ماذا قال الفجرُ لميدَانِ التحرير؟
ماذا ؟..
و حشودُ الشهداءِ تشقُ الليل
و ظلُ الموت يرفرفُ مشدوهاً
ما بين شهيقٍ و زفيرْ

ماذا قال الفجرُ لميدان التحرير؟
قال الظلم يزولُ.. يزولُ
و ليل الظالم مهما اشتدّ
و مهما امتدّ قصيرْ

قال : الثوارُ يديرون الدفةَ..
يختارون الوجهةَ..
ينسون كلامَ الصمتِ
و يطوون نعاسَ المقهى
و يسوقون نهاراً سحرياً
و يشقون طريقاَ براقاَ
و يصوغون شروقاً
من مجدٍ و سرورْ

قال: قلاعُ الظالم تهوي
و الشعبُ يرجّ بروجَ التاريخِ
و جيلُ الثورة يطلق فوق عروشِ الظلمِ
أعاصيرَ التغييرْ

ماذا قال الفجر لميدان التحرير؟
قال سيهوي السورُ وراء السورِ..
و يومُ الظالم آتٍ
رغم أقاويلِ الحراسِ
و أحجارِ المتراسِ
و أبراجِ حديدٍ و نحاسٍ
و خداعِ حُمَاةِ الطغيان المقبورْ

قال بأن اليأسَ خرافيٌ
يهتزُ كأحجارِ الوهمِ
و حين يحينُ الوقتُ
يصير الخوفُ حشوداً و صموداً
ورعوداً
و هديراً يتهاوى
في صمتِ القصر المهجورْ

ماذا قال الفجرُ لميدان التحرير؟
قال سيبقى الشهداءُ نجوماً
و يصير الدمعُ غيوماً
و يصير الثوارُ شموساً
و يصير الغدُ مدائنَ أملٍ
و تصير الأيامُ ضفافاً
لبريقِ الدرِ المنثورْ

قال: ندائي أعلى من برج اليأسِ
و أمضي من حد الفأسِ..
و أقوى من موج الخوفِ
و أنقى من صوت العصفورْ

قال: الشعبُ يعودُ لمنبعهِ..
ينقشُ مجدَ ملامحهِ..
يلقي فوق الريح وصاياه..
يقول إذا أصبحتُ غضوباً
تتهاوى حممٌ من غضبي و تطيرْ

قال: سكتُّ.. سكتُّ.. سكتُّ
و عاثَ الذئبُ و ماجَ الضبعُ
و مرّ الثعلبُ مَزهوّاً
و أنا الأسدُ الصامتُ
أقعي في قفصي و أدورْ

قال : الشهداءُ يطوفونَ الأرجاءَ
يصيرونَ لآلئَ نبلٍ و وفاءٍ
و يصوغونَ على مهلٍ أسماءَ الأشياءِ ..
و قال: الثوارُ يزيحونَ الأصفادَ..
يمرون كنهرٍ أزلي يتأرجحُ
في كف النورْ

قال سمائي غطاها الحزنُ
و طال الليل ُ, و كنت حزيناً
أتأمل أمجادي , أحزن عبثاً
أرزحُ رهنَ القاتلِ و المتآمرِ
أعبرُ بين سماسرةِ الطغيانِ
و أبواقِ السلطانِ
و سيفِ السفاحِ المأجورْ

قال :سأفتح أبهى أبوابي
أخرجُ من ليل غيابي
أجعلُ كفي مأوى المجد..
و صوتي ورقاً ذهبياً
يتألقُ في شجرِ النورْ

قال الشهداءُ وجوهٌ تبقى
هم أقمارُ الذكرى..
هم مدوا أطواقاً للغرقى
مدوا الغد سماءاُ و غناءاً..
جعلوا الأفقَ فضاءاً
لرفيف الطيرِ المأسورْ

ماذا قال الفجر لميدان التحرير؟
قال ثقيلاً كان القيدُ..
طويلاً كان الليلُ
قصياً كان المرسى
و بعيداً كان الأملُ.. بعيداً
يتلوي كسرابٍ خدّاعٍ
يترحّلُ في الأفقِ المغدورْ

ماذا قال الفجرُ لميدانِ التحرير؟
قال سيبقى الشهداءُ نجوماً
و يصير الدمعُ غيوماً
و يصير الثوارُ شموساً
و يصير الغد مدائنَ أملٍ
و تصير الأيامُ ضفافاً
لبريق الدر المنثورْ

صلاح عليوة