بيروت: يتوقع محللون تصعيداً متزايداً في حدة الخطاب السياسي في لبنان بعد نشر القرار الاتهامي في اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، في وقت تبقى الانظار معلقة على التطورات المتسارعة في سوريا، الدولة المجاورة الداعمة لحزب الله.

ويقول المحلل السياسي اسامة صفا لوكالة الأنباء الفرنسية quot;لا جديد في هذا القرار والاثر الاكبر المرجح سيتمثل في تصاعد حدة الخطاب السياسي بين حزب الله ورئيس الوزراء السابق سعد الحريريquot;. ويضيف quot;الجميع ينتظر ما سيحدث في سورياquot;.

ويتابع ان quot;حزب الله يتحكم بمؤسسات الدولة في لبنان وهو مرتاح الى وضعه، لذلك لا اظن ان احدا في لبنان هو في موقع الاقدام على اي تحركquot;. ويتمتع حزب الله مع حلفائه بالاغلبية في الحكومة التي يرئسها نجيب ميقاتي.

ونشرت المحكمة الخاصة بلبنان الاربعاء اجزاء كبيرة من مضمون القرار الاتهامي في اغتيال الحريري الذي كان صدر في 30 حزيران/يونيو ويتضمن اتهامات بالقتل موجهة الى اربعة عناصر في حزب الله في عملية التفجير الانتحاري التي وقعت في 14 شباط/فبراير 2005 وتسببت بمقتل الحريري مع 21 شخصا آخرين.

ويقع القرار الاتهامي في 47 صفحة، ويتضمن صور المتهمين الاربعة وتفاصيل عن حياتهم ومسارهم الحزبي. ورأى الامين العام لحزب الله حسن نصرالله ان نص القرار لا يشتمل على اي quot;دليل مباشرquot;. ودعا رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، نجل رفيق الحريري، من جهته قيادة حزب الله quot;الى فك ارتباطها بالمتهمين بما يؤدي الى تسليمهمquot;.

واكد الوزير حسين الحاج حسن المنتمي الى حزب الله في مقابلة مع وكالة فرانس برس الجمعة ان المتهمين الاربعة مصطفى بدر الدين وسليم عياش وحسين عنيسي واسد صبرا الذين وصفهم القرار الاتهامي بـquot;المناصرين لحزب اللهquot;، quot;مفترى عليهم وهم مجاهدون ومخلصونquot; وليسوا مجرد مناصرين.

واضاف ان quot;الاتهام باطل وزائف وهو افتراء على الحزبquot;، معتبرا ان quot;قراءة مضامين القرار فيها اتهام واضحquot; لحزب الله، لا سيما ما ورد فيه من ان حزب الله quot;منظمة عسكرية سياسية تورطت سابقا في عمليات ارهابيةquot;.

وانتقد حسين الحاج حسن اعتماد القرار الاتهامي على quot;ادلة ظرفيةquot;، معتبرا انها quot;ليست ادلة بل مجرد استنتاجاتquot;، ومشيرا الى ورود عبارتي quot;يمكن الاستنتاج ويمكن الاستنتاج بصورة معقولة تسع مراتquot; في القرار الاتهامي.

وقال quot;كل المراجع القضائية في العالم تعرف تماما ان الادلة الظرفية ليست ادلة دامغةquot;، مشيرا الى ان القرار الاتهامي يتضمن في الواقع quot;دليلا ظرفيا واحدا هو الاتصالات الهاتفيةquot;، ومعتبرا ان لا قيمة لهذا الدليل quot;بعد ان ثبت ان اسرائيل تخترق الشبكات الهاتفية اللبنانية بالعمق وتستطيع التلاعب بهاquot;.

وسأل حسين الحاج حسن فريق سعد الحريري quot;اين هي الادلة الدامغة التي قالوا انهم لن يقبلوا الا بها في القرار الاتهامي؟quot;. وكان اغتيال الحريري نقطة انطلاق لانقسام عميق في لبنان بين فريقي قوى 14 آذار، وابرز اركانها سعد الحريري المدعوم من السعودية والغرب، وفريق حزب الله المدعوم من سوريا وايران والذي اعلن خلال الاشهر الماضية رفضه للمحكمة الدولية معتبرا انها اداة اسرائيلية اميركية لاستهدافه.

وبلغ الانقسام اوجه في كانون الثاني/يناير الماضي عندما اسقط حزب الله حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الحريري بعد انسحاب وزرائه ووزراء حلفائه منها، على خلفية خلاف حول المحكمة الدولية التي تدافع قوى 14 آذار عن صدقيتها ودورها.

وكانت اصابع الاتهام وجهت بعد وقوع جريمة اغتيال الحريري الى سوريا التي سحبت جيشها من لبنان في نيسان/ابريل 2005 بعد تواجد استمر ثلاثة عقود. ونفت دمشق مرارا اي تورط لها في الاغتيال. ويقول بول سالم، رئيس مركز كارنيجي للشرق الاوسط الذي يتخذ من بيروت مقرا، ان quot;الخارطة السياسية في لبنان منقسمة منذ وقت طويل، والان بعد نشر ادلة مفصلة (في قضية الحريري) تعززت خطوط الفرقةquot;.

ويتابع quot;لكن الامر الاهم الان هو السياق الاقليمي، اذ ان هذا القرار يمكن استخدامه ضد حزب الله وربما ضد سورياquot;، مستبعدا في الوقت نفسه حصول تطورات ميدانية على الارض. ويضيف quot;هناك امور كثيرة تجري في المنطقة حاليا (...) لا اعتقد ان احدا من الاطراف الاقليمية يريد ان تنفجر الانقسامات في لبنانquot;.

ورأى ان حزب الله quot;مرتبط الى حد بعيد بما يجري في سوريا، وبالتالي لا ضرورة للاستعجال واستعمال المحكمة ضد سوريا الآن. انها ورقة قائمةquot;. ويعتمد القرار الاتهامي على ادلة quot;ظرفية تقوم على الاستنتاج والاستدلال المنطقيينquot;، بحسب نص القرار بالعربية، وابرزها quot;التلازم المكانيquot; لسلسلة طويلة من الاتصالات الهاتفية.

ويتهم بدر الدين وعياش، بـ quot;ارتكاب عمل ارهابي باستعمال اداة متفجرةquot; وquot;القتل العمدquot;، وعنيسي وصبرا بquot;التدخل في جريمة ارتكاب عمل ارهابي وجريمة قتلquot;. وابلغت السلطات اللبنانية المحكمة الدولية عدم تمكنها من توقيف الرجال الاربعة. ورفض الامين العام لحزب الله حسن نصرالله الاربعاء quot;اتهام اربعة من اشقائنا من شرفاء المقاومة او تعرضهم للتشهير والظلمquot;.

وردا على موقف نصرالله، ابلغ مصدر في قوى 14 آذار وكالة فرانس برس ان هذه القوى عقدت اجتماعا لقياداتها خلال الساعات الماضية واتخذت quot;قرارا مبدئيا بتحميل نصرالله وحزب الله المسؤولية في حال الاستمرار في تامين الغطاء للمتهمين الاربعة وحمايتهم وعدم التعاون مع المحكمةquot;.