متظاهرون في داريا قرب دمشق يرفعون لافتات ضد نظام بشار الأسد

رغم إعلان وزير الخارجية الروسي انفتاح بلاده على أية مقترحات بناءة بشأن سوريا، أصرّ لافروف على أن روسيا لن تدعم فرض عقوبات أحادية ضد دمشق. وواصل النظام عملياته العسكرية للحدّ من الاحتجاج، في وقت تجري فيه استعدادات في مجلس الأمن لإصدار قرار يتبنى المبادرة العربية.


دمشق: أبدت روسيا معارضتها لأي جهود دولية ساعية إلى الحصول على خطوة في مجلس الأمن لتأييد العقوبات الأحادية ضد سوريا، التي شهدت بعض مدنها الأربعاء عمليات عسكرية، تهدف إلى الحدّ من الاحتجاجات ضد النظام السوري.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عقب محادثات أجراها مع نظيره التركي أحمد داود أوغلو quot;نحن منفتحون على أية مقترحات بناءة تنسجم مع المهمة المحددة بإنهاء العنفquot;.

لكنه أصرّ على أن روسيا quot;لن تدعم مقترحات، تفرض بموجبها عقوبات أحادية ضد سوريا، وهي العقوبات التي أعلنت من دون مشاورات مع روسيا أو الصين أو غيرهما من بلدان بريكسquot;، التي تضم أيضًا البرازيل والهند وجنوب أفريقيا.

واعتبر أن ذلك سيكون quot;بكل بساطة غير عادل وغير مجدٍquot;. وجاءت تصريحات لافروف، بينما أجرى مسؤولون روس وأميركيون محادثات في موسكو حول كيفية إنهاء العنف المستمر منذ نحو عشرة أشهر في سوريا، حيث قدّرت الأمم المتحدة أن أكثر من 5400 شخص قتلوا خلال تلك الفترة.

غير أن المسؤولين الأميركيين أعربوا عن تفاؤلهم بأن تؤدي الاجتماعات الجديدة، التي جرت مع المسؤولين الروس في كل من مقر الأمم المتحدة في نيويورك وفي موسكو، إلى حل وسط في نهاية المطاف.

وقالت السفارة الأميركية في موسكو إن جيفري فيلتمان مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى والمنسق الخاص فريد هوف عقدا اجتماعات في موسكو الأربعاء، اتفقا خلالها على quot;مواصلة التنسيق الوثيقquot; بين الجانبين الأميركي والروسي في الشأن السوري.

ويمكن للموقف الروسي أن يؤدي من جديد إلى تعطيل مشروع القرار، الذي أعدّته بريطانيا وفرنسا وألمانيا مع دول عربية، ويدعو إلى الاقتداء بالجامعة العربية، من خلال فرض عقوبات ضد النظام السوري.

وقالت مصادر دبلوماسية في مجلس الأمن الدولي إن المجلس قد يصوّت في الأسبوع المقبل على مشروع قرار ترعاه الدول الغربية والعربية، يؤيّد مبادرة الجامعة العربية الخاصة بدعوة الأسد إلى نقل السلطة إلى نائبه.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو quot;يجب أن يدعم مجلس الأمن الدولي القرارات الجريئة للجامعة العربية، التي تسعى إلى إنهاء القمع والعنف في سوريا، وإيجاد حل للأزمة السياسيةquot;.

وتبنت الجامعة العربية في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر عقوبات اقتصادية قاسية ضد سوريا، تشمل خصوصًا تجميد المبادلات التجارية مع الحكومة السورية، وتجميد حساباتها المصرفية في الدول العربية. وقال دبلوماسي quot;نأمل في أن نتوصل إلى قرار نعمل على إعداده مع الدول العربية، يدعم قرارات الجامعة العربية، التي اتخذتها في نهاية الأسبوع الماضيquot;.

وأشار إلى أن الدول العربية ترغب في أن يحصل مشروع القرار على quot;تأييد واسعquot;. وأضاف quot;سوف نعمل مع جميع أعضاء المجلسquot;، في إشارة إلى روسيا.

وثمة خشية من أن يؤدي نجاح التحرك العربي الغربي في الأمم المتحدة إلى تدخل عسكري في سوريا، على غرار ما حدث في ليبيا. وقد تحدث الأمين العام لمجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف في وقت سابق عن معلومات تشير إلى نية أعضاء الحلف الأطلسي quot;تحويل تدخلهم الحالي في الشؤون السورية إلى تدخل عسكري مباشرquot;.

لكن قائد قوات الحلف الأطلسي في أوروبا الأميرال الأميركي جيمس ستافريدس استبعد ذلك، وأعلن الثلاثاء في برلين quot;في ما يتعلق بسوريا، أستطيع أن أقول لكم إنه من وجهة نظر الحلف الأطلسي، لا يوجد أي تخطيط، ونحن لا نقوم بأية دراسة مفصلة، نراقب فقط الوضعquot;.

إلا أنه أضاف quot;يبدو لي أنه حتى قبل أن يفكر الحلف الأطلسي بالتدخل يجب أولاً أن يكون هناك تحرك من قبل الأمم المتحدة والجامعة العربيةquot;. وأوضح quot;لا أرى أي شيء يسير في هذا الاتجاه، إذن في الوقت الراهن دور الحلف الأطلسي هو بكل بساطة مراقبة ما يجري على حدودهquot;.

