نظام الأسد يعتبر الثورة مؤامرة خارجية

في حين تحرص حكومة الأسد على تصوير الثورة كمؤامرة خارجية يصرّ السكان على أنّ عصابات النظام هي من تقتل الناس، ويعتبر مؤيدو الرئيس الأسد أن من يتحمل مسؤولية الاضطرابات هي دول الخليج العربية التي يتهمونها بالتحريض على العنف لإضعاف سوريا.


بيروت:معرفة حقائق الأزمة السورية تعتمد على الشخص الذي يقدم نظرته للأحداث الأمنية التي تعصف بالبلاد منذ اندلاع الثورة في شباط (فبراير) الماضي، وذلك في ظل مخاوف من تحول النزاع الذي طال أمده، إلى معركة لا نهاية لها.

الصحافة الأجنبية التي تحاول نقل مجريات الأزمة السورية، تشير إلى تفاوت واختلاف كامل في المعلومات الميدانية التي تجمعها في المناطق السورية. ففي حين تحرص حكومة الرئيس بشار الأسد على تصوير الثورة كمؤامرة أجنبية ينفذها خارجون عن القانون، يقول السكان: quot;تعالوا ليلاً وانظروا ما يحدث. العصابات التي تقتل الناس هي قوات الأسدquot;.

في هذا السياق، أشارت صحيفة الـ quot;تايمquot; إلى أن المشهد العام في درعا في يوم شتاء بارد، يبدو عادياً إذ فتحت المتاجر أبوابها وكانت حركة السكان عادية لا تدل على وجود أي نوع من العنف أو القتال أو حتى المعارضة.

لكن أحد الشبان من المدينة كشف قميصه ليظهر شظايا الرصاص والجروح التي تغطي جسده قائلاً: quot;لا شيء مما يبدو لكم حقيقي. يريدون منكم أن تظنوا ان كل شيء طبيعيquot;.

استمر الشاب بالحديث، واصفاً الويلات التي يعانيها أهل درعا، وما حدث ويحدث في هذه المدينة، بما في ذلك الغارات اليومية للمنازل، ونقاط التفتيش الأمنية في كل مكان والحملات ضد المعارضين.

وأضاف الشاب: quot;عودوا بعد ساعات قليلة، وسترون ما يحدث في درعا بعد حلول الظلام. عصابات الأسد المسلحة تقتل المواطنين والجيش السوري الحر هو الذي يحميناquot;، مضيفاً: quot;لن تتوقف حتى سقوط النظامquot;.

في وقت لاحق، توجهت مجموعة من الصحافيين الأجانب بمرافقة الحكومة السورية لمقابلة محافظ درعا محمد خالد الهنوس، الذي شرح الأوضاع في المدينة، مقدماً وجهة نظر أخرى تختلف تماماً عن تلك التي سمعها الصحافيون من الناس في الشوارع.

قال الهنوس ان quot;أجندات خارجية استغلت الأحداث التي شهدتها المدينة لتخريبها، حيث تعرضت معظم أقسام ومخافر الشرطة للحرق والتخريب، كما استهدفت قوات الجيش وحفظ النظامquot;.

واعتبر ان quot;هناك العديد من الدول العربية ذات الارتباط بالأجندات الأميركية الغربية قدمت المال والسلاح للإرهابيين وتجار المخدرات والخارجين عن القانون، إضافة إلى الإعلام المفبرك كالجزيرة والعربية وغيرهما من وسائل الإعلام التي ساهمت في قلب الحقائق وتضخيم الأحداثquot;.

تتهم السلطات السورية العديد من القنوات بالقيام بحملات إعلامية ضد سوريا تتضمن quot;التضليل الإعلاميquot;، من خلال الأفلام quot;المفبركةquot;، وquot;شهود عيان الزورquot;، إلا أن هذه القنوات ترد بأن quot;السلطات لا تسمح لها بالوصول إلى مناطق الأحداث، ما يضطرها إلى الاعتماد على الأفلام المصورة التي ترسل إليها، وعلى شهود العيان.

وأشارت الصحيفة إلى أن وجهة نظر الهنوس، تعتبر امتداداً لرأي الحكومة السورية التي اعتبرت أن المعارضين في الشوارع هم quot;عصابات مسلحة وإرهابية تشترى بالمال والمخدراتquot;.

في شوارع العاصمة دمشق، يعتبر العديد من مؤيدي الرئيس بشار الأسد أن من يتحمل مسؤولية الاضطرابات الأخيرة هي قطر ودول الخليج العربية التي يتهمونها بالتحريض على العنف لإضعاف وتقسيم سوريا.

