دعوات جديدة إلى عودة الشارع المصري الى الميدان لتحقيق مطالب الثورة

تتزايد الدعوات إلى اعتصام مفتوح جديد في ميدان التحرير في مصر بدءاً من يوم الجمعة المقبل لاستكمال مطالب الثورة، وسط مناشدات لتعديل القوانين التي تسيّر محاكمات رموز النظام السابق وتشديدها، لا سيما بعد صدور براءة عدد من الوزراء السابقين من التهم المنسوبة إليهم التي زادت إحتقان الشارع.


القاهرة: زادت القوى السياسية المصريةالداعية إلى الاعتصام في ميدان التحرير بعد مليونية يوم الجمعة المقبل تحت شعار quot;الثورة اولاًquot;، من نشاطها وتحركتها في الوقت الذي يزداد توحد كل التيارات السياسية حول العديد من المبادئ الاساسية، وذلك بمشاركة التيار الإسلامي، الذي كان يرفض التحركات كافة الداعية إلى النزول الى الشارع.

جاءت أحكام البراءة التي اصدرتها محكمة الجنايات في عدد من القضايا ضد وزراء سابقين، من بينهم أنس الفقي وزير الإعلام السابق، وأحمد المغربي وزير الإسكان السابق، ويوسف بطرس غالي وزير المالية السابق الهارب، بمثابة صدمة للرأي العام المصري، الذي رأى أن هذه الأحكام غير كافية لهم، على الرغم من أن أي منهم لن يعودإلى منزله لأن له قضايا أخرى لا تزال منظورة امام القضاء.

ورغم تأكيد رئيس المحكمة ان الحكم لم يتأثر بأحداث ميدان التحرير، وانه حكم وفقا للمعطيات القانونية وقرار من النائب العام المستشار الدكتور عبد المجيد محمود بالطعن على هذه الأحكام فور صدورها، إلا أن كل هذه الأحداث والتصريحات لم تشفع لدى المواطنين الذين اعلنوا اعتزامهم النزول الى ميدان التحرير يوم الجمعة لاستكمال مطالب الثورة، وسط مطالبات بتعديل القوانين التي تحكم محاكمات المسؤولين فيها، حتى يتم تشديد العقوبة عليهم، لاسيما وان هذه القوانين تم إقرارها في برلمانات نجح اعضاؤها بالتزوير الفج في الانتخابات.

ودعت عشرات القوى السياسية المختلفة المواطنين للنزول الى الشارع، وتم توزيع مئات المنشورات في مختلف انحاء القاهرة الكبرى، فيما بدأ أهالي السويس بالدخول في اعتصام مفتوح في حي الأربعين، أشهر الأحياء السكنية في المدينة، والذي شهد اعنف مصادمات بين الشرطة والمتظاهرين خلال ايام الثورة.

تأتي المليونية المقرر لها الجمعة المقبل للمطالبة بتأجيل الانتخابات إلى حين وضع دستور جديد للبلاد، على عكس القرارات التي اعتمدها المجلس العسكري الحاكم منذ تنحّي مبارك 11 فبراير/ شباط الماضي، وفقًا للاستفتاء على التعديلات الدستورية الذي وافقت فيه غالبية المصريين بنسبة تجاوزت الـ77% على إجراء الانتخابات البرلمانية اولاً، والاكتفتاء بالتعديلات التي تم إدخالها على الدستور، واعتمدها المجلس من خلال الإعلان الدستوري بعد إلغاء العمل بدستور 1971. وأعلنت القوى السياسية عن تراجعها عن الاختلافات في ما بينها من اجل تحقيق باقي مطالب الثورة التي ترى انها لم تتحقق.

ومن المتوقع ان تعلن جماعة الإخوان المسلمين عن مشاركتها مليونية الجمعة عقب الاجتماع الدوري لمكتب الارشاد، فيما أعلن حزب الوسط ذو المرجعية الإسلامية عن مشاركته، وقرر شباب الدعوة السلفية المشاركة، متفقين على ضرورة تسريع وتيرة محاكمات رموز النظام السابق والقصاص لشهداء الثورة، رافضين اي حديث عن المطالبة بوضع الدستور اولاً واي مطالب فئوية اخرى.

