أشاد الرئيس المصري محمد مرسي بالمشير حسين طنطاوي والفريق سامي عنان، ورفض المساس بأي منهما بالرغم من أخبار تتردد عن فسادهما. ثمة من يرى في هذه الإشادة تأكيدً لصفقة تؤمن لهما ممرًا آمنًا مقابل تسليمهم مقاليد السلطة كاملة لمرسي والإخوان.

القاهرة: أكد خبراء وسياسيون مصريون أن الرئيس محمد مرسي أعطى صك البراءة للمشير حسين طنطاوي والفريق سامي عنان، وحصنهما ضد العشرات من البلاغات المقدمة ضدهما للنائب العام بتهم تتعلق بالفساد وتضخم الثروة، وقتل المتظاهرين خلال المرحلة الإنتقالية. وأشاروا إلى أن ذلك بدا واضحًا بعد إقالة جمال عبد الرحيم، رئيس تحرير جريدة الجمهورية، عقب نشر خبر يزعم إحالة طنطاوي وعنان للتحقيق أمام جهاز الكسب غير المشروع.
ولفت الخبراء إلى أن تعمد مرسي الإشادة بأعضاء المجلس العسكري السابق لحمايتهم للثورة ونجاحهم في إدارة الفترة الانتقالية دليل على أنه ما زال يخشى إثارة غضب طنطاوي وعنان، بسبب ولاء الجيش لهما وعدم تهاونه بإهانة أي من رموزه السابقة، لا سيما أن لهما دور مهم في حماية الثورة.
كما أكد مرسي أنه يتواصل مع المشير طنطاوي والفريق عنان باعتبارهما مستشارين للرئيس، فاعتبر البعض تلك التصريحات تأكيدًا لما تردد عن وجود صفقة بين الرئيس وأعضاء العسكري لتأمين خروج آمن لهم مقابل ترك السلطة بتلك السهولة التي تمت.
العسكر يوالون قادتهم دائمًا
وفقًا للواء طلعت مسلم، الخبير الاستراتيجي والأمني، يريد مرسي احتواء المؤسسة العسكرية لضمان حمايته في بداية حكمه، خصوصًا أنه أول رئيس لمصر من خارج تلك المؤسسة، وبالتالي نجده يؤكد في جميع خطاباته على احترام المؤسسة العسكرية وقادتها، والإشادة بدورهم في نجاح الثورة وإدارة الفترة الانتقالية.
وقال مسلم لـquot;إيلافquot; إن مرسي يدافع عن طنطاوي وعنان، ويؤكد على احترام دورهما واستمرار الاتصال والتشاور معهما، ما ينفي الحديث عن تحريك البلاغات ضد المشير، quot;لأن هذا الأمر ليس بالأمر الهين أمام الرئيس في الوقت الراهنquot;.
وأضاف: quot;تدين المؤسسة العسكرية بالولاء لقادتها دائمًا، ولن تسمح بإهانتهم عبر وسائل الإعلام بنشر أخبار ومعلومات خاطئة بغرض تشويه السمعة، ولذلك كان رد فعل المؤسسة العسكرية شديد بالدفاع عن طنطاوي وعنان تجاه الأخبار التي تداولتها وسائل الإعلام قبل أن يصدر أي رد فعل من جانب الرئاسةquot;.
في الأدراج!
يستبعد حافظ أبو سعد، المحامي ورئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، التحقيق مع المشير حسين طنطاوي والفريق سامي عنان أو أي من قيادات المجلس العسكري، مشيرًا إلى أن البلاغات المقدمة ضدهما، أو ضد أي من أعضاء المجلس العسكري السابقين، ستوضع في الأدراج.
وأرجع أبو سعدة ذلك إلى أن الرئيس يعالج ملفات عديدة، ويريد المزيد من الوقت للقبض على السلطة، وأنه غير مستعد للدخول في معارك مع المؤسسة العسكرية، لا سيما أن إثارة غضبها قد يؤدي إلى مخاطر سياسية وأزمات لا حصر لها.
وبالتالي، يستقطب الرئيس المؤسسة العسكرية وقيادتها، بمن فيهم قادة المجلس العسكري السابق.
