باراك أوباما في خطابه السنوي حول وضع الاتحاد أمام الكونغرس

حثّ الرئيس الأميركي باراك أوباما في خطابه السنوي حول حالة الإتحاد على العدالة الاقتصادية للمجتمع الأميركي بفئاته كافة. وقال أوباما معلقاً على الربيع العربيّ laquo;لا نعلم بالتحديد متى سينتهي هذا التحوّل المذهل. سوف ندعم السياسات التي تشجّع على قيام ديموقراطيات قوية... لأن الديكتاتورية لا تصمد أمام الحريةraquo;.


واشنطن: دعا الرئيس الأميركي باراك أوباما الثلاثاء إلى زيادة الضرائب على الأكثر ثراء من أجل إعادة بناء اقتصاد عادل للجميع، في خطاب هجومي وشعبوي حول حال الاتحاد، جاء على شكل خارطة طريق لحملة انتخابية تتوجّه بشكل أساسي إلى الأميركيين من الطبقات الوسطى.

وقبل تسعة أشهر من الانتخابات الرئاسية، التي يترشح فيها لولاية ثانية، أكد أوباما أمام الكونغرس، حيث خصومه (الديموقراطيون) في موقع قوة أن الولايات المتحدة quot;ازدادت قوةquot;، وعرض quot;خططًا لاقتصاد يتم بناؤه ليكون مستديمًاquot;.

وقال quot;يمكننا إما أن نكتفي ببلد، حيث ينعم عدد متضائل من الأشخاص بأوضاع جيدة، في حين أن عددًا متزايدًا من الأميركيين بالكاد يتدبرون أمورهم، أو نعيد بناء اقتصاد، حيث يحظى الجميع بفرصة عادلة، حيث الجميع يتحملون حصتهم العادلة من المسؤولية، ويلتزمون بقوانين اللعبة نفسهاquot;، مراهنًا في مواقفه هذه على تصاعد الاستياء حيال اتساع الهوة بين الأثرياء من جهة والطبقات الوسطى والفقيرة من جهة أخرى في مرحلة ما بعد الانكماش الاقتصادي.

السياسة الخارجية

غير أن التركيز على المسائل الأميركية الداخلية في الخطاب الموجّه إلى ملايين الناخبين لم يحجب موضوعات السياسة الخارجية، التي حضرت في خطاب أوباما، وقد استهله بالإشارة إلى انتهاء الالتزام الأميركي في العراق ومقتل أسامة بن لادن، كما تطرق إلى مسألة الملف النووي الإيراني، التي يتهمه خصومه بالضعف في شأنها، والربيع العربي، وصولاً إلى الحرب في أفغانستان.

وقال quot;للمرة الأولى، ليس هناك أميركيون يقاتلون في العراق. للمرة الأولىمنذ عقدين أسامة بن لادن لا يشكل خطرًا على هذا البلدquot;، مضيفًا أن quot;معظم كبار قادة القاعدة هزموا، وتم وقف دفع طالبان، وبدأت بعض القوات بالعودة من أفغانستانquot;.

بالنسبة إلى البرنامج النووي الإيراني، قال أوباما quot;يجب ألا يشك أحد في تصميم أميركا على منع إيران من الحصول على السلاح النووي، ولن أزيل أي خيار عن الطاولة من أجل تحقيق هذا الهدفquot;، غير أنه أكد في الوقت نفسه أنه quot;ما زال من الممكن التوصل إلى تسوية سلمية لهذا المسألة، بل إن ذلك أفضلquot;.

تحوّل مذهل

حيال الأوضاع في العالم العربي، الذي يشهد منذ سنة اضطرابات وثورات ضد الأنظمة، وعد أوباما بأن بلاده ستبقى متضامنة مع القوى الديموقراطية في مواجهة quot;العنف والتخويفquot;. وقال أوباما إنه quot;في الوقت الذي تتراجع فيه الحرب، تجتاح موجة تغيير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من تونس إلى القاهرة، ومن صنعاء إلى طرابلسquot;.

