فعاليات أمازيغية في المغرب

تجري الاستعدادات في المغرب لتخليد ذكرى رأس السنة الأمازيغية واعتباره عيداً وطنياً، من خلال تنظيم مسيرات في الرباط ستطالب أيضاً بالإفراج عن المعتقلين السياسيين الأمازيغ. واعتبر الناشطون هذا المطلب ثانوياً مقارنة بالمطالب السياسية والاقتصادية، مشددين على الاعتراف باللغة الأمازيغية.


الرباط: علمت quot;إيلافquot; أن الإستعدادات تجري على قدم وساق لتخليد السنة الأمازيغية، وذكرت مصادر من الحركة الثقافية والأمازيغية أن احتفالات هذه السنة، والتي تصادف في 13 من كانون الثاني (يناير)ستتميز بتنظيم مسيرة كبرى في الرباط، ستنطلق من أمام القنصلية الليبية للمطالبة بالإعتراف برأس السنة الأمازيغية كعيد وطني، وللتعبير عن تضامن الحركة في المغرب مع أمازيغ ليبيا، الذين يعانون ndash; حسب الحركة ndash; الإقصاء والتهميش بعد ثورة 17 فبراير، وهي مسيرة لإسترجاع حقوقهم المغتصبة من طرف الإسبان في الكناري، التي تعتبرها الحركة جزءاً لا يتجزأ من quot;أرض تامزغا الكبرىquot;.

كما سيطالب المتظاهرون بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين الأمازيغ في المغرب، وهي مناسبة كذلك لتأكيد تمسكهم بمطالب حركة 20 فبراير المعارضة في المغرب - حسب مصادر في الحركة الثقافية الأمازيغية - إلى جانب مطالب أخرى تتعلق بإعادة النظر في برنامج تدريس الأمازيغية في المدارس العامة، باعتبارها مدخلاً للمصالحة مع الهوية والمصالحة مع الآخر، وكذلك مطالبة حكومة بنكيران بالإسراع في إصدار القانون التنظيمي المتعلق بترسيم الأمازيغية في الدستور المغربي الجديد.

الدعوة إلى تخليد رأس السنة الأمازيغية في 13 من كانون الثاني (يناير)انطلقت من مواقع التواصل الإجتماعي quot;فايسبوكquot;، حيث أسس الأمازيغ في كل من المغرب والجزائر وتونس وليبيا مجموعات لهذا الهدف، وتصادف هذه السنة مرور 2962 سنة على بداية الإحتفال بذكرى انتصارهم على المصريين القدامى، واعتلاء زعيمهم شيشانغ العرش الفرعوني، وذلك سنة 950 ق. م، بعد الانتصار على الملك رمسيس الثالث من أسرة الفراعنة، في معركة دارت رحاها في منطقة بني سنوس قرب تلمسان، حيث يقام سنويًا وحتى الآن، كرنفال quot;إيرارquot; والذي يعني الأسد.

الدعوة إلى تخليد الذكرى هي بمثابة مصالحة مع الذات

قال الناشط الأمازيغي محمد زهيد، إن تخليد هذه الذكرى هي بمثابة مصالحة مع الذات ومع الهوية المغربية، مبديًا تخوفه من تعامل حكومة بنكيران مع ملف الأمازيغية ككل، ومن تأثير حزبي الإستقلال والعدالة والتنمية اللذين يحظيان بحقيبتي التربية الوطنية والاتصال على القضية الأمازيغية، حسب قوله.

وأشار إلى أن الإعتراف بالقضية الأمازيغية يبقى اعترافًا نسبيًا في ظل الدستور الجديد، فليس هناك من اعتراف مبدئي بالأمازيغية كمكون من مكونات الثقافة والهوية المغربية، كما انتقد الحصيلة quot;الهزيلةquot; لتدريس الأمازيغية في التعليم العام.

وقال زهيد في حديث لـquot;إيلافquot; إن الإعتراف برأس السنة الأمازيغية، إذا تحقق سيعدّ مكسبًا مهمًا للحركة الثقافية الأمازيغية، وسيساهم في تحقيق المزيد من الإنسجام والتناغم بين مكونات الهوية المغربية ذات الأبعاد الثقافية المتنوعة.

ورأى أن المطلب لا يعدّ ملحًا للغاية، لكنه أكد على الإعتراف الرسمي بالأمازيغية كهوية وكثقافة وكتاريخ وكحضارة.وأضاف في حديثه لـquot;إيلافquot;: quot;الملحّ حاليًا هو إصدار القانون التنظيمي المتعلق بترسيم الأمازيغية كلغة رسمية، إضافة إلى مطالب أخرى، مرتبطة بإعادة كتابة تاريخ المغرب وإدماجها في الإدارات والمؤسسات العامة، سواء في التعليم والإعلام والإدارات العامة.

الاحتفال برأس السنة الأمازيغية مرتبط ببداية الإنتاج الزراعي

من جهته قال الناشط الأمازيغي كريم مصلوح، منسق حركة المطالبة بالحكم الذاتي في الريف إن الإحتفال برأس السنة الأمازيغية هو جزء من التراث، وهو احتفال تقليدي معروف في المغرب، يرتبط ببداية الإنتاج الزراعي.

وأشار إلى أن هذا الإحتفال أضحى يكتسي طابعاً ثقافيًا وسياسيًا في السنوات الأخيرة، مطالبًا بضرورة ترسيم السنة الأمازيغية كعيد وطني رسمي في المغرب، واعتباره يوم عطلة.

كما طالب أيضًا بالإعتراف بهذه المناسبة في التاريخ، إلى جانب السنة الميلادية والهجرية. وأضاف في حديثه لـquot;إيلافquot; أن هذا المطلب إذا تحقق سيكون مكسبًا رمزيًا للثقافة الأمازيغية، ومكسبًا إنسانيًا لها، مشيرًا هو الآخر إلى أن المطلب غير مطروح بإلحاح من طرف الأمازيغ فهو يعدّ ndash; حسب رأيه - مطلبًا ثانويًا مقارنة مع المطالب السياسية والإقتصادية.

ودعا الحركة الثقافية الأمازيغية إلى الإهتمام بمستقبل تدريس الأمازيغية، الذي وصفه بـquot;الغامضquot;، باعتباره المدخل للمصالحة مع الهوية. وأشار إلى أن الحركة تعيش أزمة سياسية، وهو ما يعدّ عائقًا كبيرًا أمامها لفرض تحقيق مطالبها، وهو المعطى الذي تأكد في التحولات السياسية، التي عرفها شمال أفريقيا، والتي لعبت خلالها الحركة دوراً ضعيفاً.

مغرب اليوم مختلف عن مغرب الأمس

هذا الرأي لا يتفق معه عبد الله أنس رئيس جمعية إينو مازيغ للثقافة والتنمية المستدامة في الناظور، الذي أشار إلى أن مغرب اليوم، الذي يتمتع بأجواء الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، يختلف عن مغرب الأمس، مؤكدًا لـquot;إيلافquot; أن الحركة الثقافية الأمازيغية لا تجد صعوبات تذكر مع السلطات في تنظيم احتفالات رأس السنة الأمازيغية، خاصة مع اعتراف الدستور الجديد بها كلغة رسمية، وهو ما يعدّ ndash; حسب رأيه ndash; اعترافاً ضمنياً بالثقافة الأمازيغية، وضمنها تخليد رأس السنة الأمازيغية كعيد للمغاربة ككل، إلى جانب الإنفتاح السياسي، الذي يعيشه المغرب منذ الإنتخابات التشريعية، والتي أسفرت عن وصول الإسلاميين إلى الحكم.

إلا أن أنس يتفق مع محمد زهيد في كون مطلب الإعتراف برأس السنة الأمازيغية كعيد وطني غير مطروح بإلحاح في المغرب، بل تكفي الإشارة إلى هذه الذكرى في وسائل الإعلام. وأضاف إنه مطلب بسيط إذا ما قورن بالإعتراف الدستوري بالأمازيغية، الذي تحقق إلى جانب مكاسب أخرى (المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، والقناة الأمازيغية، وتدريس الأمازيغية رغم ما يعتريه من مشاكل..).

وقال أنس إن لا علم له بالمسيرة المرتقبة للحركة الثقافية الأمازيغية في الرباط، مؤكدًا وجود انقسام في صفوف الحركة، فهناك من يستغلون الشعارات والمطالب الأمازيغية لتحقيق مطامح سياسية، وهناك حركة ثقافية أمازيغية، مطالبها ثقافية واضحة، وتؤمن بقيم التسامح والتعايش مع الآخر، مؤكدًا أن الدستور الجديد حسم كل شيء باعترافه باللغة الأمازيغية، وبالتالي فهناك اعتراف ضمني برأس السنة كعيد للمغاربة ككل.

دعوة بنكيران إلى الحد من تهريب كنوز التراث المغربي

في المقابل وجّه المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية (هيئة رسمية) مقترحات إلى حكومة بنكيران من أجل تضمينها في البرنامج الحكومي، دعا من خلالها إلى العمل على تفعيل المادة الخامسة من الدستور، وذلك بإصدار القانون التنظيمي الخاص بالأمازيغية المُحدّد لشروط تأهيلها، وكذلك بلورة وتفعيل مخطط استراتيجي، لإدماج المكوّن الثقافي الأمازيغي في السياسات العامة، حتى يشكل رافعة من رافعات التنمية المستدامة، وإحداث جهاز إداري وقانوني ضمن هيكلة وزارة الثقافة، من قبل مديرية مركزية خاصة بهذه الثقافة، يتولى تدبير شؤون البحث الأثري وصيانة التراث الثقافي المادي وغير المادي.

كما دعا حكومة بنكيران إلى الحدّ من تهريب كنوز التراث المغربي الأصيل ودعم المبدعين والفاعلين والجمعيات وكل العاملين في حقل الثقافة الأمازيغية؛ والعمل على رد الاعتبار للشخصية الثقافية الأمازيغية، حتى تكون موضع اعتزاز لكل المغاربة؛ وتعميم استخدام اللغة الأمازيغية في المرافق العمومية: مقدمة المنشآت، والعلامات الطرقية، وأسماء الأماكن والأزقة والشوارع، واللافتات، والوثائق الرسمية وغيرها.