عبر الرئيس العراقي جلال طالباني عن غضبه من صمت رئيس الوزراء نوري المالكي على إساءات قياديين في ائتلافه للرئيس، محذرًا من أنّ الصمت على ذلك لم يعد ممكنًا لأنه يشكل خطرًا على العملية السياسية، بينما رد مطلق هذه التصريحات النائب سامي العسكري على الفور مؤكداً اصراره على اقواله معتبرًا أن طالباني يتصرف كزعيم كردي وليس كرئيس للعراق.


قالت الرئاسة العراقية في رد على تصريحات للنائب سامي العسكري القيادي في ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، والتي قال فيها إن التحالف الشيعي الكردي هو quot;أكذوبةquot;، إن الرئيس جلال طالباني يعتبر أن هذه التصريحات ليست مجافية للحقيقة والواقع فحسب، بل انها تمثل عن قصد أو من دونه مسعى لفك عرى ترابط لعب ويلعب دوراً اساسيًا في العملية السياسية الديمقراطية مطالباً التحالف الوطني quot;الشيعيquot; بتوضيح موقفه من مثل هذه التصريحات الخطيرة.

وأضافت الرئاسة العراقية في بيان صحافي الليلة الماضية أنه انطلاقا من واجباته الدستورية يحرصرئيس الجمهورية على صون وحدة الشعب العراقي بجميع مكوناته ويسهر على تعزيز عرى الاخوة بين ابنائه، وتجنب كل ما يبعث على الفرقة والتنافر، حيث كانت الروابط بين اجزاء العراق كافة من اقصى جنوبه إلى ذرى كردستان عاملاً مهمًا في تحقيق التحرر والاستقلال ومن ثم الاستقرار والتطور.

وأشارت إلى أنّه quot;على امتداد التأريخ اصبح التحالف بين الشيعة والكرد مثالًا لهذه الروابط، فمنذ ثورة العشرين المجيدة شارك الشيعة في الجنوب والسنة في الوسط والغرب والكرد في الشمال في الكفاح من اجل انبثاق الدولة العراقية المستقلة، وفي ما بعد كافحوا جميعًا من اجل أن يصبح العراق بلدًا ديمقراطيًا متطورًا وتصدوا لكل محاولات اثارة الاحتراب الداخلي.

وقال إن موقف المرجع الشيعي الاعلى في العراق اية الله العظمى السيد محسن الحكيم خلال فترة الستينات من القرن الماضي كان مشهودًا في رفضه زج الجيش العراقي في قتال ضد الكرد في موقف شكل ابرز العلامات المضيئة في تاريخ التحالف الشيعي الكردي المستند إلى منطلقات الحرص على الوطن العراقي بكل مكوناته. واوضح أن هذا التحالف قد تعزز في مراحل الكفاح ضد النظام الديكتاتوري السابق الذي لم يكن يوما ممثلاً لطائفة أو مذهب بل كان تجسيدًا لنزعات استثارية انانية استبدادية. وأضاف أنّ العرب الشيعة والكرد السنة قد حرصوا ايضا على توثيق عرى التحالف مع ابناء الوطن من العرب السنة الذين كانوا مثل اشقائهم الآخرين عرضة للاضطهاد الصدامي.

واستطردت الرئاسة قائلة quot;وبعد انهيار نظام الطغيان ظل التحالف ركيزة اساسية في التصدي للارهاب الغاشم الذي طال جميع العراقيين في مسعى خائب لتعطيل واجهاض عملية البناء الديمقراطي. كما أن هذا التحالف غدا لبنة اساسية في بنيان تفاهمات ولتفاقات وتحالفات شملت الاشقاء من المكونات الأخرى وخاصة في المناطق الغربيةquot;.

وأكدت أنّ هذا التحالف لم يكن ابدًا تكريسًا لتقسيم العراق على اساس طائفي- عرقي بل على العكس كان يهدف إلى منع عمليات التفرقة وجمع العراقيين على الوحدة والاخوة والكفاح المشترك، إنه تحالف تأسس منذ البداية والمطلوب أن يبقى، تحالفاً بين اكبر قوميتين في العراق من جهة، وتحالف بين الشيعة والسنة من جهة أخرى، تحالف ليس منغلقًا على طرفين بل منفتح على جميع العراقيين هادف إلى تمتين وحدتهم وترسيخها.

واعتبرت الرئاسة أن quot;تصريحات كالتي اطلقها النائب سامي العسكري حول أن التحالف الشيعي الكردي هو ldquo;اكذوبةrdquo; ليست مجافية للحقيقة والواقع فحسب بل إنها تمثل عن قصد أو من دونه مسعى لفك عرى ترابط لعب ويلعب دورًا اساسيًا في العملية السياسية الديمقراطيةquot;. وقالت quot;لذلك فإننا نرى أن الاخوة في التحالف الوطني الذي ينتمي اليه النائب العسكري مطالبون بتوضيح موقفهم من مثل هذه التصريحات الخطيرة مشددة على أن quot;الصمت لم يعد ممكنًا، واستمراره قد يفسر على أنه تغيّر جذري غير مستحب في المواقف السياسيةquot;.

