quot;غنائمquot; حرب 2006 يعرضها حزب الله في متحف خاص به في لبنان

تزامناً مع مرور خمس سنوات على حرب لبنان الثانية، إجتهدت اجتهدت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية في قياس مدى جهوزيتها لخوض مواجهة محتملة مع حزب الله، ورأى جنرالات إسرائيل أن الوضع الجديد في ميدان القتال سيختلف عن سابقه بما يحول دون تكرار أخطاء وقصور الماضي.


خيّمت على المؤسسة العسكرية في تل أبيب أجواء من القلق إزاء مواجهة مسلحة وشيكة مع حزب الله، وزاد من تلك الأجواء حالة السجال التي فرضت نفسها على المستويين الاسرائيليين السياسي والعسكري تزامناً مع مرور خمس سنوات على حرب لبنان عام 2006، التي تطلق عليها اسرائيل حرب لبنان الثانية.

على خلفية هذا الحدث العسكري وما انطوى عليه من مفارقات مثيرة خلال المواجهة غير المتكافئة بين عناصر حزب الله المسلحة والجيش الاسرائيلي، التي انتهت لمصلحة الفريق الاول، افردت وسائل الاعلام العبرية تقارير مطولة للحديث عن مدى جهوزية اسرائيل لحرب وشيكة مع حزب الله، وكانت صحيفة يديعوت في طليعة وسائل الاعلام العبرية التي نقلت عن دوائر عسكرية في الجيش الاسرائيلي اجابات على عدد ليس بالقليل من الاسئلة والاستفسارات، ذات الصلة باشكالية المواجهة المرتقبة مع حزب الله.

زلزال داخل المؤسسة العسكرية

في مستهل تقريرها المسهب المحت يديعوت احرونوت الى مرور خمس سنوات على حرب لبنان الثانية عام 2006، مشيرة الى ان تلك الحرب أحدثت زلزالاً مروعاً داخل مؤسسة اسرائيل العسكرية، خاصة في ما يتعلق بخطط التدريب والانتشار العسكري الاسرائيلي، ولعل هذا الزلزال بحسب الصحيفة العبرية جعل قيادة الاركان الاسرائيلية على قناعة بأن quot;حرب لبنان الثالثةquot; اذا خرجت الى حيز التنفيذ ستكون مختلفة تماماً عن سابقتها، إذ ستُدار في ساحة قتال واسعة لاستيعاب صواريخ حزب الله المضادة للمدرعات، وعشرات الالاف من القذائف والصواريخ الموجّهة الى الجبهة الداخلية في اسرائيل وصولاً الى مدينة تل ابيب.

حتى تقرع هذه الحرب طبولها، وفقاً ليديعوت احرونوت، يبدي فقهاء الحرب الاسرائيليين ارتياحاً من حالة الهدوء النسبي التي تسود الجبهة القتالية قبالة حزب الله، رغم ذلك ترصد اجهزة الاستخبارات في تل ابيب، وتتعقب عمليات تسلح حزب الله المتواصلة، الامر الذي تعتبره اسرائيل خرقاً صارخاً لقرار مجلس الامن رقم 1701، الذي افضى الى نهاية حرب لبنان الثانية. كما تجري اجهزة الامن الاسرائيلية معارك سرية يعود هدفها الرئيس الى الحفاظ على عنصر الردع امام التنظيم الشيعي ومؤيديه في الجنوب اللبناني.

اذا كان ذلك متعمداً او غير متعمد، خاصة انه جاء في الاسبوعنفسهالذي شهد الذكرى الخامسة لحرب لبنان الثانية عام 2006، أجرت الجبهة الشمالية في اسرائيل تغييرات في هيكلها القيادي، وخلال المراسم الرسمية التي جرت بهذه المناسبة تسلم الجنرال quot;يائير جولانquot; قيادة الجبهة خلفاً للجنرال المنتهية خدمته quot;غادي ايزنكوتquot;.

