لم يسمح القضاء للرئيس أحمدي نجاد بزيارة أحد مستشاريه المسجون منذ نحو شهر، ما اعتبر تقليصًا لصلاحياته وصفعة لموقعه، الذي بدأ الوهن يتسلل إليه بفعل العداء المتمكن بين نجاد وخصومه السياسيين.


القاهرة: بات واضحًا أن الأمور تمضي من سيء إلى أسوأ بين الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد وبين مجموعة من منافسيه السياسيين، وهو ما برز يوم أمس الاثنين بشكل واضح بعد نشر مواقع إخبارية إلكترونية في إيران خطابًا يتهم فيه نجاد رئيس السلطة القضائية القوية، آية الله صادق لاريجاني، بحماية بعض الأفراد من المحاسبة، على خلفية تهم بفساد اقتصادي توجّه على نطاق واسع لمسؤولين كبار، بينهم الشقيق الأكبر لآية الله لاريجاني.

تقليص صلاحيات نجاد

تزامنت هذه الأزمة، التي جاءت لتنذر بتصدعات جديدة في واجهة الوحدة الغيرانية، مع الأوضاع الاقتصادية المتدنية التي تواجهها البلاد وانعزالها إثر العقوبات المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي.

وجاء الاتهام من جانب نجاد ليزيد من حدة الصراع المستعر بينه وبين خصومه من رجال الدين البارزين والبرلمانيين والقادة. كما جاء في أعقاب القرار الذي أعلنه القضاء الإيراني أول أمس والذي أوصى برفض طلب الرئيس دخول سجن ايفين لزيارة أحد مساعديه المحتجز هناك منذ شهر تقريبًا، وهو القرار الذي جاء بمثابة الصفعة المهينة لسلطة الرئيس.

وكان نجاد يريد زيارة علي أكبر جوانفكر، مستشاره الصحفي والرئيس السابق لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، المحبوس منذ أيلول (سبتمبر) الماضي، بعد صدور حكم ضده بالحبس لمدة ستة أشهر، لإهانته المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي.

وقد اعتبرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أن عملية اعتقال جوانفكر وإدانته خطوة لتقليص الصلاحيات الرئاسية.

وقال القضاء في بيان له بهذا الخصوص إنه قد تم إبلاغ نجاد بأن زيارته ستكون غير ملائمة، وستشتت الانتباه بعيدًا عن المشكلات الاقتصادية التي تعانيها البلاد حاليًا.

هجوم علني

تراشقت حكومة نجاد وخصومها مسؤولية ارتفاع معدل التضخم والبطالة وانخفاض قيمة العملية المحلية، وهي المؤشرات الاقتصادية التي ساءت على مدار الأشهر القليلة الماضية، بسبب العقوبات الخاصة بالبرنامج النووي، التي قيدت قدرة إيران على بيع النفط وإبرام صفقات مصرفية.

وقد تولد هذا العداء في وقت تتصاعد فيه الضغوطات الغربية، على الرغم من نداءات آية الله خامنئي المتكررة لتوحيد الصف على الصعيد السياسي. وأكد محللون في هذا السياق أن هجوم نجاد العلني على الشقيقين لاريجاني يعكس نيته الواضحة الدخول في معركة علنية مع الخصوم السياسيين. وقد تعكس نتيجة هذا الهجوم مدى نفوذه بعد انتهاء فترة ولايته الثانية في تموز (يوليو) المقبل.

في هذا الاطار، قال أمير محبيان، وهو محلل سياسي مقرب من المرشد الأعلى الإيراني، متحدثًا عن طلب الرئيس دخول سجن ايفين لزيارة جوانفكر: quot;نجح نجاد في خلق معادلة يخرج منها رابحًا في كل الأحوال. فإذا تم منعه، سيبدو خصومه منافيين للعقل. وإن دخل، فسيبدون ضعفاءquot;.

فساد وتجسس

بني نظام إيران السياسي حول رئيس وبرلمان يتم انتخابه مباشرةً من مجموعة مرشحين، يتم فحصهم من قبل مجلس مكون من رجال قانون وخبراء إسلاميين، بعضهم من جانب المرشد الأعلى وآخرين من جانب البرلمان. وللمرشد الأعلى رأيه في تعيين باقي المسؤولين، وله القول الفصل في كافة الأمور الهامة.

وبينما يدفع نجاد عن مستشاريه المقربين منه تهم الفساد والسحر الأسود والتجسس لصالح الاستخبارات البريطانية، فإنه يفتقد للشعبية بين الإيرانيين الذين نزلوا إلى الشارع، بعد كل الجدل الذي أثير حول فوزه من جديد في انتخابات الرئاسة في العام 2009.

وسبق لنجاد أن منع بصورة شخصية محاولة سابقة لاعتقال جوانفكر، ما جعل القضاء يُقدِم فيما يبدو على احتجاز المستشار في اللحظة المناسبة، وقت إلقاء الرئيس كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في السادس والعشرين من الشهر الماضي في نيويورك.

وقال نادر كريمي جوني، وهو صحافي إيراني يتابع عن قرب صراع السلطة الحاصل في البلاد: quot;بإشارته لكثير من البنود الدستورية في خطابه، سعي الرئيس أحمدي نجاد للتأكيد على تمثيله للشعب الذي أوصله إلى السلطة عن طريق الانتخابquot;.