وهذه هي المرة الثانية التي يوجه فيها طالباني انتقادات الى المالكي، حيث اكد آزاد زندياني المتحدث الرسمي باسم المكتب السياسي للإتحاد الوطني الكردستاني بزعامة طالباني الثلاثاء الماضي أن الرئيس غير راضٍ عن أداء المالكي، مشيراً إلى أن المالكي ارتكب مجموعة من الأخطاء وعليه تداركها ومعالجتها.

وأوضح جندياني في تصريحات صحافية أن quot;الرئيس طالباني غير راضٍ عن أداء رئيس الوزراء نوري المالكي في ما يتعلق بموقفه من الأزمة السياسية التي تعصف بالعراق منذ عدة أشهر ونحن في قيادة الاتحاد الوطني، نرى أن المالكي ارتكب مجموعة من الأخطاء، فإما أن يتداركها ويعالجها، وإما يتوجب علينا التفكير بكيفية التعامل مع تلك الأخطاءquot; مضيفًا أن quot;لدينا بدائل للتعامل مع هذا الوضع.. وسنتابع عن كثب مواقف المالكي ومدى التزامه بنهج الحوار والتفاوض، ونأمل منه مراجعة الموقف وإبداء المرونة الكافية حيال مجمل الأزمة السياسية الحالية وتدارك تلك الأخطاءquot;.

العسكري مصرٌّ على تصريحاته وينتقد طالباني

وعلى الفور رد النائب سامي العسكري، الخميس على بيان الرئاسة العراقية مؤكدًا أن تصريحاته تعبر عن وجهة نظر شخصية يكفلها الدستور كنائب في البرلمان. وقال في تصريح نقلته quot; البغدادية نيوزquot; أن quot; البيان الذي اصدره طالباني، ردًا على تصريحاتي التيوصفت فيها التحالف الشيعي الكردي بالاكذوبة، اظهره كزعيم كردي للاتحاد الوطني وليس رئيسًا لجمهورية العراق الذي يتطلب منه الوقوف على مسافة واحد من جميع الاطرافquot;.

وأضاف أنّ quot;التحالف الشيعي الكردي اصبح في الوقت الراهن غير موجود واكذوبة، وظروف مقارعة النظام البائد هي التي كانت وراء تشكيله وقد انتهت بنهاية الطاغية صدام، اما في فترة ما بعد السقوط فكيف نصف التحالفات الشيعية الكردية هل هي تحالف شيعي كردي ضد السنة ام ضد القوميات الأخرىquot; لافتًا الى أن quot;الاكراد لم يكن لهم موقف واضح ومحدد مع الشيعة منذ عام 2003 ولغاية الوقت الحالي يدفع باتجاه عقد تحالف معهمquot;.

وكان العسكري قد اتهم مطلع الاسبوع الحالي في تصريحات صحافية الزعامات الكردية بـquot;اللعبquot; على موضوع الخلافات السنية الشيعية quot;واصفاً quot; الحديث عن ائتلاف شيعي كردي بـquot;الأكذوبة quot; مؤكدًا أن quot; الكرد لم يقطعوا علاقاتهم بإسرائيل quot;حسب قوله. كما قال إن الأمين العام لحزب البعث المحظور عزة الدوري غادر قبل يومين عبر مطار أربيل متوجهًا إلى السعودية مطالبًا بإخضاع المطار لسلطة الطيران المدني مؤكدًا أن مطارات اقليم كردستان لا تخضع إلى السلطة المركزية.

وهذه هي المرة الثانية التي ينتقد فيها مقربون من المالكي الرئيس طالباني حيث كان القيادي في ائتلاف دولة القانون ياسين مجيد قد رد على الرئيس منتصف الشهر الماضي منتقدًا دفاعه عن رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني في خلافه مع بغداد مطالباً طالباني بأن quot;يثبت وقوفه على مسافة واحدة من الجميع وعدم زج نفسه في السجالات السياسيةquot;.

وقال إن الرئيس اطلق عبارات مستغربة وغير مناسبة جداً وليست لائقة بحق نائب في البرلمان له الحق بادلاء ارائه بكامل حريته. وقال quot;إننا نتساءل أمام الشعب العراقي لماذ التزم رئيس الجمهورية جانب الصمت ولم يصدر بياناً عن مكتبه رداً على دعوات الانفصال أو التهديدات المعلنة وغير المعلنة بالحرب التي كانت تصدر من رئيس اقليم كردستان ولماذا لم يصدر رئيس الجمهورية بياناً واحداً حول الاتهامات والاهانات الشخصية التي وجهت من الكتل الأخرى لرئيس الوزراء quot;.

يذكر أن العلاقات بين بغداد وأربيل أزمة مزمنة تفاقمت منذ أشهر عندما وجه رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني انتقادات لاذعة وعنيفة إلى رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي تضمنت اتهامه بـquot;الدكتاتوريةquot; قبل أن ينضم إلى الجهود الرامية لسحب الثقة عن المالكي بالتعاون مع القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر ومجموعة من النواب المستقلين.

ويعود أصل الخلاف القديم المتجدد بين حكومتي بغداد وأربيل إلى العقود النفطية التي ابرمها الإقليم، والتي تعتبرها بغداد غير قانونية فيما يقول الإقليم إنها تستند إلى الدستور العراقي واتفاقيات ثنائية مع الحكومة الاتحادية، إضافة إلى الاوضاع في المناطق المتنازع عليها.