أكد سعد الكتاتني، الأمين العام لحزب الحرية والعدالة، الجناح السياسي للإخوان المسلمين في مصر، في حديث مع quot;إيلافquot; أنهم يتوقعون أن يكون لهم نصيب في البرلمان المقبل يؤهلهم للمشاركة في حكومة مع الآخرين، رافضاً ما يشاع حول إمكانية تطبيقهم للنموذج التركي.
الأمين العام لحزب الحرية والعدالة سعد الكتاتني |
القاهرة: منذ نشأتها قبل ما يزيد عن ثمانين عاماً وحتى الآن، وهي تشغل المصريين، بل والعالم أجمع، لكنها صارت أشد شغلاً له بعد إسقاط نظام حكم الرئيس السابق حسني مبارك عبر ثورة 25 يناير الشعبية. إنها جماعة الإخوان المسلمين، التي كانت التنظيم السياسي الأشد معارضة لمبارك طوال ثلاثين عاماً، ومع سقوطه صارت الفصيل السياسي الأقوى تنظيماً والأكثر حنكة، ويتوقع المراقبون أن تنجح في إقتناص السلطة من خلال حزب الحرية والعدالة الموصوف أنه الجناح السياسي لها، ومن هنا تأتي أهمية المقابلة التي أجرتها quot;إيلافquot; مع الدكتور محمد سعد الكتاتني، الأمين العام للحزب. حيث أجاب عن الأسئلة التي تشغل بال الخارج والداخل في ما يخص طريقة تعامل الإخوان مع القضايا والملفات الشائكة داخلياً ودولياً.
وفي الحلقة الأولى من حواره مع quot;إيلافquot; يؤكد الكتاتني أن quot;الإخوان قادمون للسلطة في مصر وفقاً للمراقبينquot;، مشيراً إلى أنهم لا يسعون إلى استنساخ التجربة التركية في الحكم، لأن التجربة المصرية متقدمة عنها في الجوانب الإسلامية.
وحاول الكتاتني طمأنة مخاوف الغرب والداخل المصري سواء الأقباط أو المرأة أو العلمانيين من وصول الإخوان للحكم عبر القول إنهم quot;ليسوا مراهقين سياسياًquot;، مشيراً إلى أن حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين التي خرج من رحمها لا ينفصلان مطلقاً، ولن ينفصلا في المستقبل.
مبارك صنع فزاعة الإخوان
ـ تشير التوقعات إلى أن الإخوان سوف يحصلون على أغلبية في أول إنتخابات برلمانية بعد ثورة 25 يناير، ما يؤهلهم لتشكيل الحكومة، الأمر الذي يصيب الغرب والداخل المصري بحالة من الفزع، كيف تفسر تلك الحالة، وما الذي يمكن أن يبدد تلك المخاوف؟
هذه المخاوف لها جذور عميقة، حيث كان النظام السابق يستخدم الإخوان المسلمين كفزاعة للغرب وللداخل أيضاً، وكان يقول إنه إذا رحل هذا النظام سوف يستولي الإخوان على الحكم، وكان يجعل ذلك مبرراً لتزوير الإنتخابات والقمع والإعتقالات، فكان يشيع لدى الغرب أن وصول الإخوان سوف يضر بمصالحه في مصر والمنطقة العربية، لأنه يعلم جيداً أن الغرب براغماتي ولايهمه من سيصل للحكم، بل من يحفظ مصالحه، وكان يقول للداخل إن وصول الإخوان للحكم يهدد الأقباط والأقليات والمرأة، والعلمانيين.
ولكن بعد الثورة وفي ظل أجواء الحرية ومع توقعاتنا بأن تكون الإنتخابات نزيهة، من المحتمل أن يكون للإخوان أو حزب الحرية والعدالة نصيب في البرلمان يؤهلهم للمشاركة في حكومة مع الآخرين، وهنا مربط الفرس.
لا داعي للمخاوف
ـ وماذا أنتم فاعلون في هذه الحالة؟
بات من المؤكد لدى المحللين السياسيين أن الإخوان قادمون إلى السلطة، لدرجة أنهم يطرحون العديد من الأسئلة منها: ماذا أنتم فاعلون في قضايا المرأة والأقباط وكامب ديفيد؟ وكأننا وصلنا للحكم فعلياً، كما أن هذه الأسئلة توجه إلينا فقط، ولا توجه إلى غيرنا، ونحن نطمئن الجميع إلى أننا لا نريد الإستئثار بالحكم، نريد مشاركة الجميع، ولكن ماذا نفعل؟ هم لا يصدقون. هم يحاكموننا على النوايا، أعلنا أننا سنترشح على أكثر من 50%، حتى نحصل على 30%، وأعلنا أننا لن نقدم مرشحاً للرئاسة، ولن ندعم مرشحاً منا، ولكنهم يتشككون في ذلك.الكتاتني يؤكد أن الاخوان المسلمين يواجهون حملة إعلامية شرسة
نحن نعتز بإرادة الشعب المصري إذا أراد أن يأتي بالإخوان أو بأي فصيل سياسي آخر، أو بالإخوان مع آخرين، فعلى الجميع إن في الداخل والخارج أن يحترم تلك الإرادة ولا يتدخل فيها.