من برلين، دعا وزير الخارجية الأسترالي كيفين راد مجلس الأمن الدولي الأربعاء إلى القيام بتحرك صارم تجاه سوريا، لوقف ما وصفه بـquot;عمليات القتلquot; في شوارع سوريا. وصرح راد لوكالة فرانس برس، عقب محادثات في برلين مع نظيره الألماني غيدو فسترفيلي، quot;ما نشاهدة هناك يومًا بعد يوم هو قتل المدنيين الأبرياءquot;.

وفي سوريا، غادر المراقبون الخليجيون المشاركون في بعثة المراقبين العرب المكلفة مراقبة الأوضاع في سوريا الأربعاء مقر إقامتهم في أحد الفنادق الكبرى في وسط العاصمة السورية، حاملين أمتعتهم، ورافضين الإدلاء بأي تصريح.

وتضم بعثة المراقبين ممثلين لـ13 دولة عربية، هي الأردن والعراق والبحرين وتونس والجزائر والسعودية والسودان وقطر والكويت ومصر والمغرب وموريتانيا والإمارات.

وكان نائب الأمين العام للجامعة العربية أحمد بن حلي أكد لفرانس برس الثلاثاء أن الجامعة quot;قادرة على تعويض نقص المراقبين في الوقت الحالي من الدول العربيةquot; بعد قرار دول مجلس التعاون الخليجي الثلاثاء بسحب مراقبيها، مشيرًا إلى أن عدد مراقبي دول الخليج في البعثة يبلغ 55 مراقبًا.

وأعلنت الحكومة السورية أنها وافقت مساء الثلاثاء على تمديد عمل المراقبين العرب quot;شهرًا آخرquot;، وذلك حتى 23 شباط/فبراير 2012، وإن كانت أغلقت الباب أمام الحلول العربية للأزمة المستمرة منذ آذار/مارس 2011. وانتهت مهمة البعثة رسميًا في 19 كانون الثاني/يناير الجاري، بحسب بن حلي.

ميدانيًا، ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) الأربعاء أن quot;مجموعة إرهابية مسلحة اغتالت اليوم رئيس فرع منظمة الهلال الأحمر في إدلب الدكتور عبد الرزاق جبيرو في شمال خان شيخون (ريف إدلب)quot;، مشيرة إلى أن ذلك تم quot;في إطار استهدافها للعقول والقدرات التقنية والطبية والفنيةquot;.

إلا أن لجان التنسيق المحلية اتهمت في بيان قوات الأمن السورية باغتيال المسؤول في الهلال الأحمر. كما أفادت الوكالة أن quot;مجموعة إرهابية مسلحة اغتالت الأب باسيليوس نصار الكاهن في بلدة كفربهم (ريف حماه) عندما كان يقوم بإسعاف رجل مصاب في حي الجراجمة في حماهquot;.

من جهتها، أفادت لجان التنسيق المحلية، الهيئة التي تتابع تطورات الحركة الاحتجاجية ميدانيًا، في بيان، أن مقتل نصار تم quot;أثناء الحملة العسكرية من قوات النظام على المدينةquot;. وكانت اللجان ذكرت في بيان سابق، تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه، أن quot;الجيش السوري يقصف مدينة حماه، مستخدمًا أسلحة ثقيلة من مدرعات بي ام بي، ويستخدم آر بي جي وسلاح البي كي سيquot;.

وأضاف البيان quot;إن هناك أنباء عن تهدم أبنية عدة،وسقوط جرحى وشهداءquot;، مؤكدًا أن quot;الأهالي لم يتمكنوا من الوصول إليهم نتيجة القصف العشوائي المستمرquot;، ومشيرًا إلى quot;انتشار حوالى 4000 جندي داخل المدينةquot;.

من جهة أخرى، أعلنت الحكومة الكندية عن عقوبات جديدة ضد النظام السوري، طالت خصوصًا أربعة مصارف، وثلاث شركات نفطية، إضافة إلى 22 شخصًا، معظمهم أعضاء في الجهاز الأمني. وطالت العقوبات المصرف الصناعي وبنك التسليف الشعبي والمصرف الزراعي التعاوني ومصرف التوفير، وكلها مصارف حكومية، وشركة دير الزور للنفط وشركة إيبلا للنفط وشركة دجلة للنفط.

وقد جمّدت أرصدتها في كندا، إضافة إلى أرصدة 22 شخصًا منعوا أيضًا من الدخول إلى كندا، ومن بينهم قادة كبار في الأجهزة الأمنية.

ولا يعترف النظام السوري بحجم حركة الاحتجاج، ويؤكد أنه يقاتل quot;مجموعات إرهابيةquot;، يتهمها بالسعي إلى زرع الفوضى في البلاد في إطار quot;مؤامرةquot; يدعمها الخارج. ومنذ بدء الحركة الاحتجاجية في منتصف آذار/مارس 2011 في سوريا، سقط أكثر من 5400 قتيل، بحسب الأمم المتحدة، واعتقل عشرات الآلاف بحسب المعارضة.