وقال أبو سعدة لـquot;إيلافquot; إن مرسي لجأ لتأمين الخروج الآمن للمشير طنطاوي وأعضاء المجلس العسكري السابق في سبيل ضمان موافقتهم على ترك السلطة من دون معارضة أو أزمة سياسية وقانونية، تؤدي إلى وقوع البلاد في شباك الفتنة.
لا للخروج الآمن
في السياق ذاته، قال جورج إسحاق، الناشط السياسي والقيادي بحزب الدستور، لـquot;إيلافquot; إن كل الشواهد quot;تؤكد صحة الحديث عن وجود صفقة تمت بين الرئيس وأعضاء المجلس العسكري، مكمنها خروجهم الآمن مقابل ترك السلطة كاملة للرئيس، وكان ذلك واضحًا منذ البداية بتعيينهم مستشارين للرئيس ثم حصولهم على قلادة النيل، ثم نفي الرئيس قطع اتصالاته بالمشير وإحالته للتحقيق، فهو اشاد بهم وإظهر التقدير لدورهم في حماية البلاد وصيانة الثورة.
وأعلن إسحاق رفضه التام لمسألة الخروج الآمن لأي مواطن، فالكل سواسية أمام القانون. وإذا ثبتت من خلال التحقيق عدم صحة البلاغات يتم حفظها،أما إذا ثبتت جدية تلك البلاغات فيجب التحقيق معهم ليتحملوا مسؤولية أخطائهم.
quot;شو إعلاميquot;
وأكد محمد الأشقر، الناشط بحركة كفاية، لـquot;إيلافquot; أن رفض تحريك البلاغات المقدمة ضد أعضاء المجلس العسكري يفسر لغز تخلص مرسي من المشير والفريق وأعضاء العسكري بهذه السهولة من دون اعتراض أو مقاومة، quot;خصوصًا أن الإعلان الدستوري المكمل كان يحمي جميع أعضاء المجلس العسكريquot;.
ولفت الأشقر إلى أن الاتفاق بين مرسي والعسكري بان جليًا من خلال التحرك السريع من جانب الرئاسة باتجاه وسائل الإعلام، وأرهابها لعدم نشر أخبار تتعلق بمحاسبة أي منهم.
وقال الأشقر إن كلام مرسي عن محاربة الفساد وقتلة الثوار مجرد quot;شو إعلاميquot;، فكل تحركاته وتصرفاته وقراراته تؤكد غير ذلك، مشيرًا إلى أن القوى الثورية لن تسمح باستثناءات بعد الثورة، والرئيس مرسي مطالب بتنفيذ مطالب الثورة وسيادة القانون على الجميع.
جرائم لا تسقط بالتقادم
من جانبها، رأت حركة 6 أبريل أن حماية مرسي لكل من المشير طنطاوي والفريق عنان أمر مخزي. وقال محمد عادل، القيادي بالحركة، إن 6 أبريل ترفض أي حماية رئاسية أو عسكرية لكل من طنطاوي وعنان واللواء حسن الرويني عضو المجلس العسكري السابق، واللواء حمدي بدين قائد الشرطة العسكرية السابق، وبقية أعضاء المجلس العسكري، الذين إرتكبوا جرائم في حق المدنين خلال فترة توليهم السلطة في مصر.
وأضاف عادل في بيان تلقت quot;إيلافquot; نسخة منه، أن حديث مرسي حول رفضه محاكمة طنطاوي وعنان مرفوض، مشيرًا إلى quot;أن لا أحد فوق القانون، ومهما طال الوقت، فإن طنطاوي وعنان والرويني وبدين سيمثلون أمام القضاء وسيحاكمون على كل الجرائم التي إرتكبوها بحق هذا الشعبquot;.
وأنتقد عادل ما يقوم به بعض الصحفيين المحسوبين على نظام مبارك من ترويج لفكرة حزن المؤسسة العسكرية على خروج طنطاوي وعنان، وإمكانية تلويحها بإستخدام القوة ضد السلطة الحالية، مؤكدا أن أغلبية قيادات وقواعد المؤسسة العسكرية سعيده بخروج طنطاوي وعنان من على رأس المؤسسة العسكرية.
وقال عادل إن الحركة سوف تكمل مسيرتها للضغط من أجل محاكمة أعضاء المجلس العسكري، بالرغم من تقاعس النائب العام في تحريك القضايا والبلاغات ضدهم، مؤكدًا إن كل هذا القضايا لا تسقط بالتقادم.