واستغل عدد من النشطاء الدعوة الى مليونية الجمعة، وطالبوا بإقالة وزير الداخلية السيد منصور العيسوري، بسبب التعامل المفرط من جانب قوات الشرطة مع المتظاهرين في ميدان التحرير في منتصف الأسبوع الماضي، كما طالبوا بإقالة نائب رئيس الوزراء يحيى الجمل، على اعتبار انه من رموز النظام السابق.

نشاط مكثف لـ6 ابريل

وكثفت حركة شباب 6 أبريل، التي كان لها دور بارز في حشد الشباب خلال الثورة، من نشاطها في المحافظات المخنلفة، حيث قامت بتوزيع الآلاف من المنشورات حول اهمية النزول الى ميدان التحرير والميادين الكبرى في المحافظات للإعتصام والضغط على المجلس العسكري لتحقيق باقي مطالب الثورة وتطهير الوزارات والهيئات الحكومية من بقايا الرموز السابق، الذينما زالوا يشغلون مناصب قيادية فيها، ولهم تأثير قوى في اتخاذ القرار النهائي.

وتعتزم الحركة الإعلان في ميدان التحرير يوم الجمعة عن أسماء عدد من قيادات الداخلية، قالت انهم من مساعدي الوزير السابق حبيب العادلي، المسجون حاليًا على ذمة قضايا فساد واتهامات بقتل المتظاهرين. وتقول الحركة إن لهؤلاء دورًا كبيرًا في الانفلات الامني الذي تشهده البلاد، مؤكدة انها ستتمسك بالمطالبة بإقالتهم من مناصبهم فورًا لتطهير وزارة الداخلية من القيادات الفاسدة.

وقالت انجي حمدي المنسقة الإعلامية للحركة في إفادة لـquot;إيلافquot; ان شباب الحركة قرروا الاعتصام في ميدان التحرير لعدم تنفيذ مطالبه،م مشيرة الى ان هناك اكثر من مهلة منحها الشباب للحكومة وللمجلس العسكري، ولم يتم تنفيذ اي من المطالب التي تعد اساسيات في اي ثورة تقوم العالم.

وأشارت الى ان هذا الاعتصام رسالة بالغة الأهمية على ان الشعب الذي قام بالثورة لم ولن يتنازل عن نجاحها لأي سبب كان، وتحت اي ضغط، مشددة على ان شباب الحركة سينزلون الى الميدان وسيعتصمون فيه حتى يتم تحقيق المطالب المشروعة.

ولفتت الى انتشار عشرات الشباب في حملات للتوعية السياسية للمواطنين للنزول الى ميدان التحرير والمشاركة في الاعتصام، مع التأكيد على ان اهدافه سلمية، وفي النهاية تنعكس لمصلحة المواطنين، وقالت ان هناك مفاهيم خاطئة عدة تسعى الحركة إلى تصحيحها.

مطالب مليونية الجمعة

الى ذلك، وقعت 14 حركة وائتلاف شبابي، أبرزها ائتلاف شباب الثورة و8 احزاب، على بيان حددوا فيه مطالب يوم الجمعة المقبل، وهي إعادة النظر في الموازنة العامة، والشفافية في بنودها، خاصة تلك المتعلقة بالموارد غير الضريبية، ووضع حد أدنى وحد أقصى عادلين للأجور، والتراجع عن قرار إلغاء زيادة المعاشات فى الموازنة العامة للدولة، والدعم الكامل لحق العمال في إنشاء التنظيمات النقابية المستقلة، وإصدار قانون الحريات النقابية، وحل اتحاد العمال الرسمي التابع للعهد البائد، والإسراع في صرف التعويضات لأسر شهداء ومصابي الثورة.

