رغم امتناع الرئيس الإيراني عن الإشارة إلى الحرس الجمهوري بالاسم، فقد وجّه إليه اتهامًا صريحًا بالفساد على نطاق واسع، وهذا ضمن حرب باتت معلنة مع معلّمه السابق علي خامنئي.. خطوة مدروسة أم تهّور سيدفع بسببها ثمنًا غاليًا؟.


الخلافات تتفاقم بين الرئيس الإيراني والمرشد الأعلى

صلاح أحمد: عمّق الرئيس الإيراني الخلافات في نظام بلاده الحاكم عبر إطلاقه تهديدًا مبطنًا بكشف مدى الفساد في صفوف الحرس الثوري في حال سعى أعداؤه إلى اعتقال مساعديه المقربين.

فقد اتهم laquo;جهات حكوميةraquo; لم يسمّها باتخاذ مرافئ خاصة لها تستورد عبرها السلع من دون دفع جماركها. وأشار على وجه الخصوص الى تهريب السجائر قائلاً إن سوقها laquo;من الكبر بحيث لم تكتف باجتذاب المجرمين الدوليين وحدهم، وإنما المهرّبين من إخوتنا أيضًاraquo;. ويذكر أن الحرس الثوري يسيطر على معظم القطاعات الاقتصادية الإيرانية، وعُرف عنه تعاملاته المنتظمة في الأسواق السوداء.

ووفقًا لصحيفة laquo;تايمزraquo; البريطانية فقد كان المستهدف من تصريحات أحمدي نجاد واضحًا الى حد أن محمد علي جعفري، قائد قوات النخبة، أُجبر على الإدلاء بتصريح نفى فيه أن تكون مرافئ قواته العسكرية تشهد أي أنشطة فاسدة أو مشبوهة.

يأتي تهديد أحمدي نجاد بمثابة آخر حلقة في مسلسل الصراع بينه وبين المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، رغم أنه كان من اتباعه، لكنه بدأ يستقل عنه شيئًا فشيئًا. وليس خفيًّا أن المتشددين في الدوائر الدينية والبرلمان والأجهزة الأمنية من حلفاء خامنئي يحاولون زعزعة الرئيس عبر مهاجمة المقربين منه، واتهامهم بأنهم فاسدون وضالّون دينياً، ويسممون أفكاره.

هكذا ألقي القبض على عدد من المقربين من أحمدي نجاد أو أقيلوا من مناصبهم. لكن هدفهم الثاني بعد الرئيس يظل رئيس هيئة الأركان، اصفنديار رحيم مشائي، الذي تجمعه بالرئيس روابط أسرية، إذ إن ابنه متزوج من ابنة الأول. ويقال إن أحمدي نجاد يعد مشائي (51 عامًا) لخلافته بعد انتخابات 2013. لكن خصومه يعتبرونه مفكرًا ليبراليًا مخرّبًا يفضل القومية الإيرانية على القيم الإسلامية، ويتهمونه بتجاوز السلطات الدينية والنعومة تجاه إسرائيل وأميركا.

وفي مؤتمر صحافي في الأسبوع الماضي، سئل أحمدي نجاد عن اعتقال بعض مساعديه، فقال إنه يفضّل الصمت. لكنه أضاف قوله: laquo;واجبي يفرض عليّ الدفاع عن مجلس الوزراء، الذي اعتبره خطًا أحمر، ولن أسمح بالتعدي عليه وتجاوزهraquo;.

وبثّ التلفزيون الإيراني هذا المؤتمر، لكنه حذف منه هذا التصريح بإيعاز من خصوم الرئيس. وحدا الأمر بمساعدي هذا الأخير لبثه كاملاً على موقعه الإلكتروني. وبتحدّيه الحرس الثوري وتهديده بكشف فساده، يبدو أن الرئيس، إما واثق من أن خامنئي عاجز عن طرده بعدما أمضى وقتًا طويلاً في الدفاع عن نتيجة الانتخابات الأخيرة المزورة (التي أعادت أحمدي نجاد نفسه إلى السلطة) وبالتالي فهي خطوة مدروسة، أو أنه أخرق ولا يدرك حجم السلطة الحقيقية المتاحة لخامنئي، وعندها فليستعد لدفع ثمن فادح.