في ما يخص قضايا المرأة والأقباط والإتفاقيات الدولية، أقول إننا لسنا مراهقين سياسيين، ولسنا في سنة أولى سياسة. نحن نعرف جيداً الأبعاد الداخلية والخارجية الإقليمية منها والدولية، ولا نسعى للإستئثار بالسلطة، ولا نسعى لقهر أية فئة أو التقليل من شأنها، ونسعى لدولة ديمقراطية يتساوى فيها الجميع في الحقوق والحريات والواجبات.
وهذا ما أعلناه، ولكننا نواجه حملة إعلامية شرسة جداً، لا هوادة فيها، ومثل هذه الحملات لا تؤتي ثمارها، والدليل أن الإخوان حصدوا أغلبية مقاعد إنتخابات نقابة المعلمين التي انتهت منذ أيام. ونحن لا نعتبر ذلك إنتصاراً للإخوان، ولكنه انتصار للثورة والحريات.
لكن هناك تقارير حقوقية أنتقدت تعامل الإخوان مع انتخابات نقابة المعلمين ورأت أنها شابتها إنتهاكات منها تزوير وحشد وتصويت جماعي؟
ما يقال يعتبر تشكيكاً غير مقبول في القضاء، حيث كان هناك قاض على صندوق، كما أنه من حق الإخوان الحشد لأنفسهم، كما هو حق لجميع الفئات والقوى السياسية.
الغرب وراء فشل تجارب الحكم الإسلامي
ـ لكن دعني أقول إن لدى الغرب والداخل ما يبرر مخاوفه من الحكم الإسلامي، حيث إن التاريخ والجغرافيا يؤكدان أن تجارب الحكم الإسلامية في ايران وأفغانستان وحماس والسودان تعتبر فاشلة من وجهة نظر غالبية المراقبين؟
الحكم بأن تجربة ما فاشلة أو ناحجة لا يمكن إلا إذا تم تقييم تلك التجربة في ضوء معطياتها وظروف خروجها للنور والضغوط التي مورست عليها، ولا يمكن القول إنها فاشلة على الإطلاق، بل لها سلبيات، قد تكون أكبر من الإيجابيات، فمثلاً تجربة حماس في غزة، فإذا كنت منصفاً يجب أن يتم تقييمها في ضوء الحصار ومحاولات إسقاطها المتكررة، كما أنها لم تأخذ حريتها الكاملة في الإنطلاقة، كما أننا نتفق مع الجميع في أن تجربة طالبان في أفغانستان سيئة جداً، حيث كان لديهم فهم ضيق للإسلام، ودخلوا في مواجهات مع الجيران والغرب، وأستطيع القول إنهم أساؤوا أكثر مما أجادوا.
وليس بالضرورة أننا سوف نستنسخ أيًّا من تلك التجارب. ويجب أن يحصل الإسلاميون على فرصتهم كاملة، فقد جربنا كثيراً أنظمة متعددة من الحكم، وليجرب العالم تجربة إسلامية في ظروف طبيعية من دون ضغوط من الخارج.
لا للتخوين
ـ أثناء الثورة كان جميع المصريين موحدين حول هدف واحد، وبعد سقوط النظام شهدت الساحة السياسية نوعاً من التشرذم إلى فئات وتيارات كل له أهدافه، وإلى هنا والأمر يبدو طبيعياً، لكن غير الطبيعي أن يتهم هؤلاء بعضهم البعض بالعمالة للخارج وتلقي أموال، فالإسلاميون يتهمون الليبراليين بالحصول على أموال من أميركا والغرب، والليبراليون يردون بإتهام الإسلاميين بتلقي أموال من الخليج، هل نضجت كعكة الثورة حتى يتم التصارع عليها؟
هذا الكلام مهم جداً، وأؤكد أننا نرفض إتهامات التخوين والعمالة للخارج، وإن كان هناك بعض شواهد تدل على تلقي البعض تمويلاً خارجياً، وبالنهاية نحن لا نميل إلى كيل هذه الإتهامات، ونحن نؤمن أنه لو أن هناك حركة أو فصيلا سياسيا مدعوما من الخارج لن يصمد طويلاً إذا إنقطعت هذه الأموال، ولن يستمر طويلاً لو لم تكن له أرضية شعبية حتى لو تلقى أموال العالم كله.
