من المنتظر أن يجتمع اليوم مسؤولو الحكومة والجيش في تركيا، عقب الاستقالات التي تقدم بها أربعة من كبار قادة القوات المسلحة، وهو التطور الذي وصفته صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية بأنه يمثل حقبة جديدة في تركيا، ستخضع فيها مقاليد الأمور للمرة الأولى لكامل سيطرة قائد مدني، هو رئيس الوزراء، رجب طيب أردوغان.


رجب طيب أردوغان

أشرف أبوجلالة من القاهرة: صنَّفت الصحيفة المواجهة التي اندلعت في الأسبوع الماضي مع الجيش باعتبارها أحدث العلامات الدالة على قوة أردوغان، منذ فوزه بولاية ثالثة في الـ 12من حزيران/ يونيو الماضي. وبتعامله مع المشكلة الكردية في تركيا، وملفات أخرى منها قبرص وإسرائيل والشأن الاقتصادي، والآن الجيش، يعكف أردوغان الواثق من نفسه على إثارة المخاطر باستمرار. وقالت الصحيفة إن معظم الأتراك نظروا إلى استقالات كبار قادة الجيش لنزاعهم حول وضعية الضباط المسجونين على أنها أمر مدهش.

فما كان يحدث في الماضي هو العكس، بأن تتقدم الحكومة باستقالتها، حين تهيمن حالة من عدم الرضا على قادة الجيش. وجاءت الخطوة الأخيرة هذه لتؤثر سلباً في عملة الليرة التركية. ومع هذا، لا يتوقع كثيرون حدوث أي شكل من أشكال الأزمات السياسية حين يلتقي مسؤولو الجيش أردوغان في المجلس العسكري الأعلى ابتداءً من اليوم الاثنين، للبتّ في مسألة الترقيات بكل قطاعات القوات المسلحة.

ومضت الصحيفة تنقل في هذا السياق عن غاريث جينكينز، المحلل العسكري الذي تربطه صلات وطيدة بالقوات المسلحة التركية، قوله quot;قد تتوالى المزيد من الاستقالات هذا الأسبوع، وهو ما قد يؤثر بالسلبفي الأسواق، لكن هناك أسباب أكثر جدية تدفعك للشعور بالقلق إزاء الاقتصاد، مثل العجز الحاصل في الحساب الجاريquot;.

وتابع جينكينز قائلاً: quot;حرص القادة العسكريون الأربعة أن يتقدموا باستقالاتهم بعد الساعة السادسة من مساء يوم الجمعة الماضي، بعدما أغلقت الأسواق، ليضمنوا اختيار بدلاء لهم قبل أن تعاود الأسواق فتح أبوابها يوم الاثنينquot;. وسيشغل الجنرال نجدت أوزيل، الذي كان رئيساً للشرطة العسكرية، منصب الرئيس الجديد لهيئة الأركان العامة. وأكد محللون أن تلك الاستقالات الأخيرة جاءت لتجسد نهاية تاريخ طويل سعى خلاله حزب العدالة والتنمية الحاكم إلى محو دولة معادية موازية.

وأشار هنري باركي، أستاذ العلاقات الدولية وخبير الشؤون التركية في جامعة ليهاي، إلى أن إظهار أردوغان لتلك القوة بعد تحقيقه ثلاثة انتصارات انتخابية، لم يكن أمراً مفاجئاً، وأضاف: quot;ومن الآن فصاعداً، لن يعود بمقدور أردوغان أن يقوم بدور المستضعف، الذي يُحَمِّل دولة غامضة معادية مسؤولية الفشل، مثلما كان يفعل في الماضيquot;.

وفي الوقت الذي يتحضر فيه أردوغان لوضع دستور جديد للبلاد، قد يتحول هذا الأمر إلىمشكلة بالنسبة إلى واحد من أقوى القادة المدنيين الذين شهدتهم تركيا، وفقاً لما ذكره باركي، حيث سيحتاج الدستور إلى تسوية، إن كان له أن يحظى بدعم شعبي.

وأوضح منتقدون لأردوغان أنه ومع تزايد نفوذه، يُتَوَقع أن تصبح القوانين والمجتمع التركي أكثر تديناً بطبيعتهم، لافتين إلى اللوائح الأكثر صرامة التي تم فرضها بشأن المشروبات الكحولية على سبيل المثال. وتابع محللون وساسة معارضون بقولهم إن ما سيفعله أردوغان بسلطته المكتشفة حديثاً هو السؤال الأكبر الآن في تركيا.

ولفتت الصحيفة من جانبها إلى أن أردوغان ومنذ فوزه في انتخابات الـ 12 من حزيران / يونيو الماضي، وهو يتعامل بمواقف لا هوادة فيها مع كل القضايا الكبرى التي تبرز على الساحة. وحين بدأ يُقدِم المستثمرون على بيع الليرة، ويبدون قلقهم بشأن حجم العجز في الحساب الجاري في تركيا - وهو مقياس لعدم التوازن بين الواردات والصادرات ndash; أكد أردوغان عدم وجود ما يدعو إلى القلق.

وحين رفضت إسرائيل في العام الماضي الاعتذار عن حادث أسطول الحرية المملوك لتركيا، والذي كان في طريقه إلى غزة، وأسفر عن مقتل 9 من الناشطين على يد قوات كوماندوز إسرائيلية، قال رئيس الوزراء التركي إنه يخطط لزيارة غزة بنفسه. وبشأن قبرص، قال أردوغان إنه إن لم يتم التوصل إلى اتفاق قبل أن تتولى قبرص الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي عام 2012، فإن تركيا ستجمّد العلاقات مع الاتحاد الأوروبي.