وأثناء المسيرات المؤيدة للحكومة، يقول السوريون ان دول الخليج العربية تأخذ الأوامر من الولايات المتحدة وإسرائيل لإضعاف التحالف بين ايران وسوريا وحزب الله.

لكن القصة تختلف في أجزاء أخرى من البلاد حيث تستعر المشاعر المناهضة للحكومة، فيقول المعارضون انهم يهدفون إلى التحرر من الظلم والطغيان، وأن تحركاتهم مشابهة للتحركات الشعبية في البلدان العربية الأخرى التي حاربت من أجل إنهاء حكم الأسرة الواحدة وإسقاط الديكتاتورية.

وتعتبر قوى المعارضة داخل سوريا ان الحملة التي شنتها القوات الموالية للأسد تم تنفيذها بـ quot;يد أجنبيةquot; أيضاً، ويتهمون ايران وحزب الله اللبناني بتنفيذ هذه المؤامرة من أجل حماية حليفهم ونصيرهم في دمشق.

في الزبداني، البلدة السورية التي تمتد على طول الحدود اللبنانية السورية، يجاهر أعضاء quot;الجيش السوري الحرquot;، وهو مجموعة من الجنود المنشقين عن الجيش النظامي، بازدرائهم لحزب الله وايران.

واجتاحت المدينة في الأشهر السابقة نوبة هستيرية بسبب الشائعات التي تقول إن عدداً من مقاتلي حزب الله يحشدون قواتهم على الجانب اللبناني من الحدود، لتنسيق هجوم مشترك مع الجيش السوري ضد الزبداني. ونفى حزب الله هذه الاتهامات.

يعمم الناشطون السوريون داخل البلاد مؤخراً مقاطع فيديو صوّرها هواة يزعمون أنها تظهر القوات الايرانية العاملة داخل سوريا، ووصف عضو في البرلمان الايراني الذي يرأس لجنة الأمن والسياسة الخارجية ان 11 مواطناً ايرانياً في عداد المفقودين في سوريا، وهم من الحجاج الذين أتوا لزيارة الأضرحة وأماكن العبادة في سوريا.

وتتهم الولايات المتحدة ايران بدعم الحكومة في دمشق، فيما أشار مسؤولون إلى أن قيادياً عسكرياً رفيع المستوى من ايران، قد زار سوريا في الأسابيع الاخيرة.

واكدت ايران دعمها لحكومة الأسد، ويقول مسؤولون ايرانيون إن الأسد ما زال يتمتع بغالبية الدعم في بلاده، وأن طهران تقف الى جانب خطط الاصلاح التي اقترحها الأسد، ضد ما تسميه بـquot;الارهابيين الذين يهاجمون الحكومةquot;.

وتزعم الحكومة السورية ان تهريب الأسلحة يجري من تركيا والأردن، بهدف تسليح المقاتلين المتمردين لمهاجمة الدولة، كما تتهم دول الخليج العربية بتمويل الجيش السوري الحر.

وفي الوقت نفسه، انتقدت المعارضة السورية مراراَ وتكراراَ جامعة الدول العربية والغرب لعدم التدخل لوقف سفك الدماء. ويطالب المعارضون الأمم المتحدة بفرض عقوبات اكثر صرامة على سوريا، داعين علناً إلى التدخل العسكري، بما في ذلك فرض مناطق حظر الطيران أو مناطق آمنة وممرات إنسانية من شأنها تقييد حركة الجيش السوري داخل البلاد.

وأصبحت وسائل الإعلام في سوريا أدوات حيوية في المعركة، إذ تخصص القنوات الموالية للحكومة معظم وقتها لتفقد وفحص لقطات الفيديو التي يصورها الهواة بواسطة الهاتف الخلوي ويبثونها عبر الإنترنت، في محاولة لتقويض تقاريرها عن الفظائع والمجازر.

واعتبرت الـ quot;تايمquot; انه من الصعب قياس مدى التأييد الشعبي للرئيس الأسد، إذ يعرب العديد من السوريين عن تأييدهم للنظام خوفاً من البديل، لأنهم لا يعرفون ما سيكون مصيرهم بعد الأسد. ويلقي العديد من هؤلاء باللوم على المعارضة السورية بسبب ضعف تواصلها وقدرتها على ايصال رؤيتها لمستقبل سوريا.