أي هجوم بري إسرائيلي مقرّر على قطاع غزة لن يؤدي فقط إلى تكاليف وأضرار مادية وفقدان الإنتاج، فيما يختبئ الإسرائيليون في الملاجئ، بل سيؤدي ايضاً إلى انخفاض قوة العمل بسبب استدعاء جنود الاحتياط.


الأيام الخمسة الماضية من الهجمات الصاروخية الفلسطينية أدت إلى خسائر اقتصادية فادحة تستمر حتى الساعة، وتكلّف مئات الملايين من الشيكلات. الأضرار المادية تظهر بوضوح في جنوب إسرائيل، لكنّ أجزاءً أخرى من إسرائيل تشعر بالأثر غير المباشر، سواء عن طريق استعداء جنود الاحتياط، وإلغاء العطلات أو انخفاض الروح المعنوية.

وتحدثت صحيفة هآرتس العبرية عن التكلفة الاقتصادية للقتال مع قطاع غزة، مشيرة إلى أن النزاع يكلّف تل أبيب 1.1 مليار شيكل اسبوعياً، وأن التكلفة النهائية للقتال تعتمد على كيفية سير المعركة بين حماس وإسرائيل خلال الأيام المقبلة.

ويشار إلى أن هذا الرقم هو القيمة التقريبية التي احتُسبت بناء على التكلفة الفعلية لعملية الرصاص المصبوب في العام 2008-2009، والتي استمرت نحو ثلاثة أسابيع، لكنها خُفضت إلى حد ما، لأن القبة الحديدية الصاروخية للدفاع تحد من الأضرار المادية الناجمة عن الصواريخ الفلسطينية.

وبحسب التقديرات، فإن معظم التكاليف تأتي من استخدام الذخيرة والوقود لخوض الحرب الفعلية، ويبدو أن الأضرار التي لحقت بالمنازل والشركات والبنية التحتية ستصل إلى نحو 25 مليون شيكل، وفقاً لتقديرات شركة quot;بي دي ايquot; التجارية.

وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن يخسر الجنوب الإسرائيلي 200 مليون شيكل خلال كل أسبوع من القتال، في حين أن بقية البلاد سوف تخسر حوالي 120 مليون شيكل في الأسبوع.

كما أن الإعلانات التلفزيونية في إسرائيل تراجعت بنسبة 20٪ منذ نشوب الصراع الأخير مع غزة، وذلك وفقاً لـ quot;يفعاتquot;، وهي شركة تتابع نشاط وسائل الإعلام العبرية. وقالت إنه تم إنفاق 17.5 مليون دولار على بعض الاعلانات التلفزيونية (باستخدام الأسعار المعلنة للشبكات) من يوم الأربعاء حتى يوم السبت من الأسبوع الماضي، مقارنة مع مبلغ 22 مليون دولار في الاسبوع السابق.

وقام معظم المعلنين بتعليق حملاتهم أو تأخيرها خوفاً من ألا تلقى النجاح المطلوب، لا سيما وأن الناس يصبون تركيزهم على الحرب الدائرة حالياً، إضافة إلى استدعاء الاحتياط. ومن المفارقات أن الانخفاض في الإعلان يأتي في وقت يرتفع فيه عدد المشاهدين، إذ يتسمّر الناس أمام أجهزة التلفزيون الخاصة بهم لمتابعة أحداث القتال.

وأكد دان رون، مدير التسويق في القناة التلفزيونية الإسرائيلية العاشرة، حدوث انخفاض في الإعلان، لكنه قال إن الأمر موقت، مضيفاً: quot;هناك عملاء يريدون إطلاق حملاتهم الإعلانية، لكنهم قرروا التأجيل لبضعة أيام، فيما أوقف البعض الآخر حملاتهم. لكن خلال يوم أو اثنين ستكون الأمور أكثر هدوءاً وسوف يستأنفون نشاطاتهمquot;.

انخفاض الروح المعنوية له ثمنه

وعلى الرغم من أن معظم الإسرائيليين يشعرون بتأثير مباشر ضئيل أو معدوم من صواريخ حركة حماس، إلا أن شركة quot;بي دي ايquot; تقول إن الروح المعنوية منخفضة ومشتتة بسبب الأحداث.

كما أنه مع نشوب النزاع مع غزة، أصبح الإسرائيليون أقل احتمالاً لإنفاق الأموال على الترفيه والتسلية، لا سيما بعد استدعاء العديد منهم للخدمة الاحتياطية في الجيش. وفي حال قررت الحكومة الإسرائيلية المضي قدماً في خططها لتعبئة جنود الاحتياط الذي يبلغ عددهم 30 ألفاً، سيتم إضافة 70 مليون شيكل على التكلفة الاسبوعية للحرب.

وذكرت مصلحة الضرائب أنها تلقت نحو 700 تقرير عن أضرار في الممتلكات متصلة بالحرب بسبب الصواريخ.

ودعا دودي غولدبرغ، رئيس معهد المحاسبين القانونيين، رئيس مصلحة الضرائب دورون أربيلي لإعطاء أصحاب الشركات في الجنوب مهلة أطول إلى نهاية ديسمبر/كانون أول قبل الموعد النهائي لتقديم التقارير الضريبية للعام 2011.

وتشير التقديرات المنفصلة عن أضرار الحرب على المصانع في الجنوب، أن التكاليف وصلت يوم الاثنين الموافق 19/11/2012 إلى 34 مليون شيكل، ليصل مجموع خمسة أيام الى 77 مليون نسمة. وهذا الرقم يأخذ في الاعتبار الإنتاج المفقود فقط، وليس الأضرار كلها.

وأغلقت نحو 70 مصنعاً بالقرب من حدود غزة ابوابها تماماً، باستثناء تلك المصنفة لإنتاج المنتجات الحيوية مثل الغذاء. ويعاني نحو 430 مصنعاً آخر في دائرة قطرها 40 كيلومتراً من غزة من انخفاض في الإنتاج بسبب الصراع من أجل استكمال النشاط خلال عملية اطلاق النار.

quot;القتال في الجنوب يعطل الإنتاج العادي. بالكاد يستطيع بعض الموظفين في المصنع الوصول إلى مكاتبهم بسبب إطلاق النار وصفارات الانذار التي تقاطع الإنتاج،quot;، كما يقول لأمير حايك، المدير العام لجمعية الصناعيين، مشيراً إلى أن هذا الأمر يؤدي إلى تدهور الإنتاج.

وفي الوقت نفسه، قال الاتحاد العام للغرف التجارية إن فقدان التجزئة وتجارة الخدمات في الجنوب يؤدي إلى خسائر تبلغ 90 إلى 100 مليون شيكل في اليوم، مشيراً إلى أن 80٪ من المتاجر والمحال الصغيرة في الجنوب قد أغلقت بسبب القتال.

واقترح رئيس غرفة التجارة أورييل لين على الحكومة الإسرائيلية أن تقر إعفاءات ضريبية مماثلة لتلك التي قُدّمت لأصحاب المتاجر بعد عملية الرصاص المصبوب. فيما حذّر يوسي دي لويا، رئيس غرفة بئر السبع للتجارة والصناعة، من أن استمرار الصراع في الأيام القليلة القادمة سيؤدي إلى إقفال الشركات الصغيرة بشكل نهائي.