هل كانت كلينتون خياراً أفضل للديمقراطيين؟

لو مُنح الديمقراطيون الأميركيون الفرصة للاختيار مجددا بين باراك أوباما وهيلاري كلينتون بإرجاع عقارب الساعة الى وقت الحملة الانتخابية الرئاسية في 2008.. فهل يتغير شيء؟ الإجابة بالنفي أو الإيجاب ليست مهمة بحد ذاتها، وإنما المهم هو الداعي لطرح السؤال في المقام الأول.


لندن: في 20 يناير / كانون الثاني 2009 شكّل باراك اوباما أحد أهم منعطفات التاريخ الأميركي والعالمي عندما أدى اليمين كأول رئيس أسود للولايات المتحدة. وكان هناك تفاؤل حقيقي داخل أميركا (الديمقراطية على الأقل) وخارجها بأن عهدا مشرقا جديدا ينتظر الجميع.

لكن الرياح تأتي بما لا تشتهيه السفن، في شكل الأزمة الاقتصادية والعطالة التي بدأت قبل تولي اوباما مهامه وحرب العراق وأفغانستان، إضافة الى حروب الرئيس مع خصومه الجمهوريين حول برنامجه للرعاية الطبية المجانية للفقراء وغير ذلك.

ووفقا لصحيفة laquo;تلغرافraquo; البريطانية، ، فهناك سؤال يتهامس به بعض الديمقراطيين عما إن كانوا قد أخطأوا في اختيار اوباما بدلا عن منافسته هيلاري كلينتون خلال حملة الانتخابات الرئاسية التي صارت الأشهر ربما في تاريخ الانتخابات الأميركية. وتبعا لها فإن أي تساؤل من هذا القبيل مؤشر في حد ذاته الى المستوى المتدني الذي هبط اليه اوباما في أنظارهم.

والواقع ان شكوى هؤلاء الديمقراطيين لا تمس الوعاء السياسي البحت الذي يحوي نوع المشاكل التي تعترض طريق اوباما وطريقته في التعامل معها، وإنما تتعلق به شخصيا وبمزاجه وأسلوب رئاسته. ورغم أن هؤلاء يعلمون أنه ليبرالي حقيقي، فهم يقرون له باستعداده للتوصل مع خصومه الى حل وسط. لكنهم يقولون أنه يفترض أن الجانب الآخر ليس مستعدا لفعل الشيء نفسه. كما انه خسر معركة الديون ضد الجمهوريين وانتهى الأمر بخفض تصنيف الولايات المتحدة الائتماني.

وهناك ايضا الاحساس بأن اوباما يجاهد ليشعر الأميركيين بأنه يشعر مثلهم بالألم الذي يسببه أسوأ ركود اقتصادي على مدى 70 عاما. لكن منتقديه يقولون إن هذه المجاهدة تقف عند حد laquo;التعاطفraquo; مع الناس العاديين وليس laquo;الشعورraquo; الحقيقي بما يشعرون.

وثمة إحساس بأنه بعيد ليس عن نبض الشارع وحسب، وإنما عن وظيفته التي يجب أن يؤديها نفسها. فقد أتى الى البيت الأبيض على ظهر وعده بالتغيير الشامل في واشنطن لكنه صار جزءا عضويا منها، وعليه فهو ليس بقادر على حل المشكلة الرئيسية كما يقولون.

وفي الجهة المقابلة فإن هيلاري كلينتون، مثل زوجها، بارعة في فن إظهار شعورها بألم الآخرين. ووفقا لأولئك الديمقراطيين ففي حال اختاروها هي لكدحت فعلا في سبيل توفير الوظائف للعطالى بدلا عن مجرد التعاطف الذي يصدر عن اوباما. ويقول هؤلاء إن نوع الجراح التي منيت بها إدارة زوجها أعدتها فعلا للشدائد خاصة في وجوده هو نفسه مستشارا غير رسمي لها.

ومع ذلك فإن عودة اسم كلينتون الى المكتب البيضاوي كان سيحمل معه متاعبه الهائلة. ولا شك في أن الجمهوريين كانوا سيسعون ما استطاعوا لإحالة حياة هيلاري جحيما مثلما فعلوا مع اوباما.