سوريون يتظاهرون ضد النظام في دمشق في 29 أيلول 2011

منذ وقت طويل ولا يحلم المنشقون في المنفى والمعارضون في الداخل سوى بإسقاط نظام الأسد وإن كانوا يختلفون بينهم على كل شيء، من الايديولوجيا الى الاستراتيجية وحتى الديانة. لكن بعد أشهر من الأخذ والرد تبدو المعارضة قريبة من الاتحاد وتعتقد أن وقتها قد حان.


باريس: منذ انطلاق حركة الاحتجاج الشعبي ضد نظام بشار الاسد والمعارضة السورية تواجه صعوبات في تنظيم صفوفها. ففي الوقت الذي كان فيه محركو quot;الثورةquot; ينظمون على الارض التحرك الاحتجاجي في اطار quot;لجان تنسيق محليةquot;، انشغل المعارضون التاريخيون والمثقفون والمعارضون من اخوان مسلمين وقوميين عرب في تشكيل سلسلة من quot;المجالسquot; وquot;التحالفاتquot;.

فقد ولدت مبادرات عدة خلال الصيف في اسطنبول وانطاليا وباريس وبروكسل وبون ودمشق، ابرزت مدى انقسام المعارضة في طبيعة اهدافها وتنافر تشكيلتها وتباين استراتيجياتها.

ومع مرور الاشهر، برزت هيكلية اكثر تمثيلا هي المجلس الوطني السوري الذي أسس في اسطنبول في اواخر اب/اغسطس ويضم 140 عضوا نصفهم يقيمون في سوريا. وحصل المجلس على التأييد المهم جدا للجان التنسيق المحلية التي تضم الحركات الاحتجاجية.

وسيعقد المجلس اجتماعا جديدا السبت والاحد في اسطنبول، يأمل بحسب المتحدثة باسمه بسمة القضماني في الحصول على دعم جماعة الاخوان المسلمين، القديمة الرسوخ في سوريا، واعلان دمشق الذي طالب بإصلاحات ديمقراطية في العام 2005.

وبحسب مصادر دبلوماسية في دمشق، فان تصاعد دور المجلس يمكن ان يكون ثمرة اتفاق بين الولايات المتحدة وتركيا والاخوان المسلمين وذلك ليضم التيارات الثلاثة الابرز وهي quot;القوميquot; وquot;الليبراليquot; وquot;الاسلاميquot;.

الا أن مراجعة الخريطة السياسية للبلاد تظهر تباينات عدة: عرب ضد اكراد واسلاميون ضد يسار علماني ومسلمون سنة ضد اقليات مسيحية او علوية او درزية، ومحركو حركة احتجاج ضد مقيمين في المنفى وايضا فجوة اجيال بين السوريين الذين تقل اعمارهم عن الثلاثين ويريدون سرعة التخلص من حكم الاسد، وابائهم الذين يترددون في المطالبة باسقاط النظام.

واضافت القضماني ان quot;المجلس الوطني هو الوحيد الذي يستمد قوته من المعارضة في الداخل. فاللجان المحلية تنسق نشاطها وتؤدي عملا يشاد به. كما يوجد في المجلس شخصيات قوية وموثوق بهاquot;. وتابعت القضماني مديرة مبادرة الاصلاح العربي انه quot;بعد سقوط نظام الاسد، سيتم حل المجلس ليعقد المجلس الوطني الانتقالي اول اجتماع له في دمشق من اجل الاعداد لحكومة انتقاليةquot;.

لكن على المعارضة قبل ذلك ان تتفق على برنامج الحد الادنى. حيث لا تزال خلافات اساسية تعترض ذلك مثل: هل يجب المطالبة برحيل الاسد او الاكتفاء بإجراء انتخابات تحت مراقبة الاسرة الدولية؟ هل يجب المطالبة بتدخل دولي ومن اي نوع؟ هل سيبدي الاسلاميون ميولا تسلطية؟

وأقر خالد خوجه العضو في المجلس الوطني السوري في اسطنبول quot;لا تزال هناك عراقيل امام مفاوضاتناquot;. واوضح خوجه ان quot;الشارع يطالب بتدخل أجنبيquot; على غرار ما حصل مع ليبيا. واضاف quot;بالنسبة الى المسألة الكردية نحن مستعدون لسحب كلمة العربية من الجمهورية العربية السوريةquot;.

ويحاول المجلس الوطني ايضا ان يكسب تأييد شخصيات الا ان يصطدم بنزعات فردية. فالمدافع المعروف عن حقوق الانسان هيثم المالح الذي افرج عنه في اذار/مارس لم يلتحق بعد بالمجلس الوطني وان كان قال الاربعاء quot;ساقوم بذلك قريبا، خلال ايامquot;.

وهناك المعارض القديم برهان غليون المحاضر في احدى جامعات باريس الذي عين دون علمه على رأس احد مجالس المعارضة، ولا يزال يتردد في الانضمام الى المجلس الوطني. واشتكى احد اعضاء المجلس الوطني بالقول ان quot;المشكلة هي ان بعض المعارضين لا يريدون الانضمام الى هيكلية لم يشاركوا في تأسيسها. هذه هي علة المعارضةquot;.

واعتبر خوجه انه quot;يمكن التباحث في كل هذه المسائل لاحقا. هدفنا هو قبل كل شيء الاعداد لمرحلة ما بعد الاسدquot;. الاعداد لما بعد الاسد وخصوصا عدم ترك الامور للشباب الذين تحركوا منذ اكثر من ستة اشهر والذين قد ينتقلون الى العنف اذا ما اعتبروا ان المبادرات السلمية غير كافية.

بريطانيا تدعو المعارضة السورية إلى الوحدة

من جانبه، دعا وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ الخميس في بيان المعارضة السورية الى quot;الوحدة والعمل معاquot; من اجل سوريا ديمقراطية، مطالبا مرة اخرى برحيل الرئيس بشار الاسد. وقال الوزير في ختام لقاء مع ناشطة في مجال حقوق الانسان ومعارضين سوريين ان quot;سوريين من كل الاتجاهات والطوائف الدينية اتحدوا لمعارضة محاولات النظام القضاء على طموحاتهم المشروعة بمستقبل افضل في غمرة اعمال العنفquot;.

واضاف quot;انه لامر حيوي الان بالنسبة الى المجموعات العديدة التي تشكل المعارضة السورية ان تتوحد وتعمل معا لتحديد رؤية مشتركة لمستقبل سورياquot;. وشدد هيغ على ضرورة ان تندرج تحركات المعارضة السورية في اطار quot;عملية سلمية وشاملةquot;. والتقى الوزير الخميس الناشطة كاثرين التلي التي سجنت في سوريا في ايار/مايو، والمعارض بسام اسحق.

وقال ان quot;كاثرين التلي وبسام اسحق اضطرا بسبب نظام وحشي فقد كل شرعية، الى سلوك طريق المنفى. على الرئيس الاسد ان يرحل لكي يمكن البدء باصلاح ذي صدقيةquot;. واسفر قمع التظاهرات في سوريا منذ منتصف اذار/مارس عن مقتل اكثر من 2700 شخص بحسب الامم المتحدة.