صالح متهم بتنامي نفوذ القاعدة في اليمن

ترى المحللة السياسية السعودية بينة الملحم أن الرئيس اليمني قاد بلاده إلى الجحيم، وتضيف أن الخطورة الآن تتجاوز الفراغ السياسي اليمني الذي لا يخدم القاعدة فقط، وإنما يخدم القوى الإقليمية التي ترى في اليمن خاصرةً جاهزة للانقضاض والانتقام من الخليج، معتبرة أن القاعدة لا تموت ولا تزال مهددة للعالم.


من الممكن الحديث عن اليمن بشكل منفرد، وأن تكون نار القاعدة، التي بدأت بالاشتعال داخلها، لا تتجاوز quot;صعدةquot; الشمالية المطلة على السعودية، لكن النار تشبّ على أجزاء البساط الخليجي كاملاً.

وإن كانت الحلول في داخل اليمن لا تمر سوى من بوابة الخليج وأسرته الست الكبرى اقتصاديًا، فإن الضرر الأكبر لن يكون سوى من الخلف، بعيدًا عن الأوجه المتحركة نحو شطر مياه الخليج في ظل التهديدات الإيرانية المتخبطة بعد الضغوط الاقتصادية.

عودة إلى اليمن في جزء ثان، وهي الدولة، التي تترقب مغادرة صالح نحو وجهة ربما تكون بلا عودة، وربما وجهة للراحة بعد اشتعال النار وضمانه الحصانة الكاملة منحتهاإياه دموع رئيس الوزراء باسندوه، وبموافقة مجلس النواب اليمني.

لكن الشرق اليمني، وليس ببعيد عن العاصمة اليمنية صنعاء، تجتاحه مفخخات تنظيم quot;القاعدةquot; المميتة، والمهددة بالانفجار في أرض تطمح إلى السعادة، كما كانت هي شواهد تاريخها.

الكاتبة السياسية السعودية والباحثة في شؤون الإسلام السياسي وتنظيم القاعدة بينة الملحم تحلل الواقع اليمني عبر أسئلة quot;إيلافquot;.

يجب أن نضع نصب أعيننا لأمن الخليج أن نفوذ إيران مرتبط بحياة القاعدة!

بعد أفغانستان .. تؤسس عاصمتها على أرض اليمن (1-2)
quot;القاعدةquot; في بداية رحلة الترتيب وسهامها على الخليج

بينة الملحم قالت إن الخطورة الآن تتجاوز الفراغ السياسي اليمني، الذي لا يخدم القاعدة فقط، وإنما يخدم القوى الإقليمية، التي ترى في اليمن خاصرةً جاهزة للانقضاض والانتقام من الخليج.

وأضافت أنه حين تضطرب اليمن، التي هي بوابة العرب وخاصرة الخليج؛ فإن quot;الماكرين الآتين بدعمٍ من إيران وغيرها، ربما يجدون في اليمن مجالاً للضرب والتخريبquot;. واعتبرت أن ذلك هو سبب غضب نواب إيرانيين من المبادرات الخليجية، التي تتجه نحو حلٍ سلمي لانتقال السلطة في اليمن.

وقالت الملحم إن أهداف إيران حين نقرأ انتقادات النواب لتدخّل الخليجيين الحكيم في البحرين واليمن، يخصّ النواب انتقاداتهم للخليج بأنهم يتدخلون في quot;اليمن والبحرينquot;!.

هل صدق من قال إن quot;القاعدةquot; لن تموت؟

بينة قالت إن نظر تنظيم القاعدة في اليمن على أنها quot;الأرض الموعودةquot;، وبقراءة ما كتبه أبو مصعب السوري (مصطفى ست مريم) في رسالته quot;مسؤولية أهل اليمن تجاه مقدسات المسلمين وثرواتهمquot; نقرأ quot;إستراتيجية التنظيمquot; من أجل تحويل اليمن إلى quot;قاعدة للقاعدةquot;.

وأضافت أنه حين نتأمل في كل الخصائص، التي يرى التنظيم أنها من مميزات اليمن التي تؤهلها لأن تكون أرض ميعادٍ على الأمد الطويل، نجد أنه يستغل الثغرات الاقتصادية والاجتماعية والقبلية من أجل تبرير quot;التأهيلquot;، الذي اختصت به اليمن لتكون أرض الأحلام لهذا التنظيم الشرس.

الملحم ترى أن القاعدة تنظيم quot;يتغذّى على الفراغات، ويتحطّم بالوحدة والتماسكquot;. وكل فراغ سياسي هو مستنقع للتفريخ القاعدي، وهذا الذي يجري في اليمن بالضبط.

الملحم عبّرت عن رأيها، وقالت إن الفرق الذي أدركه التنظيم اليوم هو أن تهديده للعالم اليوم لم يكن بالمشروعية نفسهاالتي توهّمتْها بعض المجتمعات من قبل، العقد الماضي كان كفيلاً بتغيير معادلاتٍ اجتماعية كبيرة، لهذا فإن التنظيم خسر الفضاءات الاجتماعية المحدودة التي كان يتحرك من خلالها.

هل أحكمت quot;القاعدةquot; قبضتها الأولى على جغرافيا اليمن؟

قالت الملحم إن وجود القاعدة في اليمن ليس جديداً، ومواجهته الفعلية من قبل الولايات المتحدة بدأت منذ عام 2000، والسؤال المطروح: لماذا يصرّ النظام اليمني على إعادة موضعة القاعدة؟.

خلال سنوات مضت كانت قيمة الرئيس اليمني أنه المفوّض بالحرب على قاعدة اليمن، لكن حين يحاربها حقيقةً، فإنه يختصر دوره الدولي. لهذا أراد للدعم أن يستمر، وللقاعدة أن تكون حيّة، لتبقى مصالحه محروسة!.

