القاهرة: تواجه إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما ورطة سياسة وقانونية من الممكن أن تعيد صياغة الطريقة التي تلاحق من خلالها الإرهابيين المشتبه فيهم حول العالم في الوقت الذي يحاول فيه المحققون تحديد المسؤولين عن الهجوم الذي تم تنفيذه يوم الحادي عشر من الشهر الماضي على مقر القنصلية الأميركية في مدينة بنغازي الليبية.

وبات يتعين على الإدارة الآن أن تواجه عدة أمور من بينها ما إن كانت ستعتمد على الإف بي آي في التعامل مع الهجمات على المقار الدبلوماسية الأميركية هناك كجريمة عادية يتم النظر فيها بالمحاكم الأميركية أو ستعتمد على الحكومة الليبية العاجزة أم ستلجأ للخيار العسكري عبر طائرة آلية أو إرسال مزيد من المساجين لغوانتانامو.

وقد تعهد أوباما بأن يقتص لمقتل السفير كريستوفر ستيفنز وثلاثة أميركيين آخرين راحوا ضحايا لتلك الهجمات. لكن البيت الأبيض لم يوضح بعد مرور شهر تقريباً الطريقة التي يعتزم من خلالها تحقيق ذلك، حتى إن كان بمقدوره تحديد واعتقال أي مشتبه بهم.

وذكرت في هذا الصدد صحيفة واشنطن بوست الأميركية أن كافة الخيارات السابق ذكرها تقترن بعقبات عملية ونظريات بالية سياسية. وانتقدت الصحيفة كذلك عدم جدوى التحقيقات وتحركها ببطء، نظراً لأن ذلك يساهم في تعقيد الأمور، خاصة وأن مسؤولي مكتب التحقيقات الفيدرالي احتاجوا 3 أسابيع ليصلوا لمكان الجريمة غير المؤمن.

وفي غضون ذلك، قدمت الإدارة تقييمات متناقضة حول ملابسات الهجمات. ومن المنتظر أن يقوم جون برينان، كبير مستشاري أوباما لشؤون مكافحة الإرهاب، بزيارة إلى طرابلس اليوم الثلاثاء لمقابلة مسؤولين ليبيين كبار ومباشرة التحقيقات.

وأعقبت الصحيفة بقولها إن البيت الأبيض لم يستبعد أي خيار أو فرضية في تلك الواقعة المشينة، ومضت تنقل عن أحد مسؤولي الإدارة الأميركية بعد رفضه الكشف عن هويته قوله إن اشتراك الإف بي آي في تلك المرحلة لا يجب أن يتم التعامل معه على أنه دليل على أن الإدارة تخطط لمحاكمة أي مشتبه بهم في المحاكم الأميركية.

والأوضح من ذلك هو أنه لم يتضح حتى الآن ما إن كان سيتعامل البيت الأبيض مع الهجوم المميت الذي استهدف المسؤولين الأميركيين في بنغازي باعتباره فعلاً إجرامياً أو عملاً من أعمال الحرب، وهو تمييز قانوني هام لم يتم حسمه في واشنطن منذ هجمات الحادي عشر من أيلول / سبتمبر الإرهابية التي وقعت في العام 2001.

وقال كارين غرينبيرغ مدير مركز الأمن القومي بكلية الحقوق التابعة لجامعة فوردهام :quot; أبرزت الواقعة عدد من الموضوعات التي تتعامل معها الحكومة منذ بداية تلك الحرب التي أطلق عليها الحرب على الإرهاب. وجاءت لتوضح بشكل جميل جداً كل الموضوعات الصعبة التي تعين علينا مواجهتها طوال الإحدى عشر عاماً الماضيةquot;.

وتابعت واشنطن بوست بتأكيدها أن كل الخيارات المتاحة للولايات المتحدة قد تحظى بتداعيات دائمة في ليبيا، حيث تعاني الحكومة الانتقالية من اقتتال داخلي وفي الوقت الذي يعجز فيه القادة المنتخبون عن تولي مقاليد السلطة والحكم بشكل كامل.

وفي نفس السياق، تحدث مسؤولون ليبيون عن الحساسية السياسية التي تتعامل من خلالها حكومة بلادهم مع مسألة قدوم محققين من الإف بي آي للتحقيق في الواقعة. ثم أشارت الصحيفة إلى جهوزية النظام القضائي الليبي فيما يتعلق بمحاكمة أي من يثبت تورطه في الهجوم الذي تعرض له مقر القنصلية الأميركية ببنغازي، رغم وجود شكوك من جانب المسؤولين الأميركيين فيما يتعلق بهذا الجانب.

ورغم العقبات، توقع جون بيلينغر الثالث، الذي سبق له العمل كمستشار قانوني لدى البيت الأبيض ووزارة الخارجية إبان فترة حكم الرئيس جورج بوش، أنه ونظراً لملابسات القضية، فإن إدارة أوباما ستسعى لجلب أي متهم للولايات المتحدة لكي يخضع للمحاكمة في محكمة مدنية. وبغض النظر عن آلية تنفيذ ذلك، فإن الصحيفة قد أكدت على أن إحضار الأشخاص المشتبه بهم للولايات المتحدة سوف يشعل جدلاً منفصلاً بخصوص محاكمتهم في المحاكم المدنية العادية أم أمام لجنة عسكرية.