وقال quot;قبل عام، كان القذافي، وهو قاتل على يديه دماء أميركية، أحد أقدم الديكتاتوريين في العالم .. اليوم، لم يعد موجودًاquot;، وأضاف quot;وفي سوريا، لا شك لديّ بأن نظام (الرئيس بشار) الأسد سوف يكتشف قريبًا بأنه لا يمكن مقاومة قوة التغيير، ولا يمكن سحق كرامة الناسquot;.

وأوضح أيضًا quot;لا نعلم بالتحديد متى سينتهي هذا التحوّل المذهل. سوف ندعم السياسات، التي تشجّع على قيام ديموقراطيات قوية ومستقرة، وكذلك أسواق مفتوحة، لأن الديكتاتورية لا تصمد أمام الحريةquot;.

الحفاظ على quot;الوعد الأميركيquot;

لكن التركيز في الخطاب بقي على أوضاع الأميركيين، وقال الرئيس إن quot;المسألة الجوهريةquot; في هذه المرحلة تقضي بالحفاظ على quot;الوعد الأميركيquot; الأساسي، وهو أنه بالعمل الجاد يمكن الحصول على نمط حياة لائق.

وحذر خصومه، الذين فشَّلوا الغالبية الكبرى من مشاريعه منذ أن وصلت غالبية جمهورية إلى مجلس النواب قبل عام، من أنه يعتزم quot;مكافحة العرقلة بالعملquot;. وقال quot;سوف أتصدى لأي جهود من أجل العودة إلى السياسات عينها، التي جلبت لنا هذه الأزمة الاقتصادية أساسًاquot;، مثيرًا تصفيقًا حادًا من الديموقراطيين في الكونغرس.

ودعا إلى إصلاح ضريبي يفرض حدًا أدنى للضرائب على عائدات أصحاب الملايين قدره 30%، ويحثّ الشركات على زيادة إنتاجها داخل الولايات المتحدة. وسبق أن عارض الحزب الجمهوري دعوته إلى إصلاح نظام ضريبي لمصلحة الأثرياء وكبرى الشركات ورثه عن إدارة الرئيس السابق جورج بوش.

غير أن هذا الموضوع عاد وطرح صعوبة على أحد المرشحين الرئيسين لتمثيل الجمهوريين في السباق إلى البيت الأبيض ميت رومني، الذي اضطر إلى الكشف الثلاثاء عن أنه لم يدفع سوى ضرائب بنسبة حوالى 15% على عائداته الطائلة.

وتبنى أوباما نبرة هجومية، بل حتى شعبوية، ضد وول ستريت، داعيًا إلى تعزيز ترسانة الأدوات القانونية لمكافحة تجاوزات المؤسسات المالية. كما تحدث عن ضرورة إصلاح قوانين الهجرة، في موضوع حسّاس بالنسبة إلى قاعدته الانتخابية، ووعد quot;بعدم التخلي عن الوعود بتبني الطاقة النظيفةquot;.

أخذ الجمهوريون على أوباما تطرّقه إلى مشاريع اقتصادية، وتناسيه حصيلته السيئة على صعيد البطالة، التي تقدر نسبتها حاليًا بـ8.5%، والميزانية، حيث تسجل quot;زيادة غير مسبوقة في النفقاتquot;، على حد قول حاكم إنديانا ميتش دانيالز، في الرد الرسمي الجمهوري على الخطاب.

ورأى دانيالز أن سياسة الرئيس على صعيد الطاقة تنمّ عن quot;تطرفquot;، في إشارة إلى رفض أوباما إعطاء إذن لبناء خط أنابيب عملاق بين كندا والولايات المتحدة. أما رومني فقال إنه يريد quot;أن يكون هذا آخر خطاب حول حال الاتحاد لباراك أوباماquot;.

وتطرّق أوباما أيضًا إلى المنافسة الاقتصادية مع الصين، فأبدى تصميمه على العمل، بحيث تتم على أساس التساوي في الفرص، واعدًا بالتصدي أكثر للقرصنة وللممارسات التجارية غير العادلة.

ويعتزم أوباما الشروع في بثّ رسالته الاقتصادية ميدانيًا اعتبارًا من صباح الأربعاء، حيث سيزور خلال ثلاثة أيام خمس ولايات، قد تكون محورية، لإعادة انتخابه، وهي إيوا وميشيغان في الشمال وأريزونا ونيفادا وكولورادو في الغرب.