عاطلون عن العمل في مدينة سيدي بوزيد التونسية

لا أحد يعرف من وراء إزالة صورة أشهر قتلى الثورة التونسية، محمد بوعزيزي، التي نُصبت فوق تمثال ذهبي كبير وسط الشارع، حيث أضرم النار في جسده مطلقاً الشرارة لثورات شعبية في العالم العربي.


أثارت إزالة صورة أشهر قتلى الثورة التونسية، محمد بوعزيزي جدلاً حول سبب الاستغناء عن مطلق شرارة الثورات في العالم العربي. ويقول البعض إن مسؤولية إزالة صورة البوعزيزي تقع على التونسيين المناهضين للثورة، فيما يؤكد آخرون أنها أتلفت بسبب الرياح والأمطار.

ونقلت صحيفة الـ quot;نيو يورك تايمزquot; عن سكان المنطقة قولهم إن الصورة أزيلت بسبب اشمئزاز السكان من تصرفات عائلة البوعزيزي، بعدما تركت والدته وعمه وأولاد عمه مدينة سيدي بوزيد وانتقلوا إلى مدينة أخرى، حيث يقال إنهم يسكنون في فيلا فخمة.

ورأى البعض هذه الخطوة بمثابة quot;خيانةquot;، كما شعروا بالغضب والمرارة عندما علموا أن عائلة البوعزيزي تلقت مبالغ هائلة من الأموال مقابل الانتقال إلى الفيلا الفاخرة في تونس العاصمة.

أكثر من ذلك، اعتبر السكان أن عائلة البوعزيزي قد هجرتهم، وتخلت عنهم في ظل الظروف الصعبة التي يعانونها، فمعظمهم من دون عمل أو مال أو أمل.

توجيه الانتقادات للبوعزيزي وعائلته دلالة بالغة عن مدى الإحباط الذي أصاب سكان سيدي بوزيد. لكن الكثيرين يعتبرون أن عائلة البوعزيزي ليست الملامة، بل الحكومة الانتقالية التي لم تحرز تقدماً يُذكر في إطار معالجة المطالب التي نادت الثورة لتحقيقها.

المرارة التي يشعر بها سكان سيدي بوزيد ليست مختلفة عن باقي المدن التونسية، حيث ينظر الجميع بحذر إلى تطورات الثورة، فيما يرجّح البعض أن تؤدي الظروف الراهنة إلى تقويض المكاسب التي أحرزوها بعد انتصارهم على النظام السابق.

في الأشهر القليلة الماضية، نشبت نزاعات بين التونسيين حول الوظائف، وأدى التنافس المحموم على الهمل لتأمين لقمة العيش إلى موجات من العنف القاتلة أودت بحياة كثيرين.

ونقلت الصحيفة عن محللين اقتصاديين اعتبارهم أن رد فعل الحكومة ليس كافياً، وأن العمل يتركز على إعطاء المال للناس بدل ايجاد حلول لأزماتهم، مضيفين أن العديد من الوزراءيحاولون عرقلة مشاريع واسعة النطاق تهدف إلى خلق فرص عمل قصيرة الأمد منتظرين السوق التونسية لتصلح وضعه بنفسه.

في تونس، كما في مصر، تتحطم آمال الشعب الذي اصطدم تفاؤله بالواقع السيء. فما ان انتهت الثورة حتى خابت توقعات هؤلاء بالتغيير والتطوير، ورأوا بدلاً من ذلك أن ظروفهم المعيشية تتجه نحو الأسوأ.

في الأسابيع القليلة الناضية، تحدث رئيس الوزراء التونسي في الحكومة الانتقالية بيجي قائد السيبسي عن البطالة، التي تضرب أكثر من 700 ألف مواطن، أي حوالي 15% من القوة العاملة في تونس، بما في ذلك 170 ألف طالباً متخرجاً.

وقال السيبسي إن الحكومة تعمل على برنامج جديد من شأنه أن يؤمّن الوظائف لحوالي 60 ألف مواطن، لكنه اعترف أيضاً بعدم توافر حلول سريعة لمشكلة البطالة سوى أن يركز رجال الأعمال والمستثمرون على المناطق الفقيرة. ويقول لسان حال التونسيين إن الحكومة لم تقدم سوى وعوداً فارغة وآذاناً صماء لشكاويهم.

وأشار رجل الأعمال ورئيس جمعية الكرامة للشباب التونسي نبيل حاجبي، إلى أن العديد من الوزراء زاروا منطقة سيدي بوزيد في الأشهر القليلة الماضية، متجاهلين الخطط التي قدمها سكان المنطقة والتي من الممكن أن تساهم في الحد من نسبة البطالة، بما في ذلك اقتراحات لإصلاح البنى التحتية وبناء مصانع جديدة تؤمن فرص عمل للسكان. ويقول الحاجبي quot;وعدونا بالكثير ولم يفعلوا شيئاً. لذلك فقدنا الأمل ونشعر بالإحباطquot;.

ومنذ اكثر من أسبوعين، فرضت السلطات التونسية حظر تجول على مدينة سيدي بوزيد بعد اشتباكات عنيفة بين الجيش والمتظاهرين، أدت إلى مقتل فتى في الرابعة عشر من العمر. واندلعت هذه الاحتجاجات بسبب البطالة، فيما تجمهر السكان للتضامن مع التظاهرين فاشتبكوا مع السلطة. وتصاعد الخلاف عندما ألقى بعض الشبان قنابل حارقة يدوية الصنع على الشرطة التي ردت في المقابل بالرصاص.

أما عائلة البوعزيزي، فتشير صحيفة الـ quot;نيويورك تايمزquot; إلى أنهم لم ينتقلوا للسكن في فيلا فخمة، بل يسكنون اليوم في الطبقة الأولى من أحد المنازل في حي المرسى في تونس مقابل مبلغ مئتي دولار في الشهر.

ونقلت الصحيفة عن سامية بوعزيزي، شقيقة محمد بوعزيزي، قولها إن منزلهم الحالي أكبر وأفضل من البيت الذي كانوا يسكنون فيه في سيدي بوزيد، مضيفةً quot;انتقلنا لأننا تعبنا كثيراً هناكquot;. ونفت سامية أن تكون العائلة قد تلقت أي مبلغ من المال، معتبرة أن كل هذه الأخبار التي تطال عائلتها هي شائعات كاذبة وسببها واحد: الحسد.