وفي سياق كلمته التي القاها في هذه المناسبة امس الاثنين في تل ابيب، قال ايزنكوت: quot;لقد ابتكرنا واقعاً امنياً جديداً، يعد الافضل والاكثر هدوءاً منذ اعلان قيام دولة اسرائيلquot;. واكد منهجية العمل العسكري على الجبهة الشمالية منذ ان وضعت حرب لبنان الثانية اوزارها وحتى الان.

واضاف: quot;لقد اجتزنا عملية مهمة من الدراسة والبحث، انطلاقاً من رغبتنا في تجاوز أخطاء وقصور الجيش الاسرائيلي خلال حرب لبنان الثانيةquot;. وبحسب الصحيفة العبرية، كانت هذه المناسبة فرصة عظيمة لقائد الاركان الاسرائيلي الميجور جنرال quot;بني غنتسquot; ليتحدث عن الوضع على جبهة اسرائيل الشمالية، مشيراً الى ان ايزنكوت نجح في الوصول مع حزب الله الى هدوء امني غير مسبوق على الجبهة الشمالية.

قائمة مطولة بالأخطاء والقصور

على الرغم من ذلك، تشير معطيات الصحيفة العبرية الى ان الاحصاءات فقط تدعم تصريحات ايزنكوت وغنتس، إذ لم تطلق باتجاه اسرائيل منذ نهاية حرب لبنان الثانية في صيف 2006 وحتى الآن سوى عشر قذائف صاروخية، وكان المسؤول عن اطلاقها تنظيم الجهاد العالمي، واسفر ذلك عن اصابة واحدة قدرت بالطفيفة، الا انه ينبغي التذكير بحادثي التحرش العسكري بالجيش اللبناني، وفي احدهما قتل احد جنود الجيش الاسرائيلي، ولم يُسجّل على حزب الله تصرفاً غير تقليدياً واحداً خلال هذا التطور الدراماتيكي.

اقتبست يديعوت احرونوت عن مصدر عسكري اسرائيلي قوله: quot;من الممكن ان نصيغ قائمة مطولة بالاخطاء والقصور الذي ارتكبه الجيش الاسرائيلي خلال حرب لبنان الثانية، وفي الوقت عينه ينبغي إمعان النظر في ما حدث او لم يحدث منذ ان وضعت الحرب التي يدور الحديث عنها اوزارهاquot;.

والمح المصدر الاسرائيلي الى انه كان لحزب الله اكثر من سبب للعمل العسكري الشرس ضد اسرائيل خلال السنوات القليلة الماضية، الا انه لم يلجأ الى هذا الخيار، على الرغم من ذلك لا يمكن لأي من القيادات الامنية في اسرائيل التكهن بتوقيت انفجار الهدوء الامني على الجبهة الشمالية.

ويشير المصدر العسكري الاسرائيلي في حديثه مع يديعوت احرونوت الى ان حزب الله 2011 مفعم بمشاكل داخلية، غير انه لم يتراخ امام اعتزامه الاستعداد لخوض مواجهة مسلحة ضد اسرائيل بتوجيه من ايران ومساعدة سوريا، إذ يواصل امين عام الحزب حسن نصر الله ورجاله مضاعفة اعداد قذائفه وصواريخه، وتعميق اهدافها على الجبهة الاسرائيلية.

ووفقاً للاحصائيات التي جاءت على لسان المصدر العسكري الاسرائيلي، امتلك حزب الله عام 2006 ما يقرب من 25 الف قذيفة صاروخية، ولكنه يمتلك حالياً ما يضاهي هذا العدد بثلاث أضعاف على اقل تقدير، كما تضمنت ترسانته العسكرية صواريخ بعيدة المدى تحمل رؤوسها مئات الكيلوغرامات من المواد الناسفة.

يرى المسؤول الاسرائيلي ان جزءاً كبيراً من صواريخ حزب الله على سبيل المثال بات قادراً على الوصول الى منطقة نتانيا الاسرائيلية، كما إن الحزب أضحى مسيطراً على ما يقرب من 160 قرية جنوب نهر الليطاني، نظراً إلى أن معظم تلك القرية شيعية، وتحوي تلك القرى مقار لقيادات الحزب، ومستودعات للاسلحة والوسائل القتالية، فضلاً عن ان تزايد قوة حزب الله يمكن ارجاعها الى تدفق الاموال المنهمر الذي ينهال عليه من طهران، إضافة الى مساعدات ايرانية في دراسة فنون القتال ونقل المعلومات، لذلك انضمت سوريا الى هذا الدعم، لتنقل الى الحزب وسائل قتالية بما يتعارض مع قرارات الامم المتحدة.

ايجابية محدودة لحفظ الهدوء

ووفقاً لما نقلته صحيفة يديعوت احرونوت العبرية عن مسؤول عسكري في قيادة الجبهة الشمالية الاسرائيلية، تعمل قوات اليونيفيل بإيجابية محدودة لحفظ الهدوء على طول خط المواجهة بين الجنوب اللبناني وحزب الله، غير أن هيمنة هذه القوات ضعيفة عندما يدور الحديث عن المناطق الواسعة التي تبعد عن خط التماس الاسرائيلي اللبناني.

واضاف المصدر: quot;ليس ثمة شك بأنه في مقابل الهدوء الذي اعتدنا عليه حالياً، هناك استعدادات في الجانب الآخر من الحدود، ولا تحمل تلك الاستعدادات بشرى طيبة لإسرائيل، وسيكون ذلك هو تحدينا الاكبر في فترة معينةquot;.

واوضح المصدر الاسرائيلي: quot;سوف يكون من المستحيل القضاء على حزب الله نهائياً في غضون يوم او يومين، وانما يتطلب ذلك نفساً طويلاً من الاسرائيليين الذين سيتعرضون لوابل قذائف حزب الله خلال المواجهة المتوقعة، الا اننا في النهاية سنكون قادرين على التعامل مع عناصر حزب الله بشكل لا يترك مجالاً للشك، كما حدث في حرب لبنان الثانية عام 2006quot;.

على صعيد ذي صلة، يرفض قادة الجيش الاسرائيلي الحديث عن تفاصيل الخطط العسكرية حبيسة الادراج للتعامل الاسرائيلي مع حزب الله في اطار مواجهة مستقبلية، الا ان الخطوط العريضة لاستراتيجية اسرائيل العسكرية تشير بحسب الصحيفة العبرية الى تشكيل فصيلين هجوميين في الجيش الاسرائيلي، وتغيير جوهري في الخطط العملياتية التي تتماشى مع ظروف ساحة القتال اللبنانية.

ونقلت يديعوت احرونوت عن مصدر عسكري في تل ابيب قوله: quot;تدريبات كثيرة يقوم بها الجيش الاسرائيلي مخصصة لمواجهة كتلك التي تجري في الاحراش والمحميات الطبيعية، وكيفية مواجهة عناصر حزب الله التي تستخدم الدراجات البخارية في الانتقال من مكان الى آخر بسرعة فائقة، ومجابهة اطلاق الصواريخ والقذائف المضادة للمدرعات، والعمليات العسكرية تحت سطح الارض، الى غيره من فنون القتال التي يتقنها عناصر حزب اللهquot;.

كما ترى عناصر قيادية في الجيش الاسرائيلي ان حزب الله بات مكشوفاً لاسرائيل حالياً اكثر مما كان عليه الحالفي عام 2006، وعلى سبيل المثال تطور سقف الاهداف الاسرائيلية بشكل تدريجي مع ارتفاع بنسبة مائة بالمائة في التطور النوعي للحراك العسكري، الامر الذي يصيب حزب الله في مقتل حال خوضه مواجهة مع اسرائيل.

ويدّعي قائد في الجبهة الشمالية الاسرائيلية انه عندما يطلق اول جندى الرصاصة الاولى في quot;حرب لبنان الثالثةquot;، ستدير قيادة الجبهة حرباً بعيدة عن عيون الجميع، ولعل هذه الحرب هي ما يرفض قادة المؤسسة العسكرية الاسرائيلية الحديث عنها، الا انهم يؤكدون في الوقت عينه انها ستكون في معظمها حرباً نفسية، ويضيف القائد الاسرائيلي: quot;لا ينبغي انتظار دوران رحى المعارك، فمن الضروري العمل بصورة ذكية لنقل رسائل الى العدو وترسيم الحدود الواضحةquot;.