لا تمويل خارجيا للحزب
ـ وفي ما يخص دعم أو تمويل حزب الحرية والعدالة.. من أين له بهذا؟
نحن نمول حزبنا من إشتراكات وتبرعات الأعضاء، وليس لدينا أي تبرع من خارج إطار الحزب، والتبرعات والإشتراكات تكفي وتفيض لتمويل نشاطات الحزب، وبحسبة بسيطة سوف أقول إننا عندما أسسنا الحزب كان عدد الأعضاء تسعة آلاف عضو، وأعتقد أنه بلغ الآن نحو 20 ألف عضو، كل عضو يدفع 200 جنيه عند الإشتراك، وما يتراوح ما بين 100 و150 جنيهاً رسم عضوية، أي في المتوسط 150 جنيها، أي أن لدينا مبلغ 30 مليون جنيه سنوياً، علماً أن نفقات الحزب بسيطة جداً، كما أن فروع الحزب في المحافظات تنفق على أنشطتها ذاتياً، كما أن لدينا نحن الإخوان خبرات طويلة في العمل السياسي بأقل النفقات، حيث إن غالبية الأنشطة تطوعية. ولدينا شفافية كاملة في التعامل مع تلك القضية.
الإخوان وحزبها لا ينفصلان
ـ فهمت من حديثك أن حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين كيان واحد ولا ينفصلان، كيف ذلك؟
نعم الحزب والجماعة لا ينفصلان ولن يحدث ذلك مطلقاً، فكلاهما في حاجة للآخر، والإنفصال غير معقول بالمرة، لكنهما منفصلان مالياً وإدارياً فقط، وبالتأكيد أي حزب جديد يحتاج إلى رافعة إجتماعية تدعمه، فلو انفصل الحزب عن الجماعة سوف يتحول إلى حزب ضعيف مثل باقي الأحزاب، كما أن الجماعة هي من أسست هذا الحزب لتحقيق حلمها السياسي على أرض الواقع، ولذلك لن يكون لها مرشحون في الإنتخابات المقبلة، لأنها سلمت ملف الإنتخابات للحزب.
لا يتصور أحد أن الجماعة سوف تنفصل عن الحزب، ستظل تدعمه إجتماعياً وبشرياً وتنسق المواقف معه. إننا إتقفنا اتفاقاً مكتوباً، ينص على ألا تتدخل الجماعة في الإدارة وألا تقدم له أموالاً، وهذا مدون في قرارات مجلس شورى الجماعة، وآثرنا أن تكون مكتوبة من أجل ألا تحيد الأجيال القادمة عليه، و حتى يكون تاريخاً.
لا للنموذج التركي
ـ منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك، كان ملحوظاً أن المسؤولين الأتراك هم الأكثر زيارة إلى مصر، وكان آخرهم رئيس الوزراء أردوغان منذ أيام قلائل، هل هناك نوايا لدى الإخوان ـ في حال ما وصلوا للحكم ـ لاستنساخ النموذج التركي في مصر مرة أخرى؟
كما ذكرت، لدى كل تجربة خصوصيتها التاريخية والجغرافية، فالتجربة التركية في ظل المعطيات التي توافرت لها عند ظهورها للنور نجحت بشكل كبير، لكن هذا لا يعني أنها قابلة للإستنساخ في مصر مرة أخرى، لكن يمكن الإستفادة منها في بعض النجاح في ما يخص النمو الإقتصادي وبرامج التنمية، لا يمكن تكرارها بتراكمها الحالي، نحن في مصر متقدمون جداً عن التجربة التركية في ما يخص الجوانب الإسلامية، على الأقل من وجهة نظرنا.
ـ ماذا تعني بquot;نحن متقدمون عن التجربة التركية إسلامياًquot;؟
ينص الدستور التركي على علمانية الدولة، ويمنح العسكر والمحكمة الدستورية أدوارًا مهمة في إدارة البلاد، نحن في مصر تخطينا مرحلة الجدل حول الدستور وشكل الدولة منذ دستور 1923، حيث نصت جميع الدساتير بعد ذلك على هوية الشعب المصري إسلامية، وتطورت إلى التأكيد أن الإسلام المصدر الرئيس للتشريع، وقد يكون الأتراك يسعون لتطبيق النموذج المصري بسبب خلفياتهم الإسلامية.
نحن لا نسعى لتطبيق أو إستنساخ نموذج بعينه، سوف نقيم تجربتنا الخاصة، قد نأخذ من ماليزيا بعضاً من نجاحها، وقد ننقل عن المخالفين لنا في الرأي، قد ننقل عن نماذج أوروبية. لكن لا يمكن إستنساخ تجربة بعينها.
التعليقات