اتسم رد فعل المسؤولين في الإدارة الأميركية على انهيار نظام العقيد معمّر القذافي بالحذر والتباهي بالتحالف الدولي الذي أسهموا في بنائه، معتقدين أن طريقة الإدارة الحالية تختلف عن أسلوب الإدارة السابقة.

وأشار وزير الدفاع ليون بانيتا الى التحالف الدولي بوصفه quot;من نوع الشراكة والتحالفات التي نحتاج اقامتها في المستقبلquot;.واعلن نائب مستشار الأمن القومي بن رودز ان تدخل ادارة اوباما في ليبيا يقف على طرفي نقيض مع الوضع الذي تكون فيه حكومة اجنبية هي المحتل، في اشارة إلى إستراتيجية إدارة بوش في العراق عام 2003.

ويبدو ان لا احد يختلف مع بانيتا وردوز حين يدافعان عن استخدام تحالفات دولية وعن أفضليات الاعتماد على قوى داخلية تقود تغيير النظام ومنافع تبادل الأعباء مع اطراف أخرى.

ويلاحظ الكاتب روبرت هاديك في مجلة بورين بولسي انه إذا كان هذا ما يشكل quot;النموذج الليبيquot; فهو لن يواجه انتقادات تُذكر.ولكن الثورة الليبية لم تنته بعد، وبالتالي فان النموذج نفسه ايضًا لا يكون مكتملاً.وأياً يكن الشكل الذي يكتسبه هذا النموذج في النهاية يبقى ان ننتظر لنرى ما إذا كانت سماته قابلة للتطبيق في أزمات مماثلة تنشأ في بلدان أخرى، بحسب هاديك.

تؤكد ادارة اوباما ان الجيش الأميركي لن يكون له وجود مباشر على الأرض الليبيبة بأي حال من الأحوال.ويفترض هذا التعهد نهاية سعيدة للثورة الليبية التي ما زالت مستمرة، أو إذا حدث انهيار في ليبيا ما بعد القذافي فإن قوة تشكلها الأمم المتحدة لحفظ السلام من دون مشاركة أميركية ستكون قادرة على اعادة الاستقرار.

ويكتب روبرت هاديك في مجلة فورين بولسي أن التحدي الذي يواجه اوباما هو كيف سيرد مع طاقمه إذا اندلعت اعمال عنف مستمرة في ليبيا أو نشأت أزمة انسانية ونزوح جماعي للاجئين أو بدأت تلوح بوادر حكم معاد في البلاد.

وعلى سبيل المثال فإن اوباما نفسه هو الذي وافق على مضاعفة القوات الأميركية في أفغانستان ثلاث مرات. وأنه وافق على هذه الزيادات لأن حجم القوات المتمركزة في افغانستان لم يكن كافيا لحماية المصالح الاميركية.

ويضيف:quot;ومن المعقول ان يأمل المرء، كما يخلص رودز، إلى أن الثوار الليبيين سيكونون أفضل من جيش محتل في إشاعة الاستقرار في ليبيا ما بعد القذافي.ويبقى أن ننتظر لنرى ما إذا كانت الولايات المتحدة ستغضّ الطرف إذا ثبت ان الأمر ليس كذلكquot;، على حد تعبير هاديك.

بدت ادارة اوباما سعيدة بالدور الثانوي الذي حصلت عليه الولايات المتحدة في ليبيا. وهي تعتقد انها تستطيع أن تشير إلى هذا الدور لتبين أن تقاسم الأعباء بين اطراف التحالف لم يعد مجرد شعار.

وتمكنت الادارة من تحديد مشاركة الولايات المتحدة بقصرها على مهمات اسناد وضعت القوات الجوية الاوروبية على الخطوط الأمامية.وعلى النقيض من سنوات بوش، فقد جرى تحييد المعارضة السياسية بإبقاء الولايات المتحدة بعيدة عن دور القيادة.

وقد يرغب اوباما في تكرار هذا الدور المساعد الذي لعبته الولايات المتحدة في أزمات مقبلة، ولكن من الصعب أن نرى رقعة أخرى من العالم ستظهر فيها مثل هذه الشروط مرة أخرى، بحسب هاديك.

فان بريطانيا وفرنسا وايطاليا وقوى اوروبية أخرى رأت لها مصالح حيوية في الأزمة الليبية دفعتها إلى المطالبة بتحرك نال في النهاية دعم الولايات المتحدة.ولكن حين تحدث أزمات كبرى حول منطقة الخليج مثلاً أو في منطقة آسياـ المحيط الهادئ، وتكون مصالح حيوية أميركية هي المهددة، فانه من المستبعد أن تجد الولايات المتحدة حلفاء لهم هذه الدوافع والقدرات العسكرية والخبرات القتالية نفسهاللمشاركة بجانب قواتها.

في هذه الحالات ستجد الولايات المتحدة نفسها مجددًا في موقع الصدارة، وهي صيغة اعتاد عليها حلفاؤها، وأصبحوا يفضلونها، كما يكتب هاديك.

ويختتم روبرت هاديك تحليله في مجلة فورين بولس بالقول إن أكبر المخاطر على حلف شمالي الأطلسي والولايات المتحدة في ليبيا ما زالت في بدايتها. وأن فريق اوباما وضع رهاناته على الثوار وعلى بناء تحالف دولي تقاسم الأعباء بالتساوي.ولكن الاختبارات الأصعب للنموذج الليبي الذي يتبناه فريق اوباما ما زالت على الطريق.