كما أكد البيان على ضرورة الإسراع في تجميد وإسترداد أموال الشعب المنهوبة وإعادة هيكلة وزارة الداخلية وتطهيرها، وإعادة تأهيل ضباطها وأفرادها، وفرض رقابة قضائية ومدنية على أدائها، وإعادة النظر فيقطاع الأمن المركزي، والتحديد التام لمهام وآليات جهاز الأمن الوطني بديل امن الدولة، واستبعاد كل الضباط المتورطين في إنتهاك حقوق الإنسان منه، وصدور قرار بالإيقاف عن العمل إلى حين البتّ في الدعاوى الجنائية المقامة بحق جميع ضباط الشرطة المتهمين بقتل أو الشروع في قتل أو إستخدام القوة ضد المتظاهرين، وإحالة كل ضباط الشرطة المضربين أو الممتنعين عن العمل أو المتقاعسين عن أداء واجبهم للإستيداع، والاستعاضة عنهم بمتخرجي الكليات والجامعات المصرية، مما يساهم في عودة الشرطة إلى طبيعتها الدستورية المدنية.

وشدد البيان على ضرورة حماية أهالي الشهداء من إبتزاز ضباط وأفراد وزارة الداخلية للتنازل عن دعاويهم الجنائية بحقهم، الذي لا يسقط بالتنازل أو بالتقادم واستقلال القضاء وتطهيره من الممارسات والإجراءات التي تبطئ وتؤثر على سير العدالة وضم الرئيس السابق حسني مبارك للمحاكمة على جرائم قتل المتظاهرين وترويع المواطنين، والتعقب الفوري والكشف عن القتلة الحقيقيين للمتظاهرين وإعلان أسمائهم، وعلانية محاكمات المتورطين فى جرائم قتل المتظاهرين وترويع المواطنين، مع أحقية مصابي الثورة وأهالى الشهداء في حضور تلك المحاكمات، ومنع إحالة المدنيين إلى المحاكم العسكرية ومحاكمتهم أمام قاضيهم الطبيعي.

وطالب بإطلاق يد رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف وتعزيز صلاحياته في تطهير كل وزارات ومؤسسات الدولة، وعلى رأسها مكتبه ووزارة الداخلية وتغيير أي متقاعس أو متواطئ من الوزراء والمحافظين وكبار الموظفين، وإطلاق يده في اصدار ومراجعة التشريعات التي تصدر، ومراجعة القوانين التي صدرت في غيبة عنه، تمهيداً للحوار المجتمعي حولها وموافقة الشعب عليها.

قرارات حاسمة

وقال الدكتور سامي السيد استاذ العلوم السياسية في إفادة لـquot;إيلافquot; ان المجلس العسكري عليه ان يحقق عدد من هذه المطالب قبل يوم الجمعة، من خلال اتخاذ قرارات حاسمة لامتصاص حالة الغضب التي بلغت ذروتها مع براءة رموز النظام السابق من اتهامات كانت موجهة لهم، وهو ما يجعل المواطنين يشعرون بأن الأمر ليس محاكمة، وان البراءة ستكون حليفتهم في كل قضية، لأنهم صنعوا القوانين، بما تتوافق مع ما كانوا يفعلونه في ظل النظام السابق.

وأكد السيد على ان الاهتمام بأسر الشهداء يجب ان يكون من اولويات الحكومة في الفترة المقبلة، نظرًا إلى كون الملف واحد من اكثر الملفات حساسية على المستوى الداخلي، لافتا الى ان استمرار وجود الرئيس السابق في مدينة شرم الشيخ بحجة العلاج بات أمرًا غير منطقي نظرًا إلى طول المدة التي قضاها هناك، إذ كانت تكفي لبناء مستشفى جديد مجهز لاستقبال اخطر الحالات، وليس تجهيز مستشفى السجن.

ولفت الى ان الشعور بعدم الرضا عن الاوضاع في مصر أصبح هو الغالب على السواد الأكبر من الشعب، في ظل عدم اتخاذ قرارات تستمد قوتها من الشرعية الثورية، وليس من الروتين، إضافة الى التأخر والانتظار حتى اخر وقت لتحقيق المطالب.

ونفى السيد ان يكون هناك تأثير سلبي لتحذير السفارة الأميركية لرعاياها من الوجود في ميدان التحرير يوم الجمعة. وقال ان التحذير اجراء طبيعي وروتيني، لاسيما بعد القبض على الجاسوس الإسرائيلي، الذي ثبت انه كان ينزل الى ميدان التحرير وسط الثوار، وبالتالي وجود اي اميركي في الميدان قد يفهم انهآتٍ للتجسس ونقل ما يحدث للاجهزة الامنية في بلاده.