من أحداث مجلس الوزراء

تعرّضت مصر لأحداث عنيفة ومواجهات استمرت على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، كان آخرها أحداث مجلس الوزراء واحتراق المجمع العلمي. وتوجّهت الاتهامات إلى كل من فلول النظام السابق والمجلس العسكري. أما المفاجأة فكانت اتهام رموز الثورة بالتحريض على ارتكاب أعمال العنف.


القاهرة: تعرّضت مصر لأحداث عنف متكررة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، بدءاً من أحداث السفارة الإسرائيلية في 9 أيلول (سبتمبر) الماضي، والتي رافقت ما عرف بـquot;جمعة تصحيح المسارquot;، مروراً بـquot;أحداث ماسبيروquot; في 9 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، ثم أحداث محمد محمود، وإنتهاء بأحداث مجلس الوزراء، التي أسفرت عن مقتل نحو 17 شخصاً، وإصابة المئات، وإحتراق مبنى المجمع العلمي، الذي يضم كنوزاً من أمّهات الكتب ونسخاً نادرة منها: كتاب وصف مصر، الذي أعدته الحملة الفرنسية في 1798.

رموز الثورة

تزامنت مع تلك الأحداث إتهامات لجهات خارجية وفلول النظام السابق بالضلوع فيها، فيما ترد القوى السياسية والثورية محمّلة المجلس العسكري المسؤولية عن تلك الأحداث، مطالبة إياه بالرحيل عن السلطة وتسليمها إلى المدنيين، ولكن المفاجأة كانت تسريبات إعلامية تتهم بعض رموز الثورة بالضلوع في التحريض على العنف، لا سيما في الأحداث الأخيرة المعروفة بـquot;أحداث مجلس الوزراءquot;.

ونشرت بعض وسائل الإعلام أن الدكتور أيمن نور رئيس حزب غد الثورة، والمرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، والدكتور ممدوح حمزة أمين المجلس الوطني، وهو إحدى الجهات المعبّرة عن الثورة، على رأس المتهمين بالتحريض على أعمال العنف ضد المؤسسات الحكومية، ومنها حرق المجمع العلمي.

نور: تلفيق سياسي

وقال الدكتور أيمن نور المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية لـquot;إيلافquot; إن هذه الإتهامات لا ظل لها في الواقع أو الحقيقة، مشيراً إلى أنها تأتي في إطار التلفيق والكيد السياسي، الذي يمارسه المجلس العسكري ضد النشطاء والسياسيين المصريين.

وأضاف نور إن هذه الإتهامات لا يمكن فصلها عن الدور السياسي، الذي لعبه في ِإشعال ثورة 25 يناير، معتبراً أنها تأتي إنتقاماً منه لدوره الواضح في هذه الثورة، ومحاولة جديدة لإقصائه عن القيام بدوره في الإحتفال بالذكرى الأولى لثورة 25 يناير 2012.

المجلس العسكري ظل لمبارك

واستطرد نور: هذه الإتهامات بدون سند أو دليل غير أقوال أحد الصبية، الذي لا أعرفه، وهذه الإتهامات تم تسريبها أثناء الأحداث منذ 20 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، لكن لم يتم الإعلان عنها، لعدم قدرة المجلس العسكري على تقديم أدلة حتى ولو كانت ملفقة، ثم ظهرت فجأة على السطح أمس السبت 7 كانون الثاني (يناير) الجاري، بعدما عثروا على صبي من أطفال الشوارع، ولقنوه ما يقوله، ما يعني أنهم وجدوا ضالتهم بالأمس فقط.

وأشار نور إلى أن هذه الإتهامات لم تخرج حتى الآن عن كونها مجرد تسريبات إعلامية، الهدف منها تشويه صورته أمام الرأي العام، والقول إنه من مشعلي الحرائق ومن المخرّبين، معتبراً أنها إتهامات مضحكة، لا سيما أن المصريين يعلمون جيداً أنه قدم تضحيات عديدة، وتعرّض للظلم في عهد النظام السابق، ولم يكن يوماً إلا داعية للبناء والديمقراطية.

واتهم نور المجلس العسكري بالسير على نهج نظام مبارك في تشويه الرموز السياسية أمام الرأي العام. وأضاف نور إن هذا النهج يؤكد أن المجلس العسكري ما هو إلا ظل للنظام السابق، وانعكاس له في خصوماته وعداواته التاريخية، وأنه لا بد من إقصائه عن الحكم. ولفت نور إلى أن الأمر حتى الآن لا يعد كونه أقوالاً أو تسريبات في وسائل إعلام تابعة للمجلس، ولم يتم إخطاره رسمياً بهذه المعلومات.

الإتهامات مرفوضة جملة وتفصيلاً

أما الدكتور ممدوح حمزة الأمين العام للمجلس الوطني، إحدى الجهات المعبّرة عن الثورة، فقال إن هذه الإتهامات مرفوضة جملة وتفصيلاً، ووصفها بأنها ليست إلا أقوال مرسلة بدون سند قانوني، مشيراً إلى أنه لم يتلق أية إخطارات بالتحقيق معه في هذا الشأن.

وأضاف أنه إذا كانت الإتهامات الموجّهة إليه تتعلق بدعم المعتصمين أمام مجلس الوزراء، فهذا شرف، وليست تهمة. وتابع قائلاً إنه إذا كانت تلك الإتهامات تتعلق بحرق المجمع العلمي أو تخريب المنشآت العامة فهذه إتهامات ملفقة، لأن الثورة المصرية قامت من أجل البناء، وليس التخريب والحرق، وهو باعتباره واحدًا ممن اشتركوا في ثورة 25 يناير، لا يعمل سوى من أجل بناء دولة حديثة تؤمن بالدمقراطية وحقوق الإنسان ورخاء المعيشة لجميع المصريين.

التحقيقات ما زالت جارية

من جانبه، قال مصدر قضائي لـquot;إيلافquot; إن التحقيقات في أحداث مجلس الوزراء ما زالت جارية، مشيراً إلى أن استدعاء الدكتور أيمن نور والدكتور ممدوح حمزة يأتي في سياق الإسمتاع إلى أقوالهما بِشأن الأحداث، ومواجهتهما بما أسفرت عنه التحقيقات من ورود اسميهما على لسان بعض المتهمين.

ونفى أن تكون النيابة قد وجّهت إليهما أية إتهامات في القضية، وتساءل: كيف يتم توجيه الإتهامات إليهما من دون أن يمثلا أمام جهات التحقيق، ومن دون مواجهتما بالأدلة أو البراهين.

وأشار المصدر إلى أنه سوف يتم إستدعاء العديد من الأسماء البارزة الأخرى، رافضاً الإفصاح عنها لدواعي التحقيق ولعدم التأثير على سير القضية.

ونفى المصدر تدخل المجلس العسكري أو الحكومة أو أية جهة أخرى في سير التحقيقات، وقال إن التحقيقات تجري بحيادية وموضوعية وفقاً للقانون، متهماً من يروّجون لتلك المزاعم بالطعن في نزاهة القضاء المصري، والإساءة إلى القضاة بغير سند أو دليل، مما يعرّضهم للمساءلة القانونية.