على موقع فايسبوك، حيث قاد الناشطون حملة ضده، داعين إياه للتقدم باستقالته والعودة للميدان، وذلك تعليقاً على رسالتين له على الأحداث، وكتب ناشط يدعي أكرم تعليقاً قال فيه quot;أنا من الناس اللي رفعوك على الأكتاف في الميدان و أنا برضه اللي بقولك دلوقتى ارحلquot;. وكتبت دينا quot;تسقط حكومة شرفquot;. وكتب أحمد quot; يا دكتور عصام لا تنسى انك جئت من قلب الميدان إن كانت هناك ضغوط بأي شكل من أي شخص فأخبر الشعب وقدم استقالتك لأن ما يحدث هو اشبه بثورة مضادة من الحكومة نفسها ضد الثورة quot;. وبغضب كتبت سالي quot;شرف استقيل وانزل التحرير عشان يظل احترامي ليك لأن رصيدك ابتدى ينفذquot;.

ويتساءل ناشط آخر يدعى محمد: quot;ليه المحاكمات العسكرية للمدنيين شغالة؟ ليه يحيى الجمل موجود؟ ليه مفيش هيئة مدنية تشرف على الشرطة؟ ليه متحاكمش أحمد شفيق أو أي واحد من الجيش؟ ليه المحافظين لواءات ورؤساء جامعات مرضي عنهم من أمن الدولة؟ عاوزين دولة مدنية منشوفش أي واحد عسكري في أي مصلحه مدنية بعد خروجه من الخدمة!! لو المجلس العسكري مش واضح استقيل ومتحرجش نفسكquot;.