الزعيم الليبي معمر القذافي وتبدو على ملابسه خارطة أفريقيا

يطرح بعض المراقبين مجموعة من التخوفات حول مصير جزء مهم من القارة الأفريقية في حالة سقوط نظام الزعيم الليبي معمر القدافي، نظرا لارتباط حكومات عدد من بلدان القارة السمراء اقتصاديا و اجتماعيا بالعقيد الليبي الذي أغدق عليها أموالا كبيرة في السنوات الأخيرة.



يعتقد مراقبون أن زعماء عدة دول أفريقية نالوا دعم الزعيم الليبي معمر القدافي المالي سواء لتمويل حملاتهم الانتخابية أو إطلاق مشاريع اقتصادية، و أي موقف منهم تجاهه سوف لن يكون موضوعيا، و بالتالي من الأفضل، برأيهم، استبعاد فكرة وضعهم في اعتبار أي مقاربة تروم ردع العقيد.

ويستخلص من ذلك أنه ليس من مصلحة هذه الحكومات ذهاب القذافي، و القضاء على نظامه، و إن كان فيه نوع من التحرير لهذه البلدان من تبعيته، التي تكونت بفعل قوة المال، وجعلتها خاضعة لرغباته التوسعية مستغلا الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لهذه البلدان.

وبالإضافة إلى ذلك، تعيش هذه الحكومات في الفترة الحالية على أعصابها بعد عودة عمالتها التي كانت مستأجرة في ليبيا إلى بلدانها، والأمر، بحسب مراقبين، مرشح لخلق توترات اجتماعية فيها إن استمرت الأزمة الليبية و لم تعد لعملها في ليبيا في أقرب وقت ممكن.

ومن بين البلدان المهددة أكثر في استقرارها جراء ذلك، النيجر التي عاد إليها عدد كبير من مواطنيها الذين كانوا يعملون في ليبيا، و المقدر عددهم بمائة ألف شخص، والتشاد التي كان يبلغ عدد عمالها في هذا البلد المغاربي سبعين ألف فرد.

كما أن قيام القذافي بتوظيف مليشيات من قبائل الطوارق مقابل أجور، بحسب صحيفة لوموند الفرنسية، تقارب الثلاثة آلاف يورو، يعتبره مراقبون تأهيلا عسكريا و ماليا لهؤلاء، سيسمح لهم مستقبلا بحمل السلاح و رفع مطالب سياسية في وجه الحكومتين المالية و التشادية.

منطقة الساحل و القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي
ويجمع المراقبون على أن منطقة الساحل اليوم أصبحت مرتعا لعناصر القاعدة في المغرب الإسلامي، خصوصا و أن القذافي لم يعد معنيا بالحرب ضد الإرهاب بحسب أحد تصريحاته، زيادة على أن الأسلحة أصبحت في متناول جميع الأطراف بموجب الحرب الليبية.

وهي فرصة بالنسبة إلى التنظيم الإرهابي المذكور يسعى إلى استغلالها لأجل إعادة تسليح نفسه، وتأكد ذلك عندما حجزت السلطات التشادية مجموعة من الأسلحة المتطورة على ترابها، ما يشكل قلقا حقيقيا لدى حكومات المنطقة، و يخلق تخوفات لدى مراقبين من دخول هذا الجزء من القارة السمراء في مرحلة يغيب فيها الاستقرار.

ولا يستبعد مراقبون تكون هذا الحس الثوري الذي ظهر لدى الشعوب العربية عند نظيرتها الأفريقية، فتنخرط في هذا الربيع العربي منتفضة في وجه حكامها لأسباب اجتماعية و سياسية، لترفض مثلا توريث السلطة كما حصل في السينغال.

القدافي quot;ملك ملوك أفريقياquot;

نائب الأمين العام للجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا محمد علي عبد الله

وقال نائب الأمين العام للجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا محمد علي عبد الله إن quot;القذافي استخدم أموال الشعب الليبي من أجل التوغل في القارة السمراء عبر عدة طرق، كان من بينها التوغل العسكري عبر شن الحروب مباشرة مع دول أفريقية مجاورة، والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأفريقة وتأجيج الصراعات في داخلها وتوفير السلاح للأطراف المتنازعة في الحروب الأهلية التي حدثت في القارةquot;.

ويضيف نائب الأمين العام للجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، في حوار لإيلاف، quot;تمكن القذافي عبر استخدام أموال الشعب الليبي من التوغل داخل الدول الأفريقية الفقيرة عن طريق شراء ذمم بعض رؤساء هذه الدول والقيادات العسكرية والقبلية وأصحاب النفوذ فيهاquot;.

و وظف العقيد الليبي، بحسب علي عبدالله، quot;سبلا لذلك نجح في تسويقها كـquot;استثماراتquot; عبر الشركة الليبية الأفريقية للاستثمار (لايكو LAICO)، التي تملك استثمارات كبيرة في كل من أوغندا والكونغو وزامبيا وغيرها من الدول الأخرىquot;.

quot;كما كان لشركتي النفط (ليبيا أويل Libya Oil) وشركة (LAP Green أو Green N) كما تعرف في الأسواق الأفريقية دور أساسي في ذلك.فهاتان الشركتان ضختا موارد هائلة بالمليارات من أموال الشعب الليبي خلال عام 2009 و 2010 من أجل التوغل الاقتصاديquot;.
توغل quot;لا يجنى منه أي فائدة للشعب الليبيquot;، يقول نائب الأمين العام للجبهة الوطنية، بل كان quot;من أجل التحكم في مصير هذه الدول الأفريقية الفقيرة المحتاجة ومن أجل تحقيق هدف القذافي بأن تكون له quot;إمبراطوريةquot; يحكمها ويسيّر شؤونها مثل ما يشاء...quot;.

و عن حجم هذه الأموال التي حوّلت إلى الحكومات الأفريقية من طرف القدافي، يجيب علي عبد الله، quot;من الصعب تقدير هذه المبالغ بالتحديد، لأن كثيرا من الأموال التي تدفع إلى القادة الأفارقة لا تتم بطرق يمكن تتبعها...quot;

لكن، يستدرك محاورنا، quot;هناك عدة مؤشرات من بينها حجم المحافظ الاستثمارية التي تم ضخ أموال الشعب الليبي فيها، وآخرها هي صفقة الـ90 مليار دولار التي لوح بها القذافي في أحد اجتماعات الإتحاد الأفريقي عام 2010، على أساس أنها سيتم تخصيصها للدول الإفريقيةquot;.

كما quot;أن هناك مؤشرات عديدة تشير إلى أن مصرف quot;الساحل والصحراءquot; الذي تم إنشاؤه بأموال ليبية، وتم بعد ذلك تقسيم حصص في هذا المصرف بين عدة دول إفريقية وسددت ليبيا ثمن معظم هذه الحصص، وغيرها من الاستثمارات التي تقوم بتوفير غطاء quot;تجاريquot; لهذه التحويلات المالية الضخمة التي لا تصب معظمها في صالح بعض هذه الدول الفقيرةquot;، يقول علي عبد الله.

وحدد نائب الأمين العام للجبهة الوطنية الليبية بالاسم بعض الدول quot;التي استطاع القذافي التوغل فيها عبر أسلوبه الجديد (القديم)quot;، بحسب تعبيره، quot;مثل تشاد، مالي، غينيا، زمبابوي وليبيريا (اثناء حكم تايلور) وغيرها العديد من الدول الفقيرة...quot;.
ويرجع محمد علي عبدالله quot;سخاءquot; القذافي تجاه الحكومات الإفريقية إلى كونه كان quot;لديه حلم بأن يصبح quot;إمبراطورquot; وهو سخر كافة أموال الشعب الليبي، بل سخر حتى أرواح الشعب الليبي في حروبه من أجل تحقيق هذا الحلم...quot;
و أضاف محمد علي عبد الله أن القدافيquot;كان يعتبر أن نيله لقب quot;ملك ملوك أفريقياquot; - رغم تفاهة هذا الأمر- محطة نحو تحقيق حلمه الإمبراطوري و ظل يعتبر ذلك من أحب الإنجازات إليه، على الرغم من أن عددا من رؤساء دول أفريقية قد أبدوا اشمئزازا من هذا الأمرquot;.

وإن كان للمعارضة الليبية مقاربة بديلة في تعاطيها مع القارة السمراء، يفيد نائب الأمين العام للجبهة الوطنية، بأن حزبه طرح quot;رؤية سياسية للمرحلة الانتقالية تتضمن عدة أبعاد تم تعميمها على الحكومات الصديقة والشقيقة وعلى رأسها الدول الأفريقيةquot;، آملا quot;أن تأخذ هذه الدول الرؤية المذكورة وأيضا إرادة الشعب الليبي مأخذ الجدquot;.

ويخلص محمد علي عبد الله إلى أن quot;الشعب الليبي سوف يستعيد سيطرته على بلاده ومواردها، وذلك سوف يعود بالخير والاستقرار والتقدم، ليس على الشعب الليبي فقط، بل على كل جيرانه وأشقائه وأصدقائهquot;.