وتضيف، وهي المتخصصة بالقاعدة وتنظيمها، حاول الرئيس اليمني أن يستخدم quot;التخويف بالقاعدةquot; كوسيلة لاستجداء الدعم الأميركي، لكن كلينتون كانت تعنيه هو حين قالت: quot;إن الحرب على القاعدة ليست مرتبطةً بأشخاصquot;؛ بل الحرب على القاعدة في اليمن تحتاج حسمًا أكيدًا في مواجهتها، بينما مواقف صالح تجاه القاعدة كانت متباينة.

كيف سيتخلص اليمنيون من التنظيم الأشد إرهابًا في العالم؟

أميركا أنهت حياة رجل القاعدة المحير العولقي

قالت الملحم إن الخيوط التي يمسك بها الرئيس اليمني اليوم كلها تقود اليمن إلى quot;ميادين الموتquot;، فهو مع نظامه يتحرك بين القوة، التي يضرب بها القبائل المعادية، والهدنة التي يمنحها لتنظيم القاعدة، ذلك أن التقارير الأخيرة تثبت أن تسهيلاتٍ كثيرة حصلت عليها القاعدة خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

وترى أن مقتل العولقي quot;لا يعبّر عن مكافحةٍ جادة من قبل النظام اليمني تجاه التنظيم، بل كان الرئيس اليمني يستخدم القاعدة، وهي تفهمهquot;، وتعزو قوة النفوذ، الذي اكتسبه النظام عالمياً، إلى ورقة القاعدة التي quot;إن قضى عليها ستحترق ويخسرهاquot;.

وعزت سر الاهتمام الغربي باليمن ونظامه خلال العقدين الماضيينإلى quot;تأمين العالم من الخطر الذي تشكّله القاعدة في اليمنquot;. وترى أن الدول الجادة، التي حاربت القاعدة، استطاعت أن تقضي عليها، غير أن النظام اليمني كان quot;يسايس القاعدة بمكرٍ سياسي، أكثر من مكافحته لها أمنياًquot;.

وقالت إنه لم يكن للرئيس اليمني أن يضرب القاعدة بالضربة القاضية، لأن أهمية النظام الإستراتيجية ستتضاءل. حيث إن quot;اغتيال العولقي يعبّر عن القوة الأميركية في ضرب القاعدة، أكثر مما يعبّر عن جدية نظام صالح في القضاء على القاعدة، وهنا يكمن الفرقquot;!.

صالح يخدمالقاعدة !

تقول بينة إن اليمن يخدم القاعدة جغرافياً واجتماعياً ومادياً، ولا يمكن أن تجد القاعدة مقراً لعملياتها ولانطلاق حركاتها أكثر خصوبة من اليمن، التي تنتشر فيه الأمية وتهيمن عليه الأعراف القبلية، وتغيب فيه المسؤولية المالية، حيث ضعف الرقابة وغياب التدقيق وانتشار السلاح، إضافةً إلى موقعه الاستراتيجي للتنظيم.

وتشير إلى أنه لو بقي الرئيس اليمني فإن تنظيم القاعدة سيتضخم، وفي حال رحيله سيجد فرصةً للتمدد والتغذي من الدعم الخارجي، ليشنّ غاراته على دول الجوار، لكن رحيل النظام الحالي ضرورة لترتيب البيت اليمني، الذي بقي مشوّهاً ومدمّراً، ولم يقف عليه قدميه حتى الآن!.

هل القاعدة لا تزال تشكل تهديداً للعالم؟

تجيب الملحم أنه وبالرجوع إلى التقرير السنوي، الذي أعلنت عنه وزارة الخارجية الأميركية في 18 آب/أغسطس 2011 نقرأ فيه أن تنظيم القاعدة كان quot;التهديد الإرهابي الأكبرquot; للولايات المتحدة في العام الماضي 2010، خصوصاً بسبب شبكاته في باكستان واليمن والصومال!.

كما ذكر التقرير أنه وبـ: quot;بالرغم من أن قلب تنظيم القاعدة في باكستان قد ضعف، فإن قدرته على شنّ هجمات إقليمية وعبر الدول ما زالت قائمة؛ إن تنظيم القاعدة كان التهديد الإرهابي الأكبر ضد الولايات المتحدة في العام 2010، ولا يزال الخطر على جنوب آسيا من القاعدة مرتفعًا، ولا يزال التنظيم الإرهابي يشكل تهديدًا، خصوصًا بسبب مساعدة المجموعات الحليفة في أفغانستان وباكستان، مثل حركة طالبان باكستان وشبكة حقانيquot;.

وأضافت أن القاعدة لا تزال تشكل خطراً ضخماً وحقيقياً على العالم. فقط الذي اختلف هو أن التنظيم فقد زعيمه الأول، لكن التخلص من بن لادن لا ينهي التنظيم، وإنما يعيد تشكيله، وتقول إن تنظيم القاعدة دأب على استخدام الإعلام بتبختر وغرور.

الملحم ترى أن حركة القاعدة في جنوب اليمن تشكل كارثة حالية ومستقبليّة، ذلك أنها لم تكتف بالتمدد بغية إعلان إمارةٍ إسلامية، بل بدأت بمحاربة سكّان المدن، التي يدخلونها، كما فعلت مع quot;جعارquot; ومع سكان قرية quot;شقرةquot;، حيث تقوم القاعدة بتمشيط quot;شقرةquot; من شيوخ القبائل ومن القبائل بقوة السلاح، وحين تتمدد القاعدة في جنوب اليمن فإنها ستؤسس لمعسكرات تدريب، وستكون خنجراً على